طلقها لانها بنت جزار:

المرأة اليمنية والعرف القبلي في أي خطٍ تسير؟! النظام القبلي يفرد للمرأة أهمية خاصة في الأعراف والتقاليد

Sunday 07 November 2021 1:08 am
المرأة اليمنية والعرف القبلي في أي خطٍ تسير؟! النظام القبلي يفرد للمرأة أهمية خاصة في الأعراف والتقاليد
يمني سبورت:
----------

صوت الأمل – سماح عملاق

 

 

 

ابتداء حسن (أمٌّ لثلاثة أطفال من محافظة إب) تطلقت من زوجها (شيخ من مشايخ محافظة الضالع) لتأخذ طفلين وتترك الثالث بمعية أبيه، تقول: “تزوجت وعمري 12 عامًا من دون إرادتي، فقد طمع زوجي بجمالي وخالف أعراف قبيلته، حيث إنني أنحدر من عائلة متواضعة تعمل في ذبح المواشي.

 

 

 

طلقني بعد ثماني سنوات من الضغط المتواصل لأعود بخفي حنين وطفلين، ومن دون تعليم، وجدتُ نفسي وحيدة فقد توفي أهلي وليس لي إلَّا جدة ضعيفة، فغادرت مع جدتي وأطفالي نحو محافظة تعز عام 2009م طمعًا بحياة كريمة”.

 

 

 

       وتروي ابتداء قصتها قائلة: إنها التحقت بالصف الثامن لتكون زميلة ابنتها، وأكملت تعليمها لتدرس في كلية الحقوق، كما عملت موظفة في الكلية نفسها انطلاقًا من عاملة للنظافة إلى سكرتيرة العميد بعد تخرجها.

 

 

 

وتابعت: “اخترتُ هذا المجال لأكون قادرة على انتزاع حقي بالتعليم والعمل واتخاذ القرار، ولأنني سلبت من أبسط حقوقي، أود أن أغدو نصيرةً للفتيات المستضعفات”.

 

 

 

قوانين

 

 

 

للقبيلة اليمنية قوانين مقدسة لا يمكن المساس بها من عهد الإمام القاسم حين اتفقت جميع القبائل على توقيع وثيقة القواعد المرجعية العرفية للقبائل اليمنية كافة عام 1253 هجرية، وصادق عليها كل الأعيان الاجتماعية في القبائل، وللمرأة نصيبها الوافر الذي توارثته الأجيال لتغدو من العادات المفروغ منها.

 

 

 

وذلك تبعًا لما أعلن عنه مجلس القضاء العرفي القبلي اليمني في صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 

 

“تاريخياً كانت سلطة الدولة في المجتمع اليمني هي سلطة على المواطنين الذكور، فيما السلطة على المواطنين الإناث كانت خاصة بالعائلة والقبيلة , فالتشريعات التي كانت تصدرها الدولة تعنى بتنظيم المجال العام فقط , أما تنظيم المجال الخاص فقط كان يتم وفقاً للعُرف القبلي .”.. وفقاً لما جاء في كتاب القصر والديوان ( الدور السياسي للقبيلة في اليمن ) 2009 .

 

 

 

   و بين الكتاب , أن الاتفاقية التي عُقدت بين السلطان الكثيري وقبائل الحموم في خمسينيات القرن العشرين  تضمنت بنداً يقضي بأن لا تتدخل الدولة في المسائل المتعلقة بالنساء , وأن لا يتم تدخل المحاكم في القضايا التي يكون فيها أحد الخصوم امرأة, وقد أستمر هذا التقاسم للسلطة بين القبيلة والدولة حتى الآن , و بشكل مختلف فقط تم إدماج العُرف القبلي المُنظم لعلاقات النوع الاجتماعي وعلاقات السلطة في المجال الخاص في المنظومة التشريعية للدولة .

 

 

 

مهن محدودة للمرأة

 

 

 

تخضع الفتاة في منظور القبيلة لاختيارات صارمة من المهن المحظورة أو المسموح بها، فمكانة القبيلة لا تقبل بالكثير.

 

 

 

منذ عام 2015م ورائدة حمود (أرملة من محافظة تعز) تعول أبناءها الخمسة، ولأنها غير مؤهلة علميا فقد عملت في مهنة الكوافير (تزيين النساء)، لكنها واجهت معارضاتٍ شتى من أسرة زوجها المتوفى وهم قبيلة معروفة في محافظة مأرب ترى وفقا للأعراف القبلية ان هذه المهن لا تليق بأبناء القبائل.

 

 

 

      تقول رائدة: “حينما علم أعمام أطفالي بطبيعة عملي الذي يقتضي تزيين النساء، اتصلوا بي وهددوا بأخذ أطفالي مني، ولم يجدِ معهم طبيعة الوضع وحاجتي للمال لأجل أطفالي، ومع أنهم يواسونني بين الفينة والأخرى لكنها فتات لا تغني ولا تسمن من جوع”.

 

 

 

الحب والقسر على الاختيار

 

 

 

     تتفق جميع الأعراف القبلية اليمنية على تجريم أي علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، وتعد ذلك من قبيل التمرد على الأخلاق القويمة التي اتخذتها الأجيال نبراسًا, ومن المتعارف في العرف القبلي تحريم الزواج من طبقة اجتماعية أقل، وضرورة أن تختار العائلةُ الزوجةَ، ومن يصدر عنه عكس ذلك نبذته القبيلة.

