ترامب اولى الضربات المباشرة على رأس العم سام

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
طالما تعرضت الولايات المتحدة الاميركية  منذ تأسيسها لصدمات قوية اصابتها في العديد من جوانب جسدها الكبير الممتد بأذرعٍ طويلة تلف انحاء المعمورة لكنها دائماً كانت تمتص هذه الصدمات وتردها بعنف ليس لانها قوية بما يكفي لتنجوا من الصدمات دائماً ثم تقف بعدها في المكان المنتصر بل السبب عائدٌ الى كون هذه الضربات لم تكن تقع على الرأس  مباشرة وانما كانت تصيب اماكن اخرى غير حساسة لذلك كانت محدودة التأثير ، حتى جاء اليوم الذي تصاب فيه الامبراطورية الاميركية في رأسها مباشرة ، اصابة تتجسد بإنتخاب رئيساً لها كترامب يُدير ويتحكم بمنطقة الرأس .  
 
تكمن الاصابة من خلال التهور والغرور الواضح في شخصية ترامب الذي بدى غير ملتزماً بما التزم به سابقوه بإخفاء سياسة الغطرسة الاميركية ووسائلها المستخدمة في استغلال العالم وابتزاز ونهب خيراته ، خطوط وعناوين عريضة ترسم خفايا الاستراتيجية الاميركية وتحدد طرق ووسائل تعاملها مع الآخرين لضمان مصالحها ، عناوين ظاهرها المعلن يختلف عن باطنها المستور والذي لا يجب ان يدرك حقيقتها سوى رؤساء اميركى وصانعوا القرار فيها وهم فقط من عليهم تنفيذ خفايها وترجمتها الى افعال يتم من خلالها استغلال العالم  . 
 
اميركى اولاً ومصالحها في المقدمة  هذا أحد أهم وابرز تلك العناوين والتي افصح عنها ترامب اليوم وترجمها على حقيقتها مخالفاً بذلك لاربعة واربعون رئيساً اميركياً سبقه . 
الروس من جهتهم سجلوا الاسبقية على الآخرين في تحليل شخصية ترامب فشاهدوا الضربة قبل الجميع وهي تقع على رأس خصمهم التاريخي العم سام فاستنتجوا بان القادم هو واقع جديد يصب في صالحهم لذلك احتفلت موسكوا بتنصيب ترامب قبل احتفال واشنطن .  
 
اضطراب اخر بدى واضحاً في شخصية ترامب فالعالم باسره تابع تصريحاته التي اطلقها خلال حملته الانتخابية وتوجها اليوم اثناء حفل التنصيب اذ يقول ( جعلنا البلدان الاخرى غنية بينما انحسرت ثرواتنا ، وظفنا الايادي غير الاميركية وتجاهلنا ابنائنا ، لكن هذا هو الماضي ومن الان سننظر الى المستقبل ، سنعيد حدودنا وثرواتنا واحلامنا ، الذين يسرقون مصانعنا ويدمرون ارضنا ،  سنجتث الاسلام الراديكالي )   
 تصريحات صدمت العالم واوجس منها خيفة في الوقت الذي تسببت فيه بحدوث شرخٍ عميق في نسيج المجتمع الاميركي اظهره على حقيقته منقسماً بينما تجلت ابرز مظاهر هذا الانقسام من خلال المظاهرات واعمال الشغب التي اشتعلت بها واشنطن بالتزامن مع حفل التنصيب ، لكن ترامب ينظر الى هذا الانقسام الواضح بنظرة تختلف عن حقيقته التي يراها العالم اذ يرى فيها توحيداً للمجتمع الاميركى مما يعني ان ترامب يفتقر الى الفهم الحقيقي لردات الفعل الناتجة عن تصريحاته او انه لايكترث بها مما يجعلنا نجزم بان ضربة قوية قد اصابت الامبراطورية الاميركية العظمى اليوم مباشرةً في رأسها .