طبيبة في صنعاء تروي شهادات مروعة لجنود مصابين من حراسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح

Monday 30 November -1 12:00 am
طبيبة في صنعاء تروي شهادات مروعة لجنود مصابين من حراسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح
----------
" ارجوكي اقتليني قبل أن يأتي الحوثيون لأخذي" بهذه الكلمات ترجى جندي مصاب من قوات صالح طبيبة بأحد مستشفيات العاصمة صنعاء أن تجهز على حياته بدلا من علاجه خوفا من اختطافه على يد الحوثيين وتعذيبه وتصفيته كما جرى لكثيرين.
 
بعد انتهاء معركة الأيام الستة التي شهدتها صنعاء منذ الأربعاء 29 نوفمبر الماضي وصولا إلى الاثنين 4 ديسمبر الجاري يوم إعلان الحوثيين قتل علي عبدالله صالح، تتكشف تدريجيا تفاصيل عمليات الانتقام والتنكيل التي قام بها الحوثيون بحق الجنود والضباط الموالين لصالح، انتقدها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ.
 
وتقول منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف في تقرير يوم الخميس السابع من ديسمبر الجاري، إن لديها معلومات تفيد بأن الحوثيين نفذوا حملة اختطافات وإعدامات بحق أعضاء وكوادر حزب المؤتمر الشعبي العام ولا يزال مصير العديد من القيادات العسكرية والمدنية وأقرباء صالح مجهولاً ويساور أهاليهم قلقاً وتخوفاً إثر انقطاع اخبارهم مع سريان أنباء عن إعدامات بحق العسكريين.
 
شهادة صادمة
 
وتروي طبية تعمل بأحد مستشفيات صنعاء -احتفظت المصادر باسمها واسم الجريح - شهادتها على عمليات اختطاف جرحى من قوات صالح على يد الحوثيين والتنكيل بهم قبل أخذهم إلى أماكن مجهولة.
 
تقول الطبيبة وهي لا تزال تحت صدمة ما شاهدته" دخلت قسم العناية المركزة لأداء عملي مثل كل مواعيد دوامي ووجدت عددا من الجرحى الذين عرفت فيما بعد أنهم جنود تتنوع إصاباتهم بين البطن والساقين وبعضهم مبتور الأطراف".
 
وتواصل حديثها" كان أحدهم يحتاج جهازا للتنفس الاصطناعي بسبب خطورة إصابته بالصدر وعندما اقتربت منه ترجاني بشكل مفاجئ قائلا" ارجوكي اقتليني ولا تخليهم يأخذوني" فقلت له من هم؟ فأجاب الحوثيين"
 
اختطاف بلا رحمة
 
لم تتمالك الطبيبة نفسها من هذا المشهد الذي اعتبرته صادما والأول في مسيرتها المهنية منذ سبع سنوات حتى سقطت الدموع من عيونها دون سابق إنذار وحاولت الاستدارة عنه لتمسح دموعها وتسأل من بجوارها ماذا فعل هذا الجندي ليخاف بهذا الشكل فأخبروها أنه من جرحى قوات صالح الذين سقطوا خلال الاشتباكات مع الحوثيين.
 
وبعد وقت على وصول الجرحى للمستشفى، تضيف الطبيبة" جاء مسلحون حوثيون فجأة ويبدو على ملامحهم حالة من الغضب والإعياء وهم يبحثون في غرف العمليات عن جرحى قيل لهم أنهم نقلوا إليه ويقومون باختطاف كل من يجدوه دون تقدير لخطورة حالته أو تحذير الأطباء بأن إخراجهم قد يعرضهم للوفاة لكنهم لم يستجيبوا وبدلا من ذلك كانوا يطلبون منهم التوقف عن علاجهم".
 
في غرفة العناية المركزة التي كانت فيها اختطف الحوثيون الذين كانوا مسلحين ويتعاملون بكل غلظة وصرامة مع من يقابلونه خمسة جرحى بعضهم مبتوري الأطراف والبعض الآخر حالته خطيرة ويستدعي البقاء لإنقاذ حياته بخلاف من اختطفوهم من الغرف الأخرى، وهذا ما حدث بمستشفى واحد وهناك قصص مروعة ومؤلمة بمستشفيات أخرى.
 
ماء الخلاص
 
في قصة أخرى حزينة يطلب أحد المصابين من زميلة الطبيبة بالغرفة ماء للشرب لكنها تجيبه بأن تناوله الماء خطر على حياته كونه حديث عملية وشرب الماء سيؤدي إلى انتفاخ بطنه غير أنه لم يقتنع وظل يترجاها حتى تأثرت وأعطته فشرب وإذا ببطنه تنتفخ وهو يدعي مع زميله بأن يتوفيا بالحال ولا يأخذهما الحوثيون.
 
ووفقا لشهادة الطبيبة فقد كان مصيره الاختطاف مثل أربعة آخرين قد يكونوا من ضمن الأسماء المطلوبة لهم ربما بحكم رتبهم أو دورهم العسكري خاصة وأن اختيارهم يوحي بأنهم كذلك بعكس آخرين لم يختطفوهم وتركوهم في المستشفى مع تشديد الحراسة عليهم.
 
وتختم حديثها بتنهد قائلة" لم يسبق أن طلب مني مريض أو جريح تخليصه من حياته وأكثر ما أحزنني أن هؤلاء الجرحى لم يفعلوا ذلك بسبب خطورة حالة بعضهم وإنما خوفا على حياتهم من الاختطاف والتعذيب والتصفية.. لقد أثرت فيني هذه التجربة حد الصدمة النفسية واشعر بالرعب من نزعة الانتقام وما أحدثته الحرب بالناس".
 
أرقام وجرائم
 
ولم يصدر عن حزب المؤتمر أو ما تبقى من قوات صالح بيانا يوضح كم خسائرهم أو عدد المخفيين والمختطفين ومن تم تصفيتهم، غير أن وزير حقوق الإنسان بالحكومة الشرعية محمد عسكر قال في تصريح له نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إن حصيلة الضحايا تتوزع بين ألف قتيل ومئات المصابين يشملون مدنيين من أعضاء المؤتمر وأنصارهم وعسكريين من القوات الخاصة والحرس الشخصي لصالح وطارق نجل شقيقه.
 
وأضاف الوزير أنه جرى إعدام العديد من الأسرى وكذا الجرحى الذين اختطفوا من المستشفيات منوها بأن هذه التقديرات أولية وليست شاملة أو نهائية.
 
وتشير منظمة سام في تقريرها إلى أن الحوثيين" فرضوا حالة من الرعب والخوف بجميع مناطق سيطرتهم، ورصدنا العديد من المداهمات والاقتحامات الممنهجة لمنازل قيادات بحزب المؤتمر في صنعاء والمحويت وعمران وحجه وفي سنحان مسقط رأس صالح، حيث تم فيها تصفية جسدية لمدنيين لا يحملون السلاح".
 
وأضافت" اطلعنا على خطابات كراهية وتحريض -بمشاركات لأشخاص معروفين بانتمائهم للحوثي- على مواقع التواصل تدعو للقتل واجتثاث المعارضين السياسيين كما استمعنا لتسجيلات صوتية لرسائل تهديد وتحريض بثتها قنوات وإذاعات حوثية ورسائل صوتيه يتوعدون خصومهم بالقتل والتنكيل".
 
وفي توصيفه القانون، قال توفيق الحميدي مسؤول فريق الرصد بالمنظمة، إن هذه" الجرائم قد ترقى لتصنيف جرائم ضد الإنسانية وصلت درجة الاستهداف الى حد تنفيذ اعدامات ميدانية واختطاف جرحى وإخفائهم واحتجاز جثامين قتلى وإخفاء مصير مختطفين أغلبهم مدنيين من بينهم صحفيين".