كرة القدم .. إسراف في الإمكانات.. وخيبة في الإنجازات!!

Monday 30 November -1 12:00 am
كرة القدم .. إسراف في الإمكانات.. وخيبة في الإنجازات!!
----------

كتب – شكري الحذيف:


التطور سنة الله في الكون... وعنوان تقدم الإنسانية، والتاريخ يخطو إلى الأمام، ويقفز وثباتٍ دون جمود أو توقف إلاَّ كرة القدم عندنا.. فعجلة التطوير تتحرك في بلدان اللعبة الأعظم شعبية إلاَّ في ملاعبنا التي لم نتمكن من استثمار وجودها في تحديث الكرة، وإحداث نقلة نوعية منذ عقود خلت.. وخلت من كل شيء إلاَّ طفرة منتخب الأمل عام 2002م التي شهدت عملاً حقيقياً، وتخطيطاً ودراسةً إستراتيجية مبنية على أسس سليمة، ومعايير صحيحة، وآلية تنفيذية، استمددناها من الخبرة الألمانية بقيادة الخبير الكروي سبتلر.

الطرشان في اتحاد القدم

عقود عجاف تتوالى.. والعجز في الفكر والتخطيط لدى المتعاقبين على اتحاد عام الكرة رغم أن معظمهم أتوا من البيئة الرياضية، غير أنهم لم يتمكنوا من استثمار اقترابهم من الرياضة وخوضهم تجارب كروية في حقبة كانت هي الأصعب وتتسم بالهواية أكثر من الاحترافية.. ومع هذا فإن هؤلاء النجوم أفلوا سريعاً عندما تسلموا الإدارة الرياضية واللجان الفنية في اتحاد القدم.. فذابت شخصياتهم، وتاهوا في دهاليز مبنى الاتحاديين.. وشاخت أفكارهم مع الشيوخ.. وارتضوا أن يكونوا «أطرش في الزفة».. حتى أنهم خيبوا آمال الجماهير اليمنية.. إذ كان المعوَّل عليهم في إسعاد الجمهور الرياضي، ونقل همومهم وتحويلها إلى إنجازات حقيقية... باعتبارهم أفضل الكوادر القادمة من الوسط الرياضي.. لكن ما فيش فائدة... الآمال أصبحت تأوهات وآلاماً.. والتفاؤل دفن قبل ولادته.. والشكوك تحوم حول نجوم الكرة الذين يقدمون إلى كرسي الإدارة في اتحاد القدم حول نجوم الكرة الذين يقدمون إلى كرسي الإدارة في اتحاد القدم، إذ أن هموم الكرة والمصلحة العليا للرياضة اليمنية تحبس في الأدراج.. ويبدأ هؤلاء بتنفيذ أجندتهم الشخصية، ومصالحهم الخاصة.. فكانت النتيجة الوضع الخائب الذي تمر به الكرة اليمنية.. فإذا كان هذا حال وواقع من عولنا عليهم إحداث التغيير كونهم رياضيين، فما بالك بالذين قدموا من أجل المنصب والشهرة على حساب أهل الرياضة والرياضيين؟!.

بين حانا الوزارة ومانا الاتحاد!

لقد تراجعت الكرة اليمنية على مستوى التصنيف العالمي فيما تقدم غيرها ممن كان آخر الركب.. ولعل السبب الرئيسي في هذا أن منتخبات الدول المتخلفة لم تتخلف إداراتها، بل تطورت، ولم تجمد بل تحركت نحو المقدمة، مع أن مقارنة بسيطة بين الإمكانات المرصودة لمنتخبنا مع الإمكانات المادية التي رصدتها تلك الدول لمنتخباتها تؤكد أننا قد بالغنا وأسرفنا في منح منتخبنا الوطني الدعم المالي والمكافآت والمعسكرات المحلية والخارجية في أفريقيا وأوروبا وآسيا لكن النتائج كانت دائماً هي كارثية وتعلت «الصدمة» وتؤكد أننا لانمتلك عقولاً تفكر، ولاإدارات تخطط، ولاإرادات تتحرر من أغلال الجمود والدونية، ولانمتلك ماتمتلكه اتحادات الأردن ولبنان وتايلاند وماليزيا واندونيسيا وهي لديها منتخبات كانت تأتي وراءنا في التصنيف العالمي «للفيفا» سنوياً... إلاَّ أنها هذه المرة تفوقت فمنها من تجاوزنا في التصنيف بأكثر من 30 نقطة ومنها بعشرين نقطة ومنها من قدم في تصنيفه هذا العام، ومنتخبنا إما يتراجع وإما أن يتجمد عند الترتيب الواقع في الأربعينيات بعد المائة .. مؤكدين أن التخلف سمة من سمات الكرة اليمنية والإدارة الاتحادية التي لم تستطع أن تبرهن على نجاحها من خلال إحداث تطوير في المستوى العام للمسابقة المحلية ينعكس على الأداء والنتائج للمنتخبات الوطنية.

إنها معضلة «الإدارة» وليست الإمكانات ولا الفوارق البنيوية للأجساد فقط ، فالفكر الكروي غائب بنسبة كبيرة في أدمغة المسئولين عن الكرة اليمنية يستوي في ذلك المسئولون في اتحاد القدم واللجنة الأولمبية والوزارة الرياضية التي لم تقم بما هو مناط بها تجاه اتحاد القدم أو اللعبة بصورة عامة .. فلم تحاسب ولم تراقب بل أعجبها دور«المتفرج» أحياناً وعملت على ممارسة الضغط السلبي بتوقيف الدعم والمخصص عن اتحاد القدم مما جعل الأخير يتهم الوزارة بمحاربته وأنه لا يستطيع أن يؤدي دوره كما ينبغي وبين حانا الوزارة ومانا الاتحاد ضاعت كرتنا وتاهت في دهاليز التخلف!!.

الإدارة هي المعضلة والحل

يكفي دلالة على تخلفنا الكروي أن منتخبات لبنان والأردن وتايلاند عندما كانت متأخرة عنا في الترتيب العام السنوي بتصنيف الفيفا، اجتهدت من أجل التطوير فتحركت اتحادات دولها واهتمت بالجانب التخطيطي وتثبيت البطولات المحلية ودرست أهم الثغرات وأوجدت الحلول العلمية والعملية الصحيحة فوصلت إلى ماهي عليه.

فليس تغيير المدربين فقط هو علامة الجد والاجتهاد بل إن التقدم عملية تكاملية تبدأ بالدراسة والتخطيط وتمر بتعاون وترابط حلقات المسئولية من كل الجهات بتنسيق وتناغم وتجانس للوصول في النهاية إلى إحداث ما صنعه منتخب الأردن الذي تجاوز منتخبنا بـ65 نقطة فهو يحتل في التصنيف السنوي للفيفا المركز81 كما أن لبنان تقدم علينا إلى المركز 111 فيما يقبع منتخبنا الوطني عند المركز 146..فمتى ستتحرك عندنا عجلة التطوير وندرك أن المعضلة الأساسية هي الإدارة المتخلفة ؟!

"الجمهو ية"