حتى لو تبدّى للهارب إلى الأمام انه أقوى !

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
 
    * تستمر الأطراف السياسية في اليمن في ادعائها في أنها مع أن يحل السلام في هذه الأرض التي تغرق في حرب أتت على الأخضر واليابس، و الكارثة انها حرب مستمرة دون ظهور أية مؤشرات على انتهائها. 
قبل أيام قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قائد قوات التحالف العربي ان الخيارات المتاحة للحل السياسي في اليمن تنحصر بين سيء و أسوأ.
واليوم الثلاثاء 3 أبريل 2018 ناشد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الأطراف المتحاربة في اليمن، التوصل لتسوية سياسية لإنهاء صراع دخل عامه الرابع وترك أكثر من 22 مليون شخص في حاجة ماسة للمساعدات.
هل سأل أحدكم إلى أي مدى يمكن أن تسهم مجرد مناشدة إلى جعل الأطراف السياسية في اليمن تتوصل إلى تسوية لإنهاء هذا الصراع؟! 
 
مع استمرار هذه الحرب تظهر حقيقة صادمة أمام من يسعى إلى وقف الحرب تكمن في أن كل الأطراف السياسية صارت مستفيدة من استمرار هذه الحرب على الرغم من كونها ما زالت تدعي أنها مع السلام. كل الأطراف السياسية بلا استثناء مستفيدة من بقاء الوضع على ما هو عليه و القائم على اللا حل. 
 
حسناً.. على الأرض ثمة حقيقة واحدة فقط تنتصب أمام الجميع: يحاول كل طرف من الأطراف السياسية في شمال اليمن و جنوبه إقصاء الآخر، و القضاء عليه. لا توجد رغبة لدى أي طرف من الأطراف السياسية في شمال اليمن و جنوبه لوقف الحرب و الانتقال إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى حل سياسي. 
 
إقصاء الآخر لم و لن يكون حلاً. و الهروب إلى الأمام كذلك ليس حلاً حتى لو تبدّى للهارب إلى الأمام انه أقوى. 
و الناظر إلى المنعطفات السياسية التي شهدناها خلال العقود الماضية، في جنوب اليمن و شماله، يجدها تشير إلى جملة من الحلول الناقصة التي استندت في بناء الدولة إلى أسس غير منطقية في إدارة شئونها، و كان أساسها انها أقصت الآخر، فكانت النتائج كوارث من كل صنف و لون، و تداعياتها المدمرة ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا.
 
في قراءة موجزة، للمحطات التي مررنا بها، في شمال و جنوب اليمن، قراءة موضوعية لمكامن الخلل التي جعلت الجميع يغرقون في دوامة لا متناهية من الصراعات، يمكن القول ان المراهنة في الوصول إلى حل سياسي عادل، أمر لن يتم إلا من خلال الاستناد إلى ان الدولة لا يمكن لها أن تقوم عن طريق استثناء طرف أو أطراف لطرف أو لأطراف أخرى، كما أن الإرادة الشعبية الجمعية لا يمثلها طرف دون طرف، ولا يمكن احتكارها من قبل طرف على حساب طرف أو أطراف أخرى. 
 
ان فهم مثل هذه الحقائق، تلك الحقائق التي لا تقوم على الإقصاء، من شأنها في نهاية المطاف ان تُمكّن جميع الأطراف السياسية من الوصول إلى طاولة المفاوضات، و إلا فإننا سنظل نراوح ذات المكان، و استمراره على هذا النحو، هذا النحو المتمثل في اللا دولة، سيؤدي تالياً إلى ظهور قوى أشد تطرفاً تتصارع داخل دويلات متناحرة لا لغة يجمعها غير لغة السلاح. 
 
ان أي توجه لقوة، أو لقوى تريد أن تنفرد بالحكم على حساب قوة أو قوى أخرى، توجه لا مستقبل له، و هو ما سيقود الجميع من جديد إلى مربع صراع تناحري، أشد وطأة من سابقه، إذ هو في هذه الحالة توجه، يقوم على إقصاء الآخر حتى لو بدا في نظر من يعتقد أنه الأقوى هو الحل الوحيد له، ذلك أنه ببساطة يجتر من تجارب الماضي الفاشلة، ليعيش وفقها حاضراً و يريد فرضها على الجميع كعنوان للمستقبل..!