اليمن .. قرن من الدماء والإنتصارات..!!

Thursday 21 May 2020 9:32 am
----------
تمر غالبية دول العالم بفترات طويلة من السلم وتوقف الحروب، لكن هناك دول في التاريخ لم تتوقف فيها الحروب واستمر فيها القتل والقتال، ومنها دولتي فلسطين واليمن اللتين تباين فيهما الوضع، ففلسطين ما أن إنتهت من الإستعمار التركي حتى دخلت في عهدة الإستعمار البريطاني، الذي سلمها باليد إلى الإستعمار الصهيوني على مرآى من العالم والعرب أجمعين، وفي نهاية الأمر إنصاع الجميع للقرار البريطاني، بل أصبح البعض يروج على أنه أفضل قرار في تاريخ الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
بريطانيا الدولة التي ألحقت الضرر الأكبر في الأمة العربية، ولا نجد مصيبة إلا والإشارات تدل عليها، فبريطانيا إتفقت مع الإستعمار التركي على تقسيم اليمن وفرضت نفسها كبديل لظلم جديد، لكن اليمن ومنذ قرن من الزمن تحظى بالقوة على أراضيها حيث يصعب المسير في جبالها الوعرة ، فرفض إمام الزيدية يحيى المتوكيل هذه الإتفاقية وخاض الحرب إلى جانب البريطانين ضد تركيا التي خرجت من اليمن، ولكن ابناء بريطانيا رضعوا الغدر والخيانة، فقرروا تقسيم اليمن على طريقتهم بتسليم مناطق السواحل للأدريسي، وظن البعض أن سبب هذا القرار هو عشق لندن للإدريسي ولم يتنبهوا إلى أنه عشقها للسيطرة على عدن.
هذا الأمر لم يجد قبولا عند المتوكل الذي خاض حرباً لمدة عقد من الزمن لأجل جعل اليمن موحدة، وعندها تدخلت السعودية وخاضت حرب مع اليمن لنصرة الإدريسي استمرت لخمس سنوات، وظن البعض ان اليمن ستهدأ لكن ثورة الدستور عادت لتشعل اليمن من جديد حتى تولى الحكم عبدالله السلال حيث إنقلب على النظام الحاكم وأسس لحكم جديد، وخاض حروب شرسة بجانب الجيش المصري ضد السعودية دعماً للإمام محمد البدر، وانتهت الحرب بإنتصار اليمنين، قبل أن ينقلب أصدقاء السلال عليه.
إنسحبت بريطانيا من اليمن نهائياً وتركت كعادتها بؤوة للصراع والقتال في المنطقة، حيث تشكلت جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية في الجنوب الى جانب اليمن الشمالي , ولم يطل الوقت حتى دخل جزئي اليمن في حرب شعواء لتنتهي الحرب باتفاق الوحدة، ثم جاء الخريف الدموي وتبعه قصف قواعد القاعدة والهجمات المتبادلة بين السفن الأمريكية وقوات القاعدة، ليتطور الوضع إلى حرب داخلية جديدة كان دورها الأبرز للحوثيين الذين دعمتهم واشنطن ضد القاعدة قبل أن ينقلبوا على الجميع، وهنا قامت دول التحالف بشن حرب طويلة الأمد على اليمن.
هذه الحروب جميعاً لم تنقذ الشعب اليمني من الفقر والمرض والقات، بل كانت السبب الرئيس في زيادة أعباء شعب عريق الأنساب فمات الكثيرون تحت وطأة الجوع والمرض والصواريخ، ورغم ذلك لم تستلم اليمن وانتصرت في جميع حروبها مع القادمين من خارج البلاد، فيما صراعاتها الدخلية إما قبلية أو نهضوية أو دينية، وبالتالي فإن جميع المقتتلين يمنيون يعرفون جغرافية البلاد الصعبة جداً، لذا فإن حربهم ستطول، فيما يخرج كل من يغزو اليمن مهزوما حيث تقف وتنتصر الطبيعة لأصحابها، لنشعر بأن اي حرب على اليمن ستستمر إلى يوم يبعثون حيث لا تنفع الطائرات والدبابات والصواريخ غالية الثمن وعالية التاثير في قهر شعب يتخذ من الجبال بيوتا، لتغيب بسمة اليمن السعيد في ظل قرن من الدماء التي لم تتوقف والإنتصارات الزائفة داخلياً والحقيقة على القوى الخارجية، ليتساءل اليمنيون إلى متى ستسمر الحرب والقتل في بلادنا وما هو السبب الحقيقي.؟!!
*صحفي اردني