 

 

 

       تقول عبير الحميدي (شابة من محافظة إب): “لقد أخفيتُ علاقتي بزوجي -قبل الزواج- قرابة العامين، لكن انكشف أمرنا ذات مرة بسبب الوشاة، وقد ذقتُ الأمرّين من عائلتي بالحبس والضرب المبرح، أما عائلته فقد أجبرته على السفر”.

 

 

 

       ويضيف محمد عبد الخالق (زوج سميرة):” بأساليب مجنونة استطعنا التواصل وحينما عرفتُ ما واجهت عبير لأجلي عدتُ، وتزوجتُها مخالفًا لأعراف قبيلتي، وذلك لأن عبير ليست ذات أصل ونسب وفقا للتصنيفات القبلية، وأيضًا من اختياري على غير العادة”.

 

 

 

       ومع مضي أكثر من 12 عامًا على زواج عبير بمحمد إلّا أن معظم أفراد العائلة لم ترضَ عن محمد، وقد ميزت إخوته عليه بدعمها المادي، والمعنوي.

 

 

 

      “دعمَت عائلتي إخواني بالبيوت والأراضي إلَّا أنا، ومع أنهم ابتدأوا بمحبة بناتي الأربع، وسلوكيات زوجتي معهم ألَّا أنهم في مكابرة مع ذات القبيلة المسلوبة” يشرح محمد.

 

 

 

     وتحكي عبير صعوبة الحصول على سند من عائلتها حال خاصمت زوجها لأمرٍ ما: “خلال فترة زواجي لم أجد شخصًا أبوح له بما هو مكنون في نفسي، ولا سبيل لشكوى زوجي حتى لأمي معللين بذلك أنه اختياري ولابد من تحملي مسؤولية هذا القرار”.

 

 

 

خراب البيوت

 

 

 

تولي القبيلة اليمنية أهمية خاصة للأسرة، وتعدّ الطلاق عيبًا إلا للضرورة.

 

 

 

تقصّ عائشة عبدالكريم (اسم مستعار) تجربتها مع الطلاق “لقد كان حظي زوجًا عنيفًا وغير مسؤول، ولأنه ابن خالي فقد صبرتُ لعامين في صمت، وبعد أن ضقتُ ذرعًا من إهماله، وتعنيفه المستمر لي، عدتُ لبيت أبي وشكوته، لكن المفاجأة أن جميع أهلي خطَّأوني، وكأني أنا المذنبة، وخوفًا من كلام الناس أعادوني إليه مرارًا ليمارس تعنيفًا أكبر وأكبر، لدرجة محاولتي الانتحار بعد أن انجبت طفلة منه”.

 

 

 

يقول أبو عائشة شيخ من مشايخ مديرية بعدان ــ طلب عدم ذكر اسمه ــ: ” خراب البيوت لا يرضي أحدًا، ولأن الزوج من العائلة ففراقهم قد يؤثر سلبًا في علاقاتنا جميعًا، ونحن لانفرط بحقوق بناتنا ونعدهن المؤنسات الغاليات، بيد أننا نبذل كل أسباب الصلح حتى إذا انفرطت (زادت حدة المشكلات) فالطلاق حل أخير، وقد جعلت ابنتي تخلعه حينما تمادى ولم يحترم أعرافنا بإكرام النساء”.

 

 

 

       تطلقت عائشة بعد أن حاولت الانتحار، وانتزعت ابنتها بصعوبة بالغة نظرًا لعناد الزوج، لكن التحكيم القبلي، كان له الدور الأكبر في ضمان حقها بحضانة الطفلة وبالنفقة.

 

 

 

تقول المحامية أمل عبدالله: “تعود القبيلة للمحاكم في حالات نادرة ومستعصية، وغالبًا ما  يحل العرف القبلي مشكلات استعصت على الدولة، وفي المشكلات الأسرية تعدُّ القبيلة -غالبًا- ذكر اسم الفتاة في سجلات المحاكم عيبًا، وتفضل حلها بالأعراف المتبعة وتحكيم المشايخ”.

 

 

 

آراء من الشارع اليمني

 

 

 

       “للقبيلة عادات تحترم ولها عادات أخرى قد تخالف المنطق، فلابد من تحكيم الشرع قبل كل شيء” تقول حنين عصام.

 

 

 

       أما مالك ناجي (30 عامًا من صنعاء) ينتقد القبيلة بقوله: “العادات والتقاليد نحن الذين أتينا بها، ولم تأتِ بنا هي، فكينونة المرأة واستقلاليتها قد نصت عليها كل الأديان، لكن القبائل اليمنية مع الأسف مازالت تنظر إليها بدونية كإنسان تابع وغير مكلف”.

 

 

 

       تشارك أحلام المخلافي (23 عامًا من محافظة تعز): “المرأة في القبيلة اليمنية خط أحمر، ويسمون التعرض لها بالعيب الأسود، وإن كان تحفظهم يخنقها فإنه لصالحها، وخوفًا وتقديرًا وتقديسًا لها لا أكثر”.

 

 

 

      أما فؤاد علي (36 عامًا من محافظة إب)، فيقول: “تلتزم القبيلة بأعراف وقوانين من دون تفكير، وشعارهم أن هذا ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، ونحن لا نعترض بقدر ما نطالب بتحكيم العقل في كل ما ينبغي علينا اتباعه قسرًا”.

 

 

 

     غادة ضيف (40 عامًا من إب) تتحدث قائلة: “إن العقليات قد تقدمت كثيرًا، ومن واقع تجربتي فقد تحضرت كثيرٌ من القبائل التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وهذا بالفعل ما يميز اليمن بحكمه القبلي الذي قد يغلب قوة الدولة إذا تطلب الأمر”.