محمد العولقي يكتب : زيدان .. يتألم ولا يتعلم ..!

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
* الهزائم يا سادة أشكال وألوان، هناك الهزيمة المقبولة، والهزيمة المنطقية ، والهزيمة غير المستحقة ، لكن (زيدان) أضاف لونا جديدا للهزيمة، فقد أثبت للعالم بالطول والعمق والارتفاع أن هناك الهزيمة المؤلمة التي ترتقي إلى درجة الفضيحة بجلاجل ..
 
* أمام (ليجانيس)، الفريق العاصمي المتواضع تاريخا وقدرات، طرح (الريال) عملة أخرى للهزيمة، عملة (فضيحة) تحمل على وجهيها رسوما للاعبين حيارى، سكارى وما هم بسكارى، ومدرب يتألم ولا يتعلم ..
 
* كانت مؤشرات خروج قطار (الريال) على سكة الانتصارات واضحة لأعمى (المعرة)، وكانت الاضطرابات داخل غرف اللاعبين تكبر وتتضخم، لكن (زيدان) تعامل مع هذه المؤسرات على أنها (تفاهات) ، سرعان ما تزول ..
 
* كانت هذه (التفاهات) في مفهوم (زيدان) لحظية ، لن تنال من الروح المعنوية للفريق ، لقد أدار لها ظهره رغم خطورتها ، وظل يتعامل مع (المشاكل) الداخلية للفريق ، بجملة باردة (لست قلقا) ..
 
* كبرت (تفاهات) الفريق ، يخسر من (ريال بيتس) يقول : لست قلقا ، ثم يتعادل مرتين في الكأس مع فريقين من وزن (الذبابة) في ملعبه ، يكرر : لست قلقا ، ينهار الفريق أمام (توتنهام ) في دوري الأبطال بشكل مؤسف ، برضه يلوك نفس الأسطوانة: لست قلقا ، يأتي (برشلونة) إلى (برنابيو) ويمسح بالريال الأرض ، وزيدان صامد ولا صمود (شعبان عبدالرحيم) في حب (عمرو موسى) ، يكرر جملته الباردة : لست قلقا ، الأمور تزداد سوءا ، والمشاكل النفسية تتضخم ، و (العاهات) تمثل بالريال ، وزيدان عند وعده : لست قلقا ، ثم تأتي كارثة إغراق (الريال) بواسطة الغواصات الصفراء ، يهتز عرش (زيدان) قليلا ، لكنه يتماسك أمام الصحافة ، يبتلع ريقه، ثم يخرج لسانه قائلا : لست قلقا ..
 
* كانت أسطوانة (لست قلقا) الزيدانية، قد خدرت اللاعبين ، و ضاعفت من لا مبالاتهم، ورفعت من أسهم الأزمة النفسية، والأهم أنها رفعت غطاء المسؤولية عن اللاعبين ، فكان لابد من تزويد (التفاهات) تفاهة جديدة ، ولقد كانت القشة التي قصمت ظهر البعير (زيدان) التفاهة المؤلمة والمدوية أمام (ليجانيس)، في ربع نهائي كأس إسبانيا، لم يكن أحد في العالم يتوقع السقوط التراجيدي للريال على أرضه، ومن ثم مغادرة مسرح آخر بطولة ممكنة للريال نظريا ، وللأمانة فأن الأخ العزيز (محمد عيدروس)، وكيل مصلحة الأحوال المدنية توقع سيناريو السقوط ، بل وحدد النتيجة كما آلت اليها المباراة، حتى أنني أشك أن يكون مالكا لكرة بلورية يقرأ فيها تقاطعات البخت والنصيب ..
 
* امتقع وجه (زيدان)، وهربت منه الدماء، لقد استحال حقيقة إلى (مومياء) فرعونية عتيقة ، هنا أدرك (زيدان) خطيئته الكبرى ، وعندما حاول إصلاح ما أسماها (تفاهات)، كانت قد تحولت إلى (جبل) ضخم جدا، يصعب تفتيته بين يوم وليلة ..
 
* مشكلة (زيدان) أنه لم يكن قارئا جيدا لتاريخ (ريال مدريد) ، لو فعل ذلك لفهم أن من أسرار بقاء (الريال) ثابتا قلة اللاعبين (الإسبان)، و (زيدان) لجأ الى (إسبنة) الريال الملكي ، فكان أن شكل (إيسكو) لوبيا إسبانيا يستقي قوته من الصحافة الموالية للفريق الملكي ، تجربة (برشلونة) مختلفة تماما عن تجربة (زيدان) لأن معظم لاعبي (برشلونة) الإسبان خريجي مدرسة (لامارسا)، بعكس الريال الذي جذب لاعبين (إسبان) من مدارس مختلفة ، لقد زاد الملح الإسباني على الطعام الملكي، فارتفع الضغط المدريدي إلى أعلى معدل ..
 
