زبطة حرة : صناعة الحدث

Monday 30 November -1 12:00 am
----------

 ظهر المنتخب اليمني في افتتاح مشواره ببطولة كأس مجلس التعاون الخليجي لكرة القدم في نسختها الـ22 التي تستضيفها حالياً العاصمة السعودية الرياض، بصورة مغايرة لكل التوقعات الباعثة للانهزامية، ليخرج عن النص التقليدي – في صورة متحدٍّ- معلناً تفوقه على نفسه ومرحلة استعداده البدني والفني ومبارياته التجريبية، ومتفوقاً أيضاً على مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية التي تمر بها اليمن، والملقية بظلالها المحبطة فوق رؤوس الجميع، المكسرة لمجاديف التفاؤل، ونوافذ الأمل.
هي المرة الأولى لي منذ تصفيات كأس العالم 1994م، التي أشجع فيها المنتخب اليمني، وبتعصب أيضاً هو الأول من نوعه، وأظهر حماسة لم أعهدها منذ ما بعد ذلك التاريخ اللعين، طوال عمر المباراة، مع تعابير غضب تجاه حكم المباراة الذي أظهر تحاملاً واضحاً في أكثر المشاهد اليمنية خطورة على مرمى البحرين، الذي نجا بأعجوبة من اهتزازات عدة، لولا افتقار اللاعب اليمني الموهوب، للخبرة التي هي محصلة للاحتكاك والاستعداد الجيد وفق خطط وبرامج يتم إعدادها وتنفيذها بشكل منهجي منذ وقت مبكر.
أكثر ما شد انتباهي في المباراة، هو الأداء الرائع المعزز بحماسة اللاعبين، المسكون برغبة بدت واضحة لتحقيق نتيجة إيجابية، تخرجهم من جلباب المشاركات السابقة، لترسم بسمة على محيا جماهير اكتظت بها المدرجات وأخرى تسمرت خلف شاشات فضية، ظلت ممسكة بأمل إحراز هدف لم يأتِ، لكنها ابتسمت في النهاية برؤوس مرفوعة، محدثة نفسها بصوت عال: “نستطيع صناعة الحدث والمنافسة وتحقيق الانتصار متى احترمنا ذواتنا واعترفنا بقدراتنا وقدسنا الوقت والتخطيط، نعم نستطيع”!.
الجالية اليمنية، أبت إلا أن تسجل حضورها بقوة، ومساندتها للمنتخب، في صورة بديعة، رغم حالة الانقسام التي يعيشها الجمهور الرياضي في اليمن، حول المنتخب والشأن الرياضي عامة والكروي خاصة، تبعاً للانقسام الجيوسياسي الراهن، عكس ما كان سابقاً قبل عام 90م، إبان الدولتين والمنتخبين، حيث شهدت مدينة الرياض وملعبها “الملز” أكثر اللحظات اليمنية الصادقة توحداً، حين كان يلتئم جمهور الشطرين لتشجيع أي المنتخبين، لكن مشهد اليوم، منتخب واحد، عادت جماهيره للانقسام جغرافياً، في عالم الساحرة المستديرة التي لا تخضع لاعتبارات الجغرافيا والجنس واللون واللغة والمعتقد، وغيرها من المعايير التمييزية التي أنتجها البشر لتحكم علاقاتهم وتتحكم في توجهاتهم وميولهم.
غداً يخوض المنتخب اليمني التحدي الثاني له أمام العنابي القطري الذي لا يقارن بالبحريني، فهل يستطيع الحفاظ على الصورة البهية التي تجلى من خلالها، وكسب معها إعجاب وإشادات المتابعين والنقاد، أم يكتفي بالنقطة المسجلة، ليستعيد لقبه الضائع “منتخب ابونقطة”؟

ماتش: