الدور الامـــــاراتي في اليمن

Monday 30 November -1 12:00 am
الدور الامـــــاراتي في اليمن

عمري قايد ناجي اللهبي

----------

 

 

منذ قيام الوحدة اليمنية عام 1990ودولة الامارات العربية المتحدة تخشى من تحول اليمن بامكاناته المادية والبشرية التي يمتلكها وبموقعه المشرف على ممرمائي هام عالميا الى دولة جاذبة للاستثمارات والتجاره وتقضي على مكانة الامارات الاقتصادية والتجارية في المنطقة التي بنتها من خلال ميناء دبي المشهور عالميا برغم عدم اهيمية موقع هذا الميناء بل انه اخذ المكانة والاهمية التي كان من المفترض ان تكون لميناء عدن الاسترتيجي .

ولهذا وفي عهد الرئيس السابق المتوفي علي عبدالله صالح وبعد اعلان عدن منطقة حرة وتجارية وصناعية قامت بصفقة الامارات بعمل صفقة مشبوهة مع النظام الفاسد حصلت من خلالها على ادارة ميناء عدن وحولته الى مخزن ليس اكثر تابع لميناء دبي .

ومع نشوب الحرب الاهلية في اليمن وخصوصا بعد الانقلاب على الشرعية في صنعاء وجدت الامارات فرصة للدخول مرة اخرى الى الميناء بعد ان كانت حكومة الوفاق قبل الانقلاب عليها بالغاء الصفقة و العقد معها ووضعت يدها على مدينة عدن بالذات وعملت على تكوين ميليشيات لها تقوم بافعال اجرامية ضد الشماليين وضد الجنوبيين الذين يعارضون سياستها الاستعمارية والتخريبية في الجنوب واليمن عموما حتى يظل اليمن وعدن وميناءها تحت سيطرتها وتفشل اي مشروع مستقبلي لنهوض ميناء عدن واستعادة مكانته التاريخية  لوتوفرت له الامكانات والنوايا الوطنية المخلصة .

 

عاصفة الحزم في خدمة الإنفصال

                .

ما جرى في عدن اليوم من تمكين الإنفصاليين من إحكام قبضتهم على العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية يكشف المستور ويميط القناع المزيف للنوايا الحقيقية للسعودية والإمارات وأطماعهم في هذا البلد . 

منذ اليوم الأول لعاصفة الحزم ومعظم اليمنيون ممن إضطروا لتأييد هذه العملية العسكرية تراودهم الشكوك بشأن النوايا الخفية الكامنة وراء الإندفاع المتهور للتدخل السعودي الإمارتي ،

شكوك وتوجسات كانت في محلها إذ لم تأتي من فراغ بل تولدت من هواجس تراكمت في ذاكرت اليمنيين منذ عقود لاسيما فيما يتعلق بممارسات الجارة في الشمال المملكة العربية السعودية .

اليمنيون خزنوا في ذاكرتهم تجربة مريرة مع هذه الجارة المتسلطة فبالعودة إلى الأمس القريب وجد اليمنيون المتطلعون إلى الحرية والسيادة وجدوا هذه الدولة تقف عائقاً أمام تحقيق تلك آمالهم وتطلعاتهم التي كانوا يحلمون بها فمنذ اللحظات الأولى لقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمر وجد الثوار أنفسهم وجهاً لوجه في مواجة الدعم المالي والسياسي والعسكري القادم من السعودية لصالح الأئمة من أسرة حميد الدين التي كانت تحكم اليمن بطريقة مهينة لاتمد للإنسانية بأي صلة ،

لم تخفي السعودية دعمها للنظام الملكي في اليمن بل أظهرته بكل جلاء ليس حباً في الملكية بل تطبيقاً لإسترتيجية قديمة إعتمدها حكام المملكة تجاه جارهم في الحد الجنوبي اليمن رغبة في إبقاء هذا البلد ضعيفاً متخلفاً يراوح بين الحياة والموت ليس هذا فحسب بل دأبت السعودية على الإحتفاظ بورقة السيادة اليمنية في حوزتها بمعنى أنها حرصت على إبقاء هذا البلد منتهك السيادة إذكانت الخطوط العريضة للسياسة اليمنية تُرسم في الرياض  .

إنتهاك السيادة اليمنية كان واضحاً من خلال إقتضامها مساحات شاسعة من الأراضي اليمنية وإجبار الإمام يحيى بن حميد الدين على توقيع إتفاقية إعترف الأخير بموجبها بالسيادة المؤقتة للملكة  العربية السعودية على هذه الأراضي بينما إستمرت الأخيرة في السير على هذا الخط المهيمن على حكام اليمن تارة بالعصى وتارة بالجزرة وأحياناً بالعصى والجزرة معاً.

الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي خير مثال يستشهد به إذا ما تعلق الأمر بسياسة السعودية تجاه اليمن وحكامة إذ رفض هذا الزعيم الوطني سياسة السعودية المتبعة في اليمن ورفض التنازل عن أي شيء من الممتلكات الخاصة لبلده لاسيما السيادة او الارض الأمر الذي جعل السعودية تخطط لتصفيته من طريقها وهو الأمر الذي تحقق لها بالفعل حين نفذته بمساعدة عملائها الذين كانوا يتقلدون أعلى هرم المكونات اليمنية سواء السياسية او العسكرية او القبلية .

مثل عهد الحمدي نموذجاً خالصاً أشرقت فيه شمس السيادة والحرية ومثلت فاصلاً بين مرحلتين من الزمن عقود سبقتها وأخرى لحقتها أظلمت فيها اليمن جراء هذه التدخلات والهيمنة على صناعة القرار فيها .

تواصلت مظاهر الهيمنة السعودية على اليمن وبرز هذا التحكم بوضوح في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح ااذي قبل بدوره تحويل إتفاقية الطائف المؤقتة إلى إتفاقية نهائية ،

بلا شك كان هذا التنازل مقابل تقديم السعودية مساندتها له للبقاء الدائم في حكم اليمن وتمهيداً لإفساح المجال أمام نجله الأكبر في الإمساك بمقاليد الحكم من بعده .       

هذا الأمر لم يتحقق فقد حالت دونه ثورة قامت في العام ألفين وأحد عشر في شهر فبراير إنتهت بتنحية الرئيس صالح عن الحكم مقابل حصانة قدمت له بموجب المبادرة الخليجية التي حرصت السعودية مع دولة الإمارات على صياغتها بشكل يضمن عدم محاكمة صالح على مجموعة الخيانات والتنازلات التي قدمها اثناء حكمه للسعودية والإمارات حيث كانت الامارات قد انضمت مؤخراً الى لعب دور سياسي في اليمن الى جانب السعودية وتقاسم الكعكة اليمنية كل هذا على حساب مصالح الشعب اليمني وسيادته فبالإضافة إلى ما قدمه صالح للسعودية فقد حصلت الإمارات ايضاً على عقد بموجبه تمكنت من تشغيل ميناء لعقود هذا كان بحسب الإتفاق المعلن غير أن هذا الإتفاق كان له نوايا إماراتية أخرى مبيته تتمثل بإضعاف الميناء وجعله غير قادراً على منافسة ميناء دبي ،

يتضح هذا الأمر من خلال إحصائية سابقة تقول بأن ميناء عدن كان يستقبل ما يقارب خمسمائة ألف حاوية سنوياً وبعد تشغيل الإماراتيين له تناقص ذلك الرقم ليصل الى نحو مائة وخمسون ألف حاوية سنوياً .

المؤسف في الأمر أن المخلوع صالح كان يعلم هذه الحقيقة غير أن التحالف الجديد الذي اسسه مع الإماراتيين وملايين الدولارات التي قدموها له جعلته يصمت عن هذا الأمر .

تدخلات الإمارات لم تقف عند هذا الحد بل توسعت بشكل واضح للعيان من خلال دورها في عاصفة الحزم الذي على ما يبدو انها اصبحت تمسك بالملف اليمني لاعبة أدواراً تخريبية من خلال دعمها للإنفصاليين في الجنوب وتقويض الشرعية .

 

 

  • ناشط حقوقي