كاتب التاريخ بلغة القدم !!

Monday 30 November -1 12:00 am
----------

* قدر لي أن أتعايش مع رحلة ورقية ممتعة تسلب العقول والأبصار دون ربط حزام الأمان .. نعم حلقت في سماء الكابتن البارع "أحمد محسن أحمد"، ومشيت نحو عالمه على مجموعة "نيازك" قبل أن يخترق مسمعي نداء أمير الشعراء "أحمد شوقي"، وهو يحثني مسرعًا بطيفه القزاحي: (قف للمعلم وفه التبجيلا .. كاد المعلم أن يكون رسولا) !.

* إذا كنت من بين المحظوظين الذين قدر لهم قراءة كتاب "المايسترو" البرتقالي "أحمد محسن أحمد" .. فبدون شك ستكتشف وبعض الاكتشافات ليست مكررة .. أنك كنت في عالم "أفلاطوني" تتوزع فيه روائعه التاريخية المحملة بعبق الجغرافيا .. على أكثر من مساحة نقية .. هواؤها يرد الروح .. وعطرها في كل جب وواد يفوح !.

* شعرت أنني اخترقت العوالم المتوازية التي حدثنا عنها "ألبرت أينشتين" في "نسبيته" الغامضة المثيرة للجدل .. وشعرت بأنفاس "التاريخ" تلفح وجهي المقعر .. كنت أتنقل بسلاسة بين "مروج" كتابه التاريخي .. ينقلني فوق بساطه من "حقبة" إلى أخرى، وأنا "رب أشرح لي صدري " !.

* أحسست براحة عجيبة تغطيني من قمة رأسي "المفلطح" حتى أخمص القدمين .. سافرت مع "أحمد محسن" في رحلة ورقية فشعرت بأنه رحالة .. وأنه يطوف بنا "القرية الإلكترونية" المسماة "الأرض" على ظهر "نيزك" ينقلك من "مجرة" إلى أخرى بذات التفاعل المدهش بين الضوء وسرعته التربيعية !.

* أكن للأستاذ "أحمد محسن" الكثير من التقدير والإعجاب .. ليس لأنه اقتحم الساحة الصحافية كقلم "فصيح" يصيح في وجوه الفاسدين الذين سودوا حياتنا ليلاً ونهارًا فقط .. ولكن لأنه "كوكتيل" إبداع .. معجون بطيبة ولطافة أهل "عدن" .. ففي محسن "الزملكاوي" وفاء نادر لجيل عايشه وتعايش معه .. وعندما يخلد مشواره الطويل مع الرياضة وكراسيها المكهربة .. فهو بذلك يؤرشف للجيل الحالي "ملاحم" بطولية رياضية تستدعي أن نقف أمامها .. وأن نتباكى عليها كما فعل الشعراء مع إطلال "الأندلس" !.

* كانت عيناي تلتهمان الصفحات واحدة تلو الأخرى .. وكنت قد تسلحت بذكاء فأر عرف كيف ينجو من جحيم "تسونامي" .. وكنت كعادتي مع تسلسل الأحداث في قمة التركيز لتختزن المعلومات في تجويف عقلي الباطني .. في محاولة يائسة لهضم المراحل التاريخية التي مرت بها الحركة الرياضية في "الجنوب" !.

* وللكابتن القدير "أحمد محسن" سجايا حميدة فاض بها عليه المولى عز وجل .. فتحتار في رصد راداره وسبر أغوار "سفينته" التي حوت من كل زوجين اثنين في كتابه التاريخي النادر .. ولي كل العذر في "الحيرة" التي تضرب رأسي طولاً وعرضًا وارتفاعًا .. فعزيزنا ذو إشراقة كروية .. اكتسبها من الملاعب عندما كان شابًا يافعًا يركب "ديناصور" "التحدي" مع حقبة تكاثرت فيها المواهب من كل حدب وصوب .. ومع ذلك فالكتاب يحمل بصمات لاعب كرة طاف الملاعب وشاف العجب العجاب .. فدونها في "أدب رحلات" على طريقة "ابن جبير" !.

* ولمواهب "أحمد محسن" بقية .. فهو كابتن قدير .. بدرجة لاعب خطير .. يحصد الإعجاب والتقدير في موسمه المطير .. اسألوا عنه ليالي الغدير و "جولد مور" المثير .. وهو قيادي ذو عطاء هادر .. للمستحيل قادر .. وللواجبات الصعبة مبادر .. وهو الإعلامي المتسلح بأرقام الاقتصاد .. يغربلها ويطحنها .. فتتوالد في سمائه المصفوفات والمتواليات .. بصورة مدهشة .. تجعلك هائمًا في عالمه الرياضي كمؤرخ يرصد الشاردة قبل الواردة !.

* في كتابه "تاريخ أندية عدن الرياضية .. نشأتها .. وتاريخها المعاصر" يحكي بالصورة تحت الراية المنصورة .. ميلاد الأندية .. جذورها ومسمياتها .. ودورها التنويري في تثبيت "أوتاد" خيمة التاريخ بلغة سهلة يغلب عليها "الرقم" الذي لا يكذب ولا يتجمل .. يتنقل بين محطات التاريخ ليضعنا أمام حقيقة أننا أول بلد عرف الرياضة بمفهومها القديم والحديث في الجزيرة والخليج !.

* لم يمارس "أحمد محسن" فصاحة البلاغة وهو يطرز طريقنا بالسوسن والورود ويطوقنا بالفل والياسمين .. لكنه أخذ على عاتقه أن يرصد التاريخ كما يجب أن يكون .. دون تزييف للوعي واستفزاز للرغي .. أو مبالغة في تفخيم الحدث .. لقد كانت بساطته دليلاً على مصداقيته .. والرقم عند "أحمد محسن" يمثل "لسان" التاريخ .. وطالما وقد دلل ورصد وفسر الظواهر مستنجدًا بالمتواليات الرقمية والصور النادرة .. فمن العدل أن ننصب هذا الكتاب كموجه عام عند الاستدلال .. فهو وحده من فض الاشتباك ووحد الآراء حوله .. فأخمد نار "الجدل" .. وسكوت من عاصروا تلك الأيام الخوالي دليل على علامات الرضا !.

* ربما لم يحظ الكتاب التاريخي بالهالة الإعلامية المتوقعة .. لسببين: الأول: أننا تعودنا في بلاد "العميان" أن أي عمل عظيم .. لا يحرك المياه الراكدة .. بحكم أن الرياضة في "اليمن" مجرد فتن وغيرة عمياء تخضع في الغالب لمؤتمرات "طلبة الله" ! .. والثاني: أن الذين يقرؤون التاريخ تضاءلوا وانقرضوا شأنهم شأن "الديناصورات" فلم تعد "مقايل" القات إلا للحشوش والغيبة والنميمة بعيدًا عن التحليق في فضاء "نقاش" حضاري يعطي كل ذي حق حقه !.

حيوا معي الكابتن "أحمد محسن" الرجل الذي تسبح في دمائه "بلازما" رياضة زمان، حيث كان وصلها على علاقة بجادك الغيث .. حيوه وهو يقودنا بقوة التاريخ لإحقاق الحق وإسداء الفضل لأهله .. من فضلكم صفقوا وأنتم تقرؤوا مقالي لكاتب التاريخ بلغة القدم !.

ويا حبيبنا "أحمد محسن" لا تنتظر من "حكيم الأقزام" أن يهديك جائزة الدولة التشجيعية مكافأة لك على عملك التاريخي المثير .. تعرف لماذا ؟ لأن الحمير لا تعرف إلا بعضها في وطن "الخمير الحمر" ..!