باصمد .. العاشق الزاهد

Monday 30 November -1 12:00 am
----------

* على طريقة ذلك " الهندي" الذي إذا أفلس فتش في دفاتره القديمة .. إستقرأت السلالات "الأرستقراطية" التي مرت عبر بوابة نادي التلال النادي اليمني الذي مرت مئويته مرور الكرام على موائد اللئام.
* إكتشفت .. وبعض الإكتشافات مكررة أن النادي العملاق إحتضن في إداراته "صفوة" من النخب السياسية سواء كان ذلك في عهد البلاشفة والمناشفة .. أو حتى في عهد وحدة ما بعد يوليو الأسود..وقد تعددت الأسماء "السياسية " التي ذاع صيتها إستناداً إلى سمعة وشعبية وعراقة عميد أندية الجزيرة والخليج .. فالتاريخ يقول بالصوت والصورة وشاهد الحال أن من يترأس نادي "التلال" يصبح في شعبيته رصيداً من الأضواء أكثر من رئيس الجمهورية..لكن رجلاً ينتمي إلى الطبقة "البرجوازية" إخترق "العادة" التلالية وفي غفلة من التاريخ وأرقامه ومعطياته لبس التاج التلالي في وقت كان مصطلح "الزمرة" و"الطغمة" ينضج على نار هادئة.
* يسجل التاريخ الذي لا يقرأه "المنافقون" و"لصوص" السطو على "الحقوق المحفوظة" أن العم "سالم باصمد" كان يمتلك دكاناً أحمراً قاني اللون .. وكان يتسلح بعشق "التلال" فهو"ماله".. ووسادته التي ينام عليها قرير العين..مرتاح الضمير.
* جل الذين ترأسوا نادي التلال "حلبوه" وحققوا أغراضهم ، ووصلوا إلى مكانة رفيعة في السلالم السياسية ومناصبها المكهربة .. إلا "سالم باصمد" الذي خرج من النادي مفلساً فقد كان دكانه في خدمة "التلال" .. ما إن يعطس التلال حتى يصاب "باصمد" بالزكام.
* الذين تنكروا للعم "سالم باصمد" وبخسوه حقه هم ذاتهم الذين بخلوا عليه بشهادة تكريم أو درع تقدير .. وهم ذاتهم الذين باعوا أصابع التلال ، وخلوا جسمه للديدان ليس لأنهم لم يقرأوا السيرة "التلالية" للرمز "سالم باصمد" .. ولا لأنهم تناسوه في زحمة "الحشوش" في المقاهي والمولات .. ولكن لأنهم يعلمون أن تكريم رجل مخلص ضحى بالغالي والنفيس من أجل ناديه كفيل بسحب البساط من تحت أقدامهم "المتطحلبة".. وعودته للأضواء من جديد ، وهو الذي سخر ماله للتلال وخرج من القلعة الحمراء مع الأسف والاحترام.
* وسالم باصمد "تاجر" على قد حاله عندما غامر وقامر برئاسة نادي التلال في مرحلة "غربان يا نظيرة" لم يكن الرجل ملماً بنصوص ومستندات كتاب "رأس المال" لصاحبه الماركسي "كارل ماركس" .. فقط كان قلبه ينبض للتلال .. سخر ماله ودكانه وأولاده لصالح التلال..وباصمد الوحيد الذي لم يتذمر أو يشتكي من "أمانة" التلال .. لم يبسط "مشدته" في الجوامع ليشحت بإسم التلال لأنه كان رجلاً تلالياً معتزاً بكرامته وكرامة ناديه .. كان يجمع ما تيسر من دخل دكانه اليومي ثم يسارع به ليحل مشكلة تصادف ألعاب النادي.
* لست في حاجة للقول أن بقدومه لرئاسة نادي التلال جاء الخير معه وفي أثره .. فكل عاشق تلالي غير ضال ما زال يحتفظ للعم سالم بأجمل الذكريات .. وقصة العم سالم مع التلال أشبه بقصص الهوى والجوى بين قيس وليلى ، وروميو وجولييت .. ضحى بصحته وماله ووقته ليسعد التلاليين وما زلنا نذكره على أنه الرئيس التلالي الوحيد المخلص الذي خرج من التلال وهو لا يمتلك إلا الستر .. بعكس من سبقوه ومن تلوه فقد امتصوا من دماء التلال ، ما جعلهم يخرجون من "النوافذ" وهم على علم بكنز "قارون" أين يسكن .. وسيارات "أوناسيس" في أي "جراج" تربض..؟!
* لا أدري عن أحوال "سالم باصمد" شيئاً .. لا أدري هل ما زال يحتفظ بدكانه التلالي الذي كان قبلة للاعبي التلال أم أن الزمن جار عليه ، كما جار على الأندلس التي رثاها "أبو البقاء الروندي" بقصيدة متقلبة كالأيام على أساس أنه من سره زمن ساءته أزمان.
* لو كنت مكان "عارف يريمي" الرئيس المؤقت الذي يستعد للرحيل بعد أن رأب الصدع في النادي ، الذي كان بمثابة "بيضة القبان" للمتطحلبين والهبارين لسارعت قبل خروجي من النادي مكللاً بالغار إلى تكريم العم "سالم باصمد" في حفل خاص نستذكر من خلاله مآثر الرجل وحبه العذري العفيف للتلال .. فقصة "باصمد" مليئة بالعبر والمواعظ .. فربما يستيقظ التاريخ من سباته ، ويبعث للتلال بباصمد جديد .. يكون مالكاً لشركات ومصانع توازي من حيث العشق للتلال دكان "سالم باصمد" الذي رأس النادي محباً .. وغادره عاشقاً .. ويشجعه زاهداً في حياة ناد قدم له الكثير ولم يمنحه في النهاية سوى ورقة "الستر".
* أكن معزة خاصة للعم "سالم باصمد" فهو أنموذج للرجل البسيط الذي راهن على عشقه للتلال وكان مصراً في الثمانينات على نكش عش الدبابير في التلال .. ووحده العشق كان يحركه .. والهوس بناديه كان يميزه عن دونه من الآخرين .. ولم يكن الرجل مغرماً بالأضواء ، ولا مهووساً بتحويل حبه للتلال إلى عناوين صاخبة على صفحات الجرائد .. كان زاهداً مقلاً في الكلام .. ومن لا يتكلم كثيراً يعمل كثيراً .. ولو أن للتاريخ لساناً من نار لقال : سالم باصمد أعظم رئيس في تاريخ نادي التلال .. ومن أعجبه كلام التاريخ أهلاً وسهلاً .. ومن لا يعجبه ، عليه أن يخبط دماغه في جدار الغرفة ، التي ما زالت شاهدة على أن "سالم باصمد" كتب عشقه بدمائه ، التي ما زالت تسبح ببلازما التلال .. ولأن الناس في الدنيا معادن .. فباصمد معدن تلالي أصيل والله أصيل.

 

نقلا عن صحيفة الايام الرياضي: