قصص المونديال: بنجامين ماسينج.. عندما يكون العنف سبيلًا للشهرة والمجد

Monday 30 November -1 12:00 am
قصص المونديال: بنجامين ماسينج.. عندما يكون العنف سبيلًا للشهرة والمجد
عبد الموجود سمير
----------

يستيقظ روجيه ميلا كعادته مبكرًا مع إشراقة شمس كل صباح، ويبدأ في تناول وجبة الإفطار، ومن ثم مطالعة صحف الصباح، خاصة الرياضية منها.

وأثناء ارتشافه فنجان القهوة، الذي اعتاد عليه في كل صباح مع مطالعة الصحف، يتوقف فجأة ويضع ما بيديه على المنضدة، ويُمعن النظر في الصحيفة التي بين يديه.

وما هي إلا لحظات إلا ويرتسم الحزن على وجهه، ويتمتم ببعض الكلمات التي لا تفهمهما زوجته التي كانت إلى جانبه، والتي لاحظت ما بدا على رفيق دربها، فما كان منها، إلا أن راحت تسأله عما بدَّل حاله، إلا أنَّه لم يُجب من وقع الصدمة.

 


الزوجة لم تُعد السؤال على زوجها، وأمسكت لتوها بالصحيفة، وطالعتها لتدرك ما الذي غير مزاج زوجها، ففي زاوية صغيرة أعلنت عائلة بنجامين ماسينج، أنَّ المدافع الدولي السابق، أغلق اليوم الأحد 10 ديسمبر/كانون أول، عيناه إلى الأبد.

سادت لحظات من السكون، قبل أن تربُط الزوجة على كتف زوجها، الذي لا يزال غارقًا في أحزانه، من أجل مواساته.

تنظر الزوجة لزوجها، مرة ثانية، لترى أنَّ حزنه بات مشوبًا بالتعجب والاستغراب المرتسم على محياه، ما يثير فضولها الذي لم يتركه (ميلا) يدوم طويلاً، عندما صاح بأنَّ ماسينج لم يكن يُعاني من أي شيء، لينفضَّ من مكانه على منضدة الطعام، ويتجه نحو أريكة جانبية للجلوس عليها.

لاحقته زوجته لمواساته مرة أخرى، وراح صاحب الـ 65 عامًا يروي لها، كيف كان ماسينج الذي يصغره بـ10 أعوام، من أقرب لاعبي جيله إليه، وسرد له واقعة غريبة له في كأس العالم بإيطاليا عام 1990، عندما سطروا تاريخًا ذهبيًا بالوصول إلى ربع النهائي.

وقال ميلا، إنَّ جميع اللاعبين كان يحدوهم الأمل، في أن يحققوا إنجازًا هذه المرة بعدما قدم الجيل السابق، مباريات رائعة في مونديال إسبانيا عام 1982، بالتعادل في 3 مباريات إلا أنَّهم خرجوا من الدور الأول.

وتابع ميلا "لكننا صدمنا عندما أوقعتنا ضربة البداية أمام الأرجنتين بطلة العالم، في مباراة الافتتاح، ورحنا جميعًا نتساءل: كيف لنا السبيل في إيقاف دييجو أرماندو مارادونا، وكلاوديو كانيجيا، وباقي نجوم التانجو".

وسرد ميلا، شجاعة ماسينج عندما صاح قائلاً "حسنًا.. أنا سأتكفل بإيقاف كانيجيا، فيما ستكون مهمتكم الأساسية هي إيقاف مارادونا".

في ذلك الوقت، انشغل ماسينج كثيرًا بمهمته الكبرى، فلم يعُد يُشغلُ باله، سوى التفكير في الطريقة، التي سيوقف بها كانيجيا، ذلك السهم الذي ينطلق ويخترق دفاعات الخصوم وتمزيق شباك المنافسين.

وجاءت المباراة الحلم، وبات ماسينج رقيبًا وظلاً لكانيجيا لا يسمح له بالتحرك كثيرًا، وضيَّق الخناق عليه، ما أثار غضب وحنق المهاجم الأرجنتيني.

وواصل ميلا سرده "كانت هجمة لنا، لكنَّ الكرة قطعت منا، وتسلمها كانيجيا الذي كان قد عاد لمناطق دفاعات فريقه هربًا من طوق ماسينح، وتسلم الكرة في ثلت ملعبه الأخير، وانطلق كالسهم، وأفلت من محاولة الاعتراض الأولى، ثم نجا من الثانية، ورغم اختلال توازنه في تلك اللحظات، إلا أنه راح يتقدم نحو المرمى".

وأردف ميلا "كانت أنظارنا جميعًا تتجه نحو ماسينج، فلم يعد أمامنا من سبيل لإيقاف كانيجيا إلا هو، ولم يخيب ظننا، حيث ركض بسرعة نحوه ودونما تفكير، وتدخل معه بكل جوارحه، في مشهد عنيف بات تاريخيًا، بعدما تم تصنيف التدخل بالأعنف في بطولات كأس العالم.

وكلَّف هذا التدخل الشجاع، ماسينج بطاقة حمراء، ليغيب عن مباراتي الدور الأول ومباراة ثمن النهائي، ليعود إلينا في ربع النهائي حيث كنا سنواجه إنجلترا.

كانت مهمة "ماسينج" هذه المرة هي إيقاف المهاجم الخطير جاري لينكر، بأي طريقة كانت، لكن الاخير، كان ماكرًا، أو ربَّما تعلم الدرس جيدًا من كانيجيا، ووضع كل همه على أن يتواجد دائمًا داخل منطقة الجزاء، لينجح في الحصول على هدفه، ويتعرض للعرقلة من ماسينج، ويحصل على ركلة جزاء، ونخسر اللقاء ونودع المونديال، بعدما نلت من الشهرة ما نلت، ناصفني فيها ماسينج؛ بسبب تدخله على كانيجيا، وبات معروفًا به طوال حياته، والذي ربما كان مكافأة على شجاعته وتضحيته من أجل الفريق.