تزخر كتب التاريخ بقصص تحكي تعرض المنطقة العربية للعديد من الصراعات السياسية. وعلى مرّ السنين، ظهرت بين المحيط والخليج مدنٌ واندثرت أخرى، بفعل الحروب الضارية التي شهدتها المنطقة.
ولأن المنطقة تضم بعضاً من أقدم حضارات البشر، فإن الحفاظ على آثارها كان جزءاً من حماية الماضي. ومع هذا، فإن بعض التنظيمات السياسية نجحت في إبادة آثار بعض المدن الخالدة، لتتحول إلى ذكريات في كتب التاريخ.
فيما يلي نورد قائمةً بمدنٍ عربيةٍ تاريخيةٍ اندثر بعضها، فيما شارف البعض الآخر على الاندثار:
تعد مملكة تدمر - وتعني “المملكة التي لا تقهر” - في سوريا من أقدم الحضارات التاريخية، حتى أنها نافست الأمبراطورية الرومانية بقيادة ملكتها زنوبيا في عصرها الذهبي. وبعد 4 سنوات من الحرب في سوريا، لم يتبق منها إلا القليل بعد تدميرها من قبل النظام السوري وتنظيم “داعش” على حد سواء.
كانت تدمر تضمّ مسرحاً ضخماً ومعبد “بعل” الذي يعد أشهر آثارها، إلى جانب “سجن تدمر” الذي شهد أشهر مجازر النظام السوري في حقبة ثمانينيات القرن الماضي.
يعود اكتشاف مدينة التبراء عاصمة الأنباط في التاريخ المعاصر إلى العام 1812، حيث عادت إلى النور بعدما بقيت مهملةً طيلة فترة الحكم العثماني. كانت البتراء شبه مطمورة تحت التراب إلى أن أعيد اكتشافها، لتُصنف ضمن لائحة التراث الإنساني وأحد عجائب الدنيا السبع.
تعاقبت الحملات العسكرية عليها عبر التاريخ من اليونان إلى الروم، إلا أنه وبعد استقرار العرب فيها وتعرضها لزلازل في منتصف القرن السابع الميلادي، دخلت البتراء في فترة سبات لحين اكتشافها.
وبالرغم من موقعها الاستراتيجي سابقاً على “طريق الحرير”، فإن البتراء الآن أصبحت أقرب إلى مزارٍ سياحيٍ مع تضاؤل أهميتها الجيوسياسية.
يعود تأسيس مدينة قرطاج أو “المدينة الجديدة” إلى القرن الـ 8 قبل الميلاد على يد الأميرة اليسار الهاربة من مدينة صور في لبنان، لتصبح بعدها مركزاً بحرياً هاماً للفينيقيين.
اكتسبت المدينة خصوصيتها بعد سيطرتها على الخط التجاري البحري بين ثلاث قارات، وبالرغم من الأساطير المحيطة بحاكمها القائد العسكري هنبعل، فإن قرطاج خاضت تاريخاً طويلاً من الحروب مع الرومان انتهت بتدميرها كلياً في العام 164 قبل الميلاد.
وبالرغم من إعادة بنائها عدة مرات على مدى الحضارات المتتالية، فلم يتبق من آثار المدينة الأولى إلا القليل.
تكمن أهمية مدينة إرم التاريخية بورودها في الكتب المقدسة للديانات السماوية الثلاث، ولا توجد معلومات دقيقة عنها، لكن ما تذكره النصوص الدينية يشير إلى أن قوةً إلهيةً أرسلت ريحاً عاتيةً محملةً بالرمال لتطمر المدينة.
بنى المدينة شدّاد الذي أراد تحدي جمال الجنّة التي قدمها الله لعباده، إلى جانب تجاهله لدعوة النبي هود. ويشكك الكثيرون في حقيقة وجود مدينة إرم، فيما يعتقد المؤرخون بوجودها في اليمن أو سوريا، لكن شيئاً لا يؤكد ذلك.
تعتبر مدينة بابل الأشهر بين المدن المندثرة، وخصوصاً حدائقها المعلقة. تكمن أهميتها التاريخية بوجودها في نصوص جميع الأديان السماوية. فحسب العهد القديم، بني فيها برج عظيم، وبعد دماره “تبلبلت” ألسنة الناس واختلفت لغاتهم. ناهيك عن الحضور الأسطوري والتطور العلمي والحضاري الذي عرفته المدينة في عهد الملك البابلي حمورابي.
ما زالت العديد من أثار المدينة حاضرة، إلا أنها تعرضت للنهب إثر الغزو الأميركي للعراق.
اكتشفت أخيراً في ليبيا - وتحديدا في العام 2006 -، ومن أهم آثارها موزاييك عملاق من القرن الميلادي الأول.
يعود تاريخ مدينة لبدة للحضارة الفينيقية، حيث أسسوها كمرفأ لسفنهم. ومع تعاقب الاحتلال اليوناني والروماني ثم وصول الفتح الإسلامي في منتصف القرن السادس لم يبق من قصورها إلا القليل.
ولم تكن الصراعات السياسية السبب الوحيد في اندثارها، إذ تعرضت لفيضان بوادي عين في القرن الخامس دمر مبانيها.
ورغم ازدهارها بعد الفيضان على يد البيزنطيين، فإن الخراب أحل لعنته، وحين وصل إليها الفتح الإسلامي لم يبق منها سوى الحمامات والمدرج الحجري وبعض المعابد.