محمد العولقي يكتب عن الأحمدي"الملك"الذي لم يتنازل عن عرشه

Monday 30 November -1 12:00 am
محمد العولقي يكتب عن الأحمدي"الملك"الذي لم يتنازل عن عرشه
----------
 
حمد الأحمدي" .. المخ الذي يقرأ بالقدم..!!!
إلياذة كتبها / محمد العولقي
* "المايسترو" الفنان .. عازف الألحان في جنة الأشجان !
* "الأحمدي" لو لعب بركان يتفجر غضب !
* حكيم "الوحدة" مصدر من مصادر السعادة .. ومضاد حيوي للتعاسة!


.. للكرة اليمنية ملك .. وللملك تاج لا يراه إلا الأصحاء ..
تربع على عرشها .. فعبدت طريقه بالنجباء ..
أبدا لا يتكور .. لا يجلس القرفصاء .. ولا يعرف لغة الانحناء
"أحمد الأحمدي" .. من حارات الشيخ عثمان .. ولدت معه حكمة لقمان ..
كان مصدرا من مصادر السعادة .. ومضاد حيوي لشيء اسمه التعاسة ..
لم يأبه في بداياته للانحناءات .. والانكسارات .. والإلتواءات
شب في حديقة خضراء غصونها دانية .. على ربوة عالية ..
كان مدربوه يعلمون .. أنه الملك المنتظر لفرسان الفيحاء ..
بسرعة البرق .. انطلق يتلو قصائده الغجرية ..
ويبث برامجه على موجات الأثير العصرية ..
ويرسل من ناديه "الوحدة" خطاباته النارية ..
كنز "مهدي سعيد عاطف" يرى النور ..
يمارس تجلياته وسمره الكروي فوق المصلى ..
يومها لم تشتك النجوم .. وهو يعددها ..
كان في قلبه "أنشودة" يرددها ..
أنا الملك .. سلطان الزمان وحكيم المكان ..
ولد بدرا منورا .. لم يمر بمنعطفات ومسارات القمر ..
بزغ من بين الغمام .. لأسراب الحمام .. كان يصدر هديله ..
ولأسراب "السنونو" .. كان ينكمش داخل نفسه ليعود بالربيع كله ..
"أحمد الأحمدي" توسع نفوذه .. وبسط مواهبه .. فكان "مكوك" يحلق فوق النجوم ..
وقالها جمهوره ومحبوه .. وداعا للأتراح .. وداعا للهموم ..
توجوه قائدا ميدانيا "للأخضر" الهمام .. فتلاشت علامات الاستفهام ..
"الأحمدي" قائدا للوحدة .. إشهار ليس كباقي الإشهارات ..
وإعلان حصري بثته الوكالة "الخضراء"
ولم يتأخر رده .. فبدأ يصيغ ملاحمه الكروية على سماء الروضة الخضراء
بسيفه وقرطاسه وقلمه .. كتب معلقاته الكروية .. وعلقها على أستار قبة الفيحاء ..
بدأ أولى معلقاته في صيف لاهب من عام 1981
على ملعب "الحبيشي" .. كانت المبارزة ..
تلال بعتاده وقوته الضاربة .. ووحدة بشبابه وموهبته الخارقة ..
اضبطوا الساعة .. "الميقاتي" يشير إلى الدقيقة 18
الكرة تهرب من السمان .. يخطفها "الأحمدي" الفنان ..
من الوسط يعزف أجمل الألحان ..
يسرق مساحات شاسعة لدفاع تلالي تراجع مده
لم يجرؤ أحد ليوقفه عند حده ..
وبومضة عبقرية .. وبكبسة زر يراوغ بقايا الدفاع الأحمر
.. وبيسراه يسدد كرة ماكرة انفجرت "زغرودة" حلوة رنت في المرمى التلالي ..
هذا "الأحمدي" لو لعب .. بركان يتفجر غضب ..
هدف "مارادوني" فغر أفواه المشاهدين والمتابعين والمراقبين ..
من شاهد "الأحمدي" يصول ويجول طوال مسيرته الرائعة .. يشهد بأنه لم ير لاعبا متكاملا وبارعا وحاذقا وماهرا ..
للأحمدي ثلاث عيون .. هذا ما تؤكده بديهيات الفنون ..
عين ترصد الشاردة والواردة تغربلها .. وعين تمسح الاحتمالات كرادار يكمن في العيون فتولد الحلول في جزء من الثانية ..
وعين ثالثة .. تنفذ المطلوب وتستوعب المفروض ..
في أندونيسيا 1988 سلخ جلد الدب الكوري .. وباعه في أسوأ مزاد
راوغ .. وراوغ فخشي المدرب الكوري أن يراوغه .. أغمض عينيه برهة
عندها أنسل "الأحمدي" يتلوى على العشب مثل أفعى رقطاء
وأهدى كرة ملفوفة بورق الحلوى .. وكان على "ماهر حسن" أن يقبل السلوى .. ويحلق للشمشون على موضة "الأحمدي"!
وذات مساء دولي .. أربك "الأحمدي" نظام "الكمبيوتر" الياباني
بهدف غنت له صاحبة الصوت الدافئ "نجاة الصغيرة" شكل ثاني ..
واحتفل "الأحمدي" بهدفه الأسطوري .. وترك اليابان تعاني ..
.. للأحمدي مخ .. يقرأ بالقدم .. ينثر إبداعاته من العدم ..
متحفه ذكرى لكل عابر سبيل .. لا يسأل عن الرحيل ..
ينتصب في وسط الملعب كأشجار النخيل
قامة باسقة على أرضية النجيل ..
في رمشة عين ينفجر هذا النحيل
يوزع عطاياه بالمجان ويطرد البخيل
من كهفه تنطلق سهامه .. ومن محرابه يطلق رماحه ..
مرة نثر المسرة .. بهدف من خارج المجرة ..
من منتصف الملعب .. سدد كرة ثعبانية ملتوية ..
سكنت مرمى التلال ..في مباراة مصيرية ..
هدف إعجازي .. ماركة مسجلة باسم الملك الذي لم يفقد تاج مملكته ..
عشق الكرة فبجلته وتوجته ملكا على رقعتها الجغرافية ومياهه الجوفية ..
أخلص لمعشوقته فأهداته ورد نيسان .. وزهر جنانها ..
أتلفته إصابة لعينة .. حرمته من فاتنته ملهاة لياليه
ركبوا قدمه على مجهر التشريح .. فكانت الآلام تزوره بالتقسيط المريح
رفض الوداع .. مفضلا البقاء في الذاكرة كملك لم يتنازل عن ملكه ومملكته ..
في المنتخب .. كان "الأحمدي" زهرة قرنفل .. وفرحة في ثوب عيد ترفل ..
في الوحدة .. رسم على شبابيك "الشيخ عثمان" بعينيه أهلة .. لجمهور يجله .. ولا يمله ..
"الأحمدي" لاعب من فصيلة نادرة .. لأنه جمع بين المحصلة التعليمية والحصاد الرياضي ..
بأخلاقه .. تدرج في مناصبه .. بات نجما في عمله .. تماما كما كان لاعبا ناجحا في ميادين الحذق التدريبي ..
غادر برصيد "مليونير" في بنك القلوب
كان حساسا وأنسانا استثنائيا ..كثيرا ما كان يسقي وردة الحب بدموعه وأشجانه ..
لأجل عيون محبيه .. لعب مرة للوحدة ببطن شبه مبقورة ..
للتو خرج من غرفة العمليات .. استأصل "الزائدة الدودية"
لم يأبه لتحذيرات الأطباء .. كان النداء في داخله أقوى من صحته ..
أنه نداء المعشوقة والعشق عند "الأحمدي" معنى وفن .. مهما كلف الثمن ..
"الأحمدي" حبة زمرد خضراء في تاج السلالة الوحداوية ..
تعملق شابا حتى أن موهبته كانت تأكل جسمه .. كما يأكل المهند غمده ..
وصل إلى أعلى درجات "التعقل" فكان "الحكيم" الذي يأمر فيطاع ..