* على (زيدان) أن يعترف بأنه مدرب فقير جدا في النواحي التكتيكية، التي تحد من النواقص الفنية والأخطاء الفردية ، ومصدر قوته الحقيقية الموسم الفارط، أنه كان يعتمد كليا على قدرات لاعبيه الكبار في الملعب ، وإمكانياتهم الفنية والمهارية التي تصنع الفارق ، وعندما قل منسوب هذا العامل عند (راموس و مودريتش و كروس و كازاميرو و جاريث بيل وبنزيما ورونالدو ) ضاعت شخصية الفريق ، ولم يستطع زيدان الرهان إلا على (الصبر)، فربما تعود بطارية تلك القدرات للعمل مجددا دون جدوى حتى الآن ، رغم أن كل الدلائل تشير إلى ضرورة (فرمتة) الريال قبل خراب (مالطا)..
 
* تعاقد (زيدان) مع لاعبين شبان مهرة ، مثل (ثيو و سيبايوس و يورنتي و فاييخو ومايورال ) لكنهم فشلوا تماما في تشكيل إضافة للفريق ، تدرون لماذا؟
 
لأن فوضى (زيدان) كانت قد بدأت تضرب الفريق ، ثم إن المدرب لم يطور قدرات الوافدين الفردية والجماعية ، أو يضع لهم برنامجا تأهيليا للتكيف مع متطلبات المرحلة ، لقد تعامل معهم (زيدان) على أنهم (فلتات) بلمسة سحرية يمكن تحويلهم إلى لاعبين خارقين للعادة، دون تدخل جراحي منه ..
 
* من يريد أن يقرأ تقاطعات المشهد الريالي، عليه متابعة وجوه اللاعبين ، فهي وجوه تعتريها قترة وغبرة ، على أساس أن الجدية معدومة ، والإلتزام مفقود ، والروح المعنوية في الحضيض، والفوضى تضرب الفريق فنيا وتكتيكيا ونفسيا ، انظروا إلى الفاصل الممل للفريق في كل مباراة ، لا حلول في الوسط ، ولا إنتهازية في الهجوم ، ولا أمان في الدفاع والحراسة، فريق مرعوب حتى من ظله ..
 
* عندما تتغلغل (الفوضى) إلى جسد الفريق ، طبيعي أن تقل اللياقة الذهنية ، وهو ما ينعكس على توهان اللاعبين في الشوط الثاني تحديدا ، هناك مباريات كبيرة تلعب على جزئيات صغيرة ، فشل فيها (زيدان) بالضربة القاضية ، مرة لأن قدرات لاعبيه خانت حدسه، ومرة لأن الريال في غياب الحبكة التكتيكية أصبح كتابا مفتوحا يتجرأ عليه الكبير والصغير على حد سواء ، وما درس (ليجانيس) الصغير جدا إلا دليل على أن الفريق الملكي بدون هوية ، وبدون شخصية ، وبدون قدرة على التركيز ..
 
* لاحظوا أن لاعبي الريال في ظل الفوضى العارمة لا يضغطون على الخصم ، ولا يضيقون المساحات، يقعون في أخطاء ساذجة لا تتماشى مع عقلية الاحتراف ، وهذا يعني أنهم حيارى في استيعاب المطلوب ، لمدرب لا يعلم أصلا أدوات المطلوب ..
 
* يبدو (ريال مدريد) مرتعا خصبا للكثير من (العاهات) الفاشلة ، بداية من (بنزيما) المدلل ، مرورا بالصفقات الشابة التي لم تجد العون من (زيدان)، ونهاية بالمردود الضبابي للملهم (رونالدو) ..
 
* تبدو أيام (زيدان) معدودة في (البرنابيو) ، ما لم تحدث انتفاضة مفاجئة في قدرات اللاعبين ، يستعيدون بموجبها طراوتهم الفنية والذهنية ، قبل الامتحان الصعب أمام (باريس سان جرمان) ، ومع ذلك على (زيدان) أن يجد الحلول بنفسه ، ففريق تغريه البطولات كالملكي (ريال مدريد) ليس بحاجة لمدرب يتألم ولا يتعلم ، والمكتوب على جبين (باريس) لازم يشوفه (بيريز)..!