أشباح الذكرى في صحيفــة 14 أكتـوبـر

Monday 30 November -1 12:00 am
أشباح الذكرى في صحيفــة 14 أكتـوبـر

- الصورة :

-يمني سبورت:
----------
بقلم : محمد الامير
------------------------
ذهب الضياء وشهقت الأنوار. وعمّ السكون المطبق على صحيفــة 14 أكتـوبـر التي كانت مرتعاً خصباً غنياً للصحافة والأدب والسياسة والرياضة ظلّت عقوداً طويلة متتالية تعج بالحياة كخلية نحل صاخبة . . 
وكنت لاتجد موطئ قدم في أروقتها وساحاتها. 
كانت ملاذاً ومناراً يحج إليها كبار الكتاب والشعراء والمؤرخين والأدباء علّها تجود عليهم بحيّز للنشر بين أبوابها وأعمدتها الوثيرة. 
كانت عشقاً أبدياً. من زارها لايطيق فراقها أو أن يبتعد عنها. حتى الذين في إجازاتهم الطويلة يتذرعون بالحجج لإستراق الزيارة الخاطفة. 
وكان عبير الحب وعبق العشق يتوارد بين جنباتها وأروقتها.
ذهبت إليها اليوم يهزني الشوق. والحب التليد الذي تركته معلقاً على أستارها. 
وتحطمت الأشواق الأولى على البوابة الموحشة اليتيمة. 
وصدى نعيق البوم والغربان السوداء تلفع أشجارها العارية الجرداء الداكنة. 
والساحة القفراء الباكية على زخم وعنفوان العصر الذهبي الذي تولّى أسفاً.إلى غير رجعة. 
قهر يتآكل النفس على برجنا العاجي وصومعة الصحافة الغرّاء الـمنيرة ينخر اليوم فيها السوس. وتتآكلها الأردة وتسري الديدان بين شرايينها الناعمة وأوردتها الرقيقة . 
لا أحد في الساحة سوى أشباح خفية في منتصف النهار بعزّ الظهر. 
وكان ظّلي شاهدا وشهيداً على الأرض الصدئة الخالية. ينوح بإنين خافت ذليل . . ويتداخل الصمت الموحش الغادر بتراجيع أصداء الشاعر الجاهلي الشاحبة تتردد فيها آسفة خجلى :
لا أرى من عهدت فيها فأبكي 
اليوم  دلها وما يحير البكاء.