لم يكن يتعامل مع زملائه على طريقة "سقط المتاع"
كان اجتماعيا وقلبه على "الوحدة" دائما ملتاع ..
يساعد الجميع بحب وود بقدر المستطاع ..
و"الأحمدي" كمبيوتر بقدمين .. ومن "حاسوبه" تنطلق موجاته وراداراته
سرها باتع في "همس" الجفون .. تفرزها أشعة ليزرية تسكن في "العيون"
.. كان صنونا للقمر .. في طرفه حور .. تنساب على وجهه كل الصور ..
للوحدة أبطاله .. وفلتاته .. لكن "الأحمدي" كان خلاصة الخلاصة ..
أبدع لاعبا ..وتعملق قائدا فذا .. وتألق ملكا يحب رعيته ..
من الروابي الخضراء أينع رأسه .. وهناك تعلم فنون الكياسة
تفوق التلميذ على أساتذته .. فتحول إلى "محاضر" درجة أولى
في طريقه للروضة الخضراء .. اجتاز الحواجز والسدود .. وتخطى الحدود
أنه "القيدوم" الجديد .. الواثق بمشية الملوك .. بقلب من حديد
"الأحمدي" ذو إيقاع سريع .. إياك أن تمنحه ثانية ليرفع رأسه
بلمسة ساحرة يتحرر من "قوالبه" ويقك قيود مهاجمه
وبكرة مسمومة واحدة يصيب دفاعات الخصوم في مقتل
فتصبح منطقة الجزاء في قبضة محتل .. وبدفاع معتل ومختل ..
كان يفكر وينفذ في الوقت نفسه .. يمتص أعباء فريقه فيتعطر بحلولها
صانع ألعاب فنان .. يستطيع أن يحسم مباراة بنصف تمريرة حتى لو لعب على عكاز !
يقبل ولا يدبر .. يكر ولا يفر .. فارس يغسل الخيبة بأمواج قلبه .. وأبدا ليس من هواة "قفا نبك"!
ولد في زمن "الفطاحلة" و"العمالقة" .. لم يرعبه زمنهم .. تسلح بموهبته وغذاها من عبقريته .. فصنع لناديه ومنتخب وطنه مجدا لا توازيه كنوز الذهب ..
كان خصومه يتمنون أن تدفنه نوبة زكام ..وأن يتوه وسط الزحام .. أن لا يلعب فهذا "الفهد" في تنهيدة يستطيع أن يشيع خصومه إلى مثواهم الأخير ..
كان المدافعون يتلصصون على دقات قلبه .. لأنهم يعلمون أن المباراة عند "الأحمدي" دقائق وثواني ..
يستطيع أن يفك حصاره بلمسة .. بهمسة..بفضل عقليته وخلايا "مخه" وسرعة بديهيته وفلسفة لاتينيته ..


بطاقة ملك *********
الاسم: أحمد مهدي سعيد عاطف
اسم الشهرة: الأحمدي
اللقب: ملك الكرة اليمنية
الصفة: كابتن نادي وحدة عدن وصانع ألعاب المنتخب الوطني
تاريخ الميلاد:1961
محل الميلاد: الشيخ عثمان
تاريخ انضمامه للفريق الأول: 1980
أول مشاركاته مع المنتخب: بطولة كأس فلسطين للشباب في المغرب 1982
نهايته الكروية: تعرض لإصابة قوية في الركبة عام 1990 فغادر الملاعب مع الأسف والاحترام
أجمل لحظاته الكروية: عندما لعب أساسيا مع المنتخب الموحد أمام أثيوبيا في أبين عام 1988 وصنع هدف التعادل لشرف محفوظ بمهارة وذكاء
* إنجازاته **********
الفوز ببطولة الدوري مرتين متتاليتين عامي 1987 و1988 والفوز ببطولة كأس الجمهورية ثلاث مرات أعوام 1984و1987و1988 الفوز ببطولة كأس العمال عام 1985
الفوز بلقب نجم الدوري لعامي 1981 و1988
خصوصيات **********
- لم ينل "الأحمدي" في حياته ومسيرته الكروية أي كارت أحمر، وكان يتحلى بالأخلاق الحميدة والقيادة المحنكة.
- احرازه لهدف خرافي في مرمى التلال عام 1981 بعد أن سار بالكرة أكثر من ستين مترا مراوغا كل من قابله فكان هدف الأهداف.
- احرازه لهدف "أوكروباتي" في مرمى التلال عام 1988 في نصف نهائي الكأس من تسديدة طائرة من حدود منتصف الملعب.
- لا ينسى هدفه الرائع في مرمى منتخب اليابان عام 1982 في "دلهي" وهو الهدف الذي ثبت أقدامه في المنتخب كلاعب أساسي.
- ومضة عبقرية قدمها "الأحمدي" أمام منتخب أثيوبيا مع المنتخب الموحد .. عندما راوغ خمسة لاعبين قبل أن يهدي الكرة على طبق من ذهب لشرف محفوظ الذي قبل الهدية.
- كان أول قائد في تاريخ كرة القدم في "الجنوب" يرفع درع الدوري وكأس الجمهورية في موسم واحد عام 1988.
- وصفه لاعبو كوريا الجنوبية بأنه خارق انعكاسا لما قدمه أمامهم من مستوى راقٍ توجه بتمريرة حريرية لماهر حسن الذي سجل التعادل في مرمى كوريا في تصفيات آسيا بأندونيسيا عام 1988.
- اللاعب الوحيد الذي كان محبوبا من جماهير التلال تحديدا لم يتمتع به من سجايا وخصال ودماثة أخلاق.
ملك البلنتيات *******
أشتهر "الأحمدي" بطريقة خاصة عند ينفذ ضربات الجزاء كاختصاصي وحداوي .. وكانت الطرق التي يختارها مبتكرة وتوقف قلوب جماهير الوحدة .. كان يتعمد إرسال الكرات سهلة أما منخفضة .. أو مرتفعة .. كسب الرهان كثيرا أمام حراس عمالقة من وزن التلالي "إبراهيم عبدالرحمن" والشمساني "عادل إسماعيل" والجيشاوي "طارق ربان" .. الطريف أن "الأحمدي" أضاع ضربة ترجيح في نصف نهائي كأس الجمهورية بحكم أن حارس التلال الصاعد آنذاك "مختار محمد حسن" تفطن للخدعة فصعد بالتلال إلى النهائي!
ومضة عبقرية ********
أختار النقاد الرياضيون والمدربون تمريرة الأحمدي عام 1984 في نصف نهائي الكأس أمام التلال .. كتمريرة الموسم لأنها جمعت بين المكر والذكاء والتحرك السليم بدون كرة .. وكان الأحمدي قد نفذ هذه التمريرة البارعة والمتقنة في الشوط الأول عندما مرر من مسافة خمسين مترا كرة تلتف في حرير للمهاجم "خالد خميس" الذي نفخ في الكرة لتدخل مرمى إبراهيم عبد الرحمن!.
خيبة أمل *******
أكبر خيبة أمل في تاريخه مع الوحدة .. عندما خسر فريقه بطولة الدوري عام 1981 في الأمتار الأخيرة .. حيث ذهب الدرع لفريق شمسان بفارق نقطة .. ورغم أن الأحمدي فاز بلقب نجم الموسم .. إلا أن اللقب الفردي لم
يسعده وظل اللقب الهارب غصة في حلقه إلى أن عانق المجد عامي 1987 و1988
حالة نادرة
رغم أن الملك "الأحمدي" كان قلبه جامد أثناء المواقف الصعبة .. إلا أنه ولأول مرة كقائد للوحدة .. تخلى عن دوره الاختصاصي في تسديد ضربات الجزاء المصيرية .. حدث ذلك في نهائي بطولة الكأس عام 1988 عندما تحصل الوحدة على ضربة جزاء سليمة في الوقت الإضافي أمام التلال .. وهنا تنازل الملك عن تخصصه لصالح المدافع الواعد "خالد عفارة" الذي لم يخيب ثقة "الملك" فسجل هدف التتويج .. وبدأ وكأن الأحمدي يسلم راية "البلنتيات" للعملاق "العفرور".