يوشك عام 2023 على الوداع، لكن ذكراه ستظل عالقة في أذهان الرياضيين السعوديين، وستدون تحولاته التاريخية بأحرف من ذهب في السجلات الخضراء، ففيه حلقت الأندية الكبرى إلى عالم الخصخصة واستقطبت أكبر الأسماء العالمية، كما اقتحمت المملكة عالم الاستضافات المونديالية الكبرى؛ بدءاً من كأس العالم للأندية التي اختتمت قبل يومين في جدة، وانتهاء بالحلم الكبير «مونديال 2034 للمنتخبات».
وعاماً بعد آخر، تمضي الرياضة السعودية نحو التطور والازدهار بخطوات واثبة تحفها روح النجاح والطموحات العالمية مدفوعة بأجندة رؤية 2030 الواعدة والطموح.
وكان عام 2023 واحداً من الأعوام التي ستؤرخ في تاريخ الرياضة السعودية، لما سجله من نجاحات باهرة سيبقى أثرها متجلياً لسنوات طويلة، مشكلاً نقلة نوعية في شتى الألعاب وكرة القدم على وجه الخصوص.
ولا شك أن إعلان السعودية نوايا الترشح لاستضافة كأس العالم 2034، كان الحدث الأبرز رياضياً في السعودية العام الماضي، قبل أن تبدأ الخطوات الجادة لذلك، وسط تأييد كبير تجاوز أكثر من مائة دولة خلال أيام قليلة، تبعتها خطوات جادة لمشروع ضخم كان حلماً ثم أصبح واقعاً.
وستكون استضافة السعودية لكأس العالم 2034 خطوة مفصلية للبلاد على الصعيد الرياضي والإرث الذي سيسهم في صناعته استضافة البطولة العالمية بنظامها الجديد والموسع الذي يضم 48 منتخباً، حيث أصبحت السعودية مرشحاً وحيداً لاستضافة النسخة المرتقبة، ليعود المونديال إلى منطقة الخليج مجدداً بعد سنوات قليلة من استضافة قطر لنسخة 2022.
وبدا عام 2023 أشبه بعام الاستضافات الناجحة، فقد كان شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، شاهداً على استضافة السعودية أيضاً لكأس العالم للأندية للمرة الأولى في التاريخ.
واحتضنت مدينة جدة الممتدة على ضفاف البحر الأحمر بطولة كأس العالم للأندية بنسخة 2023، وهي آخر نسخة من النظام القديم للبطولة التي ستشهد انطلاقة مختلفة في عام 2025، وستقام بعدد موسع للأندية حيث تستضيف أميركا النسخة المقبلة.
وأقيمت البطولة بمشاركة 8 أندية، ومثّل السعودية نادي الاتحاد كونه بطل النسخة الأخيرة من الدوري السعودي للمحترفين، وكانت مشاركة تاريخية أيضاً لمانشستر سيتي الإنجليزي، حيث تعد هذه البطولة هي الأولى له، وأقيمت منافسات البطولة في ملعبي الأمير عبد الله الفيصل وملعب مدينة الملك عبد الله الشهير بالجوهرة المشعة، الذي احتضن حفلي الافتتاح والختام للبطولة التي توج بها النادي الإنجليزي العريق.
ولم يتوقف الحراك الرياضي السعودي ولو لبرهة من الزمن، فاحتضنت المملكة أيضاً لأول مرة، اجتماع مجلس «الفيفا» برئاسة السويسري جياني إنفانتينو لمناقشة مستجدات بطولة كأس العالم للأندية بشكلها الجديد، وذلك على هامش مونديال الأندية الذي احتضنته مدينة جدة. وفي 1 فبراير (شباط) الماضي، سجلت السعودية نفسها أحد البلدان المستضيفة لنهائيات كأس آسيا 2027 للمرة الأولى في تاريخها، عقب اختيارها من قبل الجمعية العمومية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم التي أقيمت في البحرين. وظفرت السعودية باستضافة البطولة الآسيوية، لتبدأ رحلة إنشاء بنية تحتية مغايرة ومختلفة للحدث القاري المرتقب، الذي سيكون نواة للحدث الرياضي الكبير؛ وهو احتضان كأس العالم 2034.
وشهدت مدينة الطائف الصيف الماضي، احتضان كأس السوبر الأفريقي الذي جمع بين الأهلي المصري واتحاد العاصمة الجزائري، وكسبه الأخير بهدف دون رد وتوج باللقب.
كما احتضنت السعودية بطولة الأندية العربية خلال فترة الصيف في مُدن الطائف وأبها والباحة، ووزعت فرق مجموعاتها الأربع بين هذه المُدن، قبل أن تحتضن الطائف النهائي الذي جمع بين الهلال وغريمه التقليدي النصر، وتوج الأخير بلقب البطولة.
