مسجد ”أبان بن عثمان بن عفان ”.. مركز إشعاع ديني وقبلة المتهجدين في عدن

Monday 30 November -1 12:00 am
مسجد ”أبان بن عثمان بن عفان ”.. مركز إشعاع ديني وقبلة المتهجدين في عدن
يمني سبورت- الاناضول:
----------
 
يعتبر مسجد "أبان" أو مسجد "أبان بن عثمان بن عفان"، بمدينة عدن، جنوبي اليمن، مركز إشعاع ديني وعلمي، برمزية تحدّت انسياب الزمن، لتصنع منه مقصدا أزليا لأداء صلاة التهجّد في رمضان، وتلقّي دروس الفقه والعلوم الإسلامية وحفظ القرآن.
 
ففي هذا المسجد، يجد المئات من المصلّين السكينة والصفاء الروحي لأداء صلاة التهجّد في مبنى تاريخي يعتبر حاضنة دينية وروحية.
 
مركز إشعاع ديني
 
مسجد تاريخي يتوسّط مدينة "كريتر" العتيقة بعدن، ويعود بناؤه للقرن الهجري الأول، ويعتبر من أقدم المساجد في اليمن وجنوب الجزيرة العربية.
 
وينسب بناء المسجد إلى أبان بن عثمان بن عفان، رضي الله عنهما، حين أرسله والده إلى عدن، ليبني فيها مسجدا ويكون واليا عليها عام 105 هجرية، قبل عودته إلى المدينة المنورة مخلفاً وراءه نجليه "الحكم" و"المكثر".
 
وفي حديث للأناضول، قال اليمني الحاج عوض سعيد القنبلة (65 عاما): "أحرص وأولادي الأربعة على تأدية صلاة الليل التهجد في مسجد أبان، لقربه من منزلنا، وللشعور بالراحة والسكينة، التي عادة ما تغلف حياتنا طوال أيام شهر رمضان المبارك".
 
فيما يرى منير صالح اليافعي (40 عاما)، أن أصوات المقرئين الذين يتناوبون على تأدية صلاتي الترواويح والتهجد، وجمال تلاوتهم للقرآن، خصوصا إمام المسجد محمد باشافعي، كان لها دور كبير في تدفّق أعداد كبيرة من المصلين على المسجد.
 
أجواء روحانية وأصوات المقرئين التي تتعالى بين جوانب المسجد، دفعت الكثير من المصلّين إلى الاعتكاف في المسجد، طيلة العشر الأخيرة من الشهر المبارك، اقتداء بسنة النبي محمد (خاتم المرسلين).
 
علي مبارك عبدالله (47 عاما)، أحد سكان حي "الرزميت" بمدينة كريتر، قال للأناضول: "توجد الكثير من المساجد قرب منزلي، إلا أنني أحرص بين الفينة والأخرى، على الاعتكاف في مسجد أبان، لما يمثله من رمزية دينية كبيرة، وأجواء روحانية، قلما تجدها بالمساجد الأخرى في المدينة".
 
رمزية دينية دعمتها المساحة الشاسعة لمسجد يتسع لأكثر من ألفي مصلٍ، دفعت العديد من المنظمات الخيرية، إلى إقامة وجبات إفطار يومية داخله، فضلا عن حلقات العلم والمحاضرات الدينية التي تقام فيه، خصوصا عقب صلاتي الظهر والعصر.
 
وتعقيبا عن الجزئية الأخيرة، قال الشيخ محسن العدني، الإمام والخطيب السابق لمسجد "أبان": "يعتبر مسجد أبان، بالنسبة للسكان في محافظة عدن، مركز إشعاع ديني وعلمي، ومشكاة نور لا تنطفئ على مر السنين".
 
وأضاف للأناضول، أن المسجد يحتضن دروسا ومحاضرات تتخللها تلاوة القرآن الكريم ودروس الفقه والحديث وباقي العلوم الإسلامية". 
 
قيمة تاريخية
 
ويقع مسجد "أبان" وسط حيّ يسمّى أيضا "أبان التجاري"، الذي عادة ما تدب فيه الحياة مساء، خلال الشهر الفضيل؛ فتفتح المحلات التجارية أبوابها، ويكتظ بالمتسوقين والباعة المتجولين، في حركة تستمر حتى شروق شمس اليوم التالي.
 
ورغم اختلاف أقوال المؤرخين حول بعض التفاصيل التاريخية للمسجد، إلا أنها اتفقت على أنه أول مسجد شيد بمدينة عدن، ومن أقدم المساجد على وجه الأرض.
 
ووفقاً لأقوال المؤرخين، جاء الصحابي أبو موسى الأشعري، في العهد النبوي، إلى عدن، فأسس مسجدا في ذات الموقع الذي ينتصب فيه حاليا.
 
ثم جاء من بعده الصحابي، معاذ بن جبل، فحدد معالم المسجد، وصلى فيه الناس، إلى أن ولي أمر عدن للحكم بن أبان بن عثمان بن عفان؛ حيث قام الأخير بتشييده وسماه باسم والده. 
 
ومن ذلك، عرف أنه أول مسجد بني في عدن، ويعد من المعالم الإسلامية القديمة ذات البناء البسيط الذي كان سائداً في القرون الإسلامية الأولى، ثم أعيد ترميمه بشكل كامل عام 1998؛ ما تسبب في طمس جميع معالمه القديمة.
 
وبلغت شهرة مسجد "أبان" شتى أصقاع الأرض، بفضل صيت علمائه النوابغ، أمثال أبراهيم بن الحكم بن أبان بن عثمان، و أبو مروان الحكم.
 
كما قصده الكثير من العلماء، في مقدّمتهم الإمام أحمد بن حنبل، وفق طه حسين هديل، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة عدن.
 
يقول هديل للأناضول، إن "المصادر التاريخية أوردت أن الإمام أحمد بن حنبل أقام في المسجد أثناء زيارته إلى عَدَن للقاء إبراهيم بن الحكم، حفيد أبان، للنهل من معارفه وعلومه الدينية، وكان ذلك عام 170 هجرية".
 
وأضاف: "نظرا لموقع عدن القريب من طريق التجارة العالمية، فإن الكثير من المسلمين في آسيا والقرن الإفريقي، بينهم الكثير من العلماء، كانوا يقيمون لأيام وأحيانا لشهور في المسجد، أثناء ذهابهم لتأدية مناسك الحج أو لدى عودتهم منه".
 
ورغم التاريخ العريق للمسجد، إلا أن شكله الداخلي والخارجي، ينم عن تواضع كبير، في انعكاس يقول مؤرخون إنه يترجم صفات العلماء الذين أحيوا المسجد للذكر والعلم والمعرفة.
 
ولم تكن للمسجد منارة أو مئذنة أو قبة، كما أن الزخارف التي تزين أبوابه وأعمدته ونوافذه ذات شكل بسيط، قبل أن يتم إعادة ترميمه وفق الطابع المعماري الحديث الذي يعد أقرب إلى النمط التركي.
 
ومسجد "أبان" لا يزال من أهم معالم مدينة عدن المدينة وأشهرها، ومنه تنقل صلاة الجمعة مباشرة عبر محطات الإذاعة والتلفزيون، بالإضافة إلى أذان صلاة المغرب في رمضان، عبر أثير اذاعة عدن، قبل توقفها منذ بدء المعارك في اليمن، في مارس/ آذار 2015.