“قضية القرن” تتصدى لـ”صفقة القرن” ..!!

Tuesday 28 May 2019 10:42 am
----------
تتداعى الأكلةُ الى قصعتها ويسارع آخرون بتقديم خدمات الضيافة, بغية تناول وجبة شهية يُطلق عليها فلسطين, معتقدين جميعاً أن فلسطين أرض بلا شعب ولا قيادة ولا حليف تاريخي يجب إستشارتهم والتدارس معهم, ودون هؤلاء الثلاث لا يوجد سلام ولا أمن في المنطقة, ولا صفقة قرن قادره على المرور الا عبر البوابات الثلاث المقفلة, فالبوابة الأولى تتمثل بالشعب الفلسطيني الرافض لاي تحرك واي فكر يجعله يغادر ولو جزء بسيط من وطنه, فيما القيادة ترفض تقديم اي تنازلات بعد ان قدمت الحكومات السابقة تنازلات كبيرة, ولم يبقى الا تنازل واحد يتمثل بمنحهم فلسطين بالكامل, وهذا أمر ترفضه القيادة الفلسطينية, بدوره فان الحليف الإستراتيجي وهو الاردن أعلنها منذ اليوم بثلاثية اللاءات التي حيرت القريب قبل البعيد, وهو الوحيد الذي يحق له حسب المقاييس العربية والاسلامية والدولية التدخل في القضية الفلسطينية.
التدخل الاردني يأتي عربياً من خلال المصير المشترك, فأي ضرر يلحق بفلسطين ينعكس بذات القوة على الأردن, وإسلاميا من خلال الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة, ودولياً كون الأردن هو الحاضن الأكبر “للنازحين” الفلسطينين, وهذا كلمة لها معنى واضح وصريح, فحسب وجهة النظر العالمية فأن الأردن وفلسطين وطن واحد, “فالنزوح” لغوياً يكون ضمن الدولة الواحدة فيما “اللجوء” يتمثل بالإنتقال قصراً من دولة الى أخرى, وهذا يعني ان للأردن دور تاريخي تلعبه في القضية الفلسطينية وليس كالآخرين الذين يحاولون سرقة دور صغير يكون تأثيره كارثياً على قضية القرن.
صفقة القرن أوسع من فلسطين, فهي صفقة لتغيير واقع قرن من الزمن تم فيه استقلال جميع الدول العربية من الإستعمار الغربي, فهل يُعقل أن نعود الى ما قبل قرن من الزمان وتتقاسم الدول الغربية الوطن العربي؟, أم ان الدور الآن بات محصوراً بالولايات المتحدة لتفرض سيطرتها ووصايتها على الأمة العربية, كما فعلت الدول الأوروبية في القرن الماضي, لذا فإن التخطيط كان منظماً ودقيقاً, وبدايته بإضعاف الكيانات العربية المؤثرة من خلال الخريف الدموي القاتل الذي ضرب عديد الدول العربية, ونجا منه البعض بفضل الفكر المُتطور لدى هذه الشعوب أو بسبب الرغبة الأمريكية في الحفاظ على بعض الكيانات, حتى تلعب دوراً هاما في قضايا خطيرة في قادم الأيام, وهذه الدول حصلت على الدعم الأمريكي للقيام بما تريد, فيما تُغمض الإدارة الأمريكية عينيها عن افعالها مقابل مواقف محددة في قادم الأيام, ليذهب الموقف العربي الموحد أدراج الرياح, وتبقى فلسطين وحيدة والأردن المحاصرة تتحمل مصائب وجرائر ما يجري.
فبعد التدمير العسكري والتناثر السياسي بفعل قوة الخريف الدموي, تم فرض مجموعة من القرارات التي إنحنى لها العرب, من نقل السفارة الأمريكية الى القدس, ومنع المعونات عن الحكومة الفلسطينية, لفرض المزيد من الضغوطات للموافقة على الحضور المستقبلي لمؤتمر البحرين الإقتصادي الذي يغيب عنه الفلسطينيون والاردنيون, ويرفضه الشعبان على الرغم من نداءات بعض الموالين للكيان الصهيوني الأمريكي بالحضور, وبغياب المهمين تتزايد التوقعات بالفشل الذريع لورشة العمل الإقتصادي كون مجموعة المشاريع المطروحة على طريقة “العصى والجزرة” تقوم على لغة الإبتزاز الإقتصادي للحصول على قرارات سياسية تنهي القضية الفلسطينية للأبد.
وختام الحديث, لو وقع العالم أجمع على الحل النهائي للقضية الفلسيطينة دون أن يبصم الشعب الفلسيطيني على مواثيق الحل, فإن كل ما يجري مجرد “حبر على ورق“, ولن يمر, وهناك سابقة تاريخية لهذا الموقف, حين رفض الكيان الصهيوني الإنصياع لقرارات الأمم المتحدة , وبالتالي فإن الصهاينة ليسوا بافضل حال من الفلسطينين المتشبثين بأرضهم حد الموت, فهم ليسوا هنود حمر يذوبون في المجتمع المحتل ويرتضون بحياة الهوان والزوال.