مدمنو الحبوب الجنسية باليمن يلجأون لتناول عقاقير تشبه الفياغرا مع اشتداد الحرب المروعة بحثا عن النشوة

Monday 30 November -1 12:00 am
مدمنو الحبوب الجنسية باليمن يلجأون لتناول عقاقير تشبه الفياغرا مع اشتداد الحرب المروعة بحثا عن النشوة
-يمني سبورت : ( هاف بوست عربي)
----------
يتذكَّر رأفت المرة الأولى التي رأى فيها أصدقاءه يتناولون الحبوب الجنسية كي ينتشوا.
 
ويقول الشاب الذي يبلغ من العمر 25 عاماً: "لقد كنتُ في حفل زفاف صديقٍ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ورأيتُهم يضعون الفياغرا في مشروبات الطاقة خاصتهم، والتي قالوا إنَّها تعطيهم طاقة لا حدود لها دون أي آثار جانبية، ولذا قرَّرتُ أن أجرب واحدة".
 
ومن هنا بدأ انخراط رأفت في ما وصفه صراحةً بأنَّه "اعتمادٌ" على دواء جرى تسويقه للغربيين كعلاجٍ للمشكلات الجنسية، وفق تقرير "ميدل إيست آي".
 
لكن في اليمن، وهو بلدٌ قابع وسط حربٍ مروعة -حيث قُتِل الآلاف، ويتأرجح الملايين على حافة المجاعة، وتبطش الكوليرا بأضعف الضعفاء- يتزايد عدد الرجال الذين يتجهون إلى الفياغرا و"بدائلها" كوسيلة للهروب.
 
 
إدمان نفسي
 
ويُبلِغ العديد ممن يتناولون هذه الحبوب بصورةٍ متزايدة عن شعورهم بإدمانٍ نفسي على تلك العقاقير والمخدرات.
 
وفق تقرير ميدل إيست آي اكتُشفت الفياغرا في الأصل أثناء البحث عن دواء للقلب في التسعينيات، وهي تزيد من نسبة الأكسجين في الدم، رغم استبعاد أنَّه قد تؤدي إلى أي "انتشاء" ملحوظ.
 
يقول رأفت: "في اليوم الأول، بالكاد شعرتُ بأي تأثيرات جنسية، غير أنَّ الشعور العام الآن أفضل من ذي قبل. لكنَّني إذا لم أتناول حبة لمدة أسبوع، أشعر بالتعب، لذلك أنصح الشباب بعدم تناول الفياغرا أو أي حبوب مماثلة".
 
لكن يبدو أنَّ أحداً لا يبالي بدعوته هذه.
 
وذكرت وزارة الصحة اليمنية أنَّ حبوباً جنسية بقيمة 400 مليون ريال يمني (1.6 مليون دولار) قد بيعت في عام 2014، وكان المتعاطون الرئيسيون من الرجال وتتراوح أعمارهم بين 20 إلى 45 عاماً.
 
غير أنَّ الحرب الجارية في اليمن قد شهدت زيادة كبيرة في استخدام الحبوب، مع مراقبةٍ أقل للسوق.
 
وحتى في عام 2014، كانت الحبوب هي ثالث أكثر الأدوية المُباعة شيوعاً، وهو ما يمثل 13% من جميع المبيعات.
 
ويصل متوسط سعر الحبوب الجنسية مثل الفياغرا والحبوب المماثلة إلى 250 ريالاً (دولار واحد)، ومعظم الصيدليات في اليمن تبيعها دون وصفة طبية، على الرغم من أنَّ الأمر يُعدُ مخالفاً للقانون.
 
 
الطلب يزيد
 
وأكد مصدر في وزارة الصحة لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني أنَّ هناك طلباً أكبر على الحبوب الجنسية الآن مقارنةً بالفترة التي سبقت الحرب، على الرغم من أنَّ وزارة الصحة لا تستطيع إرسال مراقبين إلى الصيدليات بسبب نقص الميزانية الآن.
 
ويقول المصدر: "نحن نعلم بشأن مخالفات بيع الحبوب الجنسية دون وصفة طبية، كما نعلم بشأن تهريب الحبوب الجنسية، وعلاوة على ذلك، نحن نعلم أيضاً بشأن المصانع والصيدليات التي تنتج الحبوب الجنسية غير المشروعة، لكن لا يمكننا وقفها في الوقت الحاضر لأنَّ هناك أشياء أكثر أهمية من هذا يتعيَّن على الوزارة القيام بها".
 
وتقع بعض هذه المصانع في اليمن نفسها، ويجري استيراد بعض العقاقير والمخدرات.
 
وقال أكرم الحويش، طبيب المسالك البولية في محافظة تعز اليمنية، إنَّ الحرب أدت إلى تفاقم قضية كانت كبيرة بالفعل.
 
وقال: "إنَّ الاكتئاب، والمشاكل الزوجية، والضغط النفسي، ومشاكل العمل هي الأسباب الرئيسية للضعف الجنسي. وكثير من الناس يعانون من هذه المشاكل في ظل الحرب، وهذا الضعف يدفعهم إلى تناول الحبوب الجنسية".
 
جديرٌ بالذكر أنَّ تعز كانت موقعاً للاشتباكات العنيفة بين المقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين المتحالفين مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
 
ووقف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أيضاً ضد الحوثيين، واستغل فراغ السلطة لتأكيد سلطته على المدينة، فارضاً سيطرته على مراكز الشرطة وبعض المستشفيات.
 
 
"المحتاجون"
 
رشيد، 35 عاماً، هو أب لخمسة أطفال، يعاني أحدهم من التوحُّد.
 
وفي شهر يونيو/حزيران 2015، بعد عدة أشهر من اندلاع الحرب، خسر رشيد عمله في مجال التسويق، وبدأ يعمل الآن كعامل بناء في مدينة تعز عندما يكون هناك عمل متوفر. وقال إنَّ العمل الشحيح جعل الحياة صعبة جداً بالنسبة له ولعائلته.
 
وقال رشيد في حديثٍ له مع الموقع البريطاني في أحد المطاعم بتعز: "عندما فقدتُ وظيفتي، بدأتُ العمل كعامل بناء، ووجدتُ أنَّ عديداً من زملائي يتناولون أنواعاً مختلفة من الحبوب الجنسية".
 
ويروي رشيد في تقرير "ميدل إيست آي" أنَّهم أرجعوا السبب الرئيس في ذلك إلى معاناتهم، "وقالوا إنَّ حبوب الجنس ساعدتهم على الحفاظ على علاقات جيدة مع زوجاتهم. فأي رجل بلا مال يعاني من مشكلات داخلية مع زوجته وهذا هو وضعي، لذلك قررتُ أنَّ أتناول الحبوب الجنسية للحفاظ على علاقةٍ جيدة مع زوجتي".
 
وعلى الرغم من أنَّ رشيد قال إنَّه يشتري حبة واحدة فقط في الأسبوع، لكنَّها أصبحت ضروريةً بالنسبةِ له، بيد أنَّ العديد من زملائه يتناولون أكثر من حبة في المرة الواحدة.
 
وأضاف: "لا أعتقد أنَّ الأغنياء يتناولون الحبوب الجنسية مثل المحتاجين؛ لأنَّ هذه الحبوب تساعد المحتاجين أمثالنا الذين يعانون من الاكتئاب ويحاولون العيش بسعادةٍ حتى ليومٍ واحد في الأسبوع"، مضيفاً أنَّه لم يكن يتناول الحبوب الجنسية في الماضي عندما كان يتقاضى مرتباً جيداً.
 
ويقول الأطباء إنَّ الاستخدام المتكرر لحبوب الجنس قد يؤدي إلى مخاطر صحية.
 
وحذَّر الحويش من أنَّ مخاطر إدمان الفياغرا تتزايد في حالة تناول الحبوب الجنسية دون وصفة طبية حقيقية.
 
وقال: "يمكن لهذه الحبوب أنَّ تقتل كبار السن ومرضى القلب، ولذلك يجب على الناس تناولها فقط بناءً على نصيحة الطبيب".
 
ولا يزال رشيد مقتنعاً بأنَّ استخدامه للحبوب الجنسية هو أحد أعراض ظروفه الحالية، المتمثلة في الحرب والعمالة الناقصة.
 
وقال "آمل أن تكون هذه فترة مؤقتة. عندما أعود إلى عملي السابق أو أعثر على أي وظيفةٍ جديدة، سوف أتخلى بالتأكيد عن تناول الحبوب الجنسية".