وستكون السعودية أيضاً على موعد لاحتضان مباريات الأدوار النهائية في دوري أبطال آسيا للنخبة في موسمي 2024 - 2025 و2025 - 2026، بعدما تم منح السعودية الاستضافة المبدئية في المواسم الثلاثة التالية من نسخة 2026 - 2027 ولغاية 2028 - 2029، بعد مراجعة الاتحاد القاري للعبة لأداء الاتحاد السعودي في الموسمين الأولين.
وأعلن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في يوليو (تموز) الماضي، منح السعودية استضافة كأس آسيا تحت 23 عاماً (الأولمبية) في عام 2026، كونها تستضيف النسخة الخاصة ببطولة الكبار في العام الذي يليها. وعلى هامش كأس العالم للأندية، استضافت السعودية في ديسمبر الحالي، القمة العالمية لكرة القدم، التي تعد تجمعاً عالمياً لقادة صناعة الرياضة ذوي الرؤى على مدار يومين من المناقشات والتواصل الاستراتيجي وتسريع الفرص التجارية.
وتولت هيئة الترفيه تنظيم واستضافة كثير من الأحداث الرياضية في عام 2023 على هامش موسم الرياض، حيث أقيمت في يناير (كانون الثاني) الماضي، مواجهة جمعت نجوم الهلال والنصر تحت قميص واحد لمواجهة فريق باريس سان جيرمان الفرنسي، حيث التقى البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد فريق النصر بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي كان حينها لاعباً في الفريق الباريسي.
وتتواصل فعاليات كرة القدم التي تتولاها هيئة الترفيه، حيث سيقام كأس السوبر التركي بين فريقي غلاطة سراي وفنربخشة يوم 29 ديسمبر الحالي في ملعب الأول بارك بالعاصمة الرياض.
واحتضنت السعودية أيضاً دورة الألعاب القتالية المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، حيث أقيمت البطولة في العاصمة الرياض. وكسبت السعودية تنظيم كأس آسيا للسلة للرجال في عام 2025، وذلك للمرة الثانية في تاريخ السعودية، حيث ستقام البطولة في محافظة جدة، حيث كانت آخر نسخة أقيمت هنا في عام 1997. وكان لعشاق التنس فرصة كبيرة لمشاهدة كثير من المباريات المهمة، بعدما أعلن اتحاد لاعبي التنس المحترفين، في أغسطس (آب) الماضي، فوز مدينة جدة باستضافة نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس لمدة 5 أعوام مقبلة، بدءاً من العام الحالي 2023 وحتى 2027.
وستشهد العاصمة الرياضية استضافة نخبة من نجوم التنس العالميين على كأس موسم الرياضي، حيث يلتقي الصربي نوفاك ديوكوفيتش بالإسباني كارلوس ألكاراز، وعلى صعيد المنافسات النسائية يتجدد اللقاء بين البيلاروسية أرينا سابالينكا والتونسية أُنس جابر.تخصيص الأندية الرياضية واستثمارهافي يونيو (حزيران) الماضي، أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، بعد اكتمال الإجراءات التنفيذية للمرحلة الأولى، تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في القطاع الرياضي، الهادفة إلى بناء قطاع رياضي فعال، من خلال تحفيز القطاع الخاص وتمكينه للمساهمة في تنمية القطاع الرياضي، بما يحقق التميز المنشود للمنتخبات الوطنية والأندية الرياضية والممارسين على الأصعدة كافة. وتضمن المشروع في المرحلة الحالية مسارين رئيسيين؛ أولهما، الموافقة على استثمار شركات كبرى وجهات تطوير تنموية في أندية رياضية، مقابل نقل ملكية الأندية إليها، والثاني طرح عدد من الأندية الرياضية للتخصيص بدءاً من الربع الأخير من عام 2023م.ويقوم المشروع على 3 أهداف استراتيجية، تتمثل في إيجاد فرص نوعية وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي لتحقيق اقتصادٍ رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية، مما ينعكس بشكل إيجابي على تحسين تجربة الجمهور.
ويهدف نقل الأندية وتخصيصها بشكل عام إلى تحقيق قفزات نوعية بمختلف الرياضات في المملكة بحلول عام 2030، لصناعة جيل متميز رياضياً على الصعيدين الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تطوير لعبة كرة القدم ومنافساتها بصورة خاصة، للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل 10 دوريات في العالم، وزيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من 450 مليون ريال إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنوياً، إلى جانب رفع القيمة السوقية للدوري السعودي للمحترفين من 3 مليارات إلى أكثر من 8 مليارات ريال.
ويعد مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، الذي أعلن عنه ولي العهد نقلة تاريخية في