هل أصبح "فيسبوك" أداة للرقابة العالمية؟

Thursday 14 May 2020 6:03 am
هل أصبح "فيسبوك" أداة للرقابة العالمية؟
----------

احتفل العالم قبل أيام بالذكرى الـ 75 على انتصار الاتحاد السوفيتي والحلفاء على ألمانيا النازية، لكن هذا الاحتفال شابته بعض الفضائح.

على سبيل المثال، أصدر البيت الأبيض الأمريكي بيانا تجاهل فيه دور الاتحاد السوفيتي في النصر على النازية، وعزا ذلك النصر فقط للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى، على الرغم من أنه من المعروف جيدا، أن الاتحاد السوفيتي هو من لعب الدور الرئيسي في هزيمة هتلر، بينما هبطت الولايات المتحدة الأمريكية على أوروبا في الأشهر الأخيرة من الحرب لاقتسام كعكة النصر، بعد أن أصبحت ألمانيا قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة.

بالتوازي وقعت فضيحة أخرى، ترددت أصداؤها عاليا في روسيا، حيث أفاد عدد من المستخدمين الروس عن حظر حساباتهم على موقع "فيسبوك"، لنشرهم صورا تاريخية مع علم الاتحاد السوفيتي، وقد وضعه الجنود السوفييت فوق مبنى "الرايستاغ" الألماني النازي بعد انتصارهم في معركة برلين الأخيرة عام 1945.

Yandex.ru
نسخة من الصورة التي قام بحذفها "فيسبوك"

بالنسبة للروس، والعالم أجمع، ترمز هذه الصورة للنصر على النازية، النصر الذي دفع الاتحاد السوفيتي من أجله أرواح 29 مليون إنسان، وهو ما يعادل مجموع سكان تونس والأردن وعمان وقطر مجتمعة. لم يكن هناك حد للغضب الروسي من قرار "فيسبوك"، خاصة مع النظر إلى المحاولات العديدة التي قام بها الغرب مؤخرا لتبييض جرائم النازية، وتحويل المسؤولية عن الحرب العالمية الثانية إلى الاتحاد السوفيتي. وتقدمت روسيا مرارا وتكرارا إلى الأمم المتحدة بمشروع قرار يقترح إدانة محاولات تمجيد النازية، لكن دولتين هما أوكرانيا والولايات المتحدة الأمريكية تصوتان ضد هذا القرار في كل مرة. إن الإجراءات التي اتخذها "فيسبوك" تكمّل هذه الصورة على نحو مثالي.

نشر "فيسبوك" لاحقا رسالة عن أن حذف هذه الصورة كان خطأ. لكن السؤال يطرح نفسه هنا: لماذا يحظر "فيسبوك" حسابات لم تصدر بشأنها أحكام قضائية، ولا تنشر موادا متطرفة أو إباحية؟ لماذا يبادر "فيسبوك" بتحديد المحتوى السياسي الذي يسمح أو لا يسمح لمستخدميه بالاطلاع عليه؟

منذ أيام نشر صحفي روسي معارض فيلما وثائقيا، يتضمن مقابلات مع مبرمجين روس يعملون في وادي السيليكون بالولايات المتحدة الأمريكية. كان الجميع يبتسمون، ويتحدثون عن إنجازاتهم ونجاحاتهم، وكانت فكرة الفيلم الوثائقي واضحة: "يا مبرمجي العالم! تعالوا إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث الجنة.."

في اليوم التالي، أصدر مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الروسي الشهير "فكونتاكتي"، وخدمة "تليغرام"، بافل دوروف، تصريحا قال فيه إنه يعرف شخصيا جميع المشاركين في المقابلة، وإنهم جميعا أصيبوا بخيبة أمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد غادرها بعضهم بالفعل. يعيش دوروف الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويعتبر نفسه مواطن العالم، ويصف الولايات المتحدة الأمريكية بأنها دولة بوليسية، ووادي السيليكون بأنه عبارة عن قريتين صغيرتين أسعارهما مبالغ فيها، وبلا أي حياة ثقافية. كذلك قال دوروف إن المكان الوحيد الذي تمت فيه سرقته في وضح النهار كان مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، وإن الولايات المتحدة الأمريكية ليست المكان المناسب للشركات في مجال تكنولوجيا المعلومات.

يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تلجأ لاستخدام أدوات بوليسية، بما في ذلك أدوات السيطرة والرقابة على "فيسبوك" وسائر الشبكات الأخرى، بينما تفقد بالتدريج التفوق والزعامة التكنولوجية والأيديولوجية. مع ذلك، فمن المرجح أن تؤدي مثل تلك الأساليب إلى فقدان موقع "فيسبوك" لمواقفه ومصداقيته لدى المستخدمين، وذلك ما يقوله دوروف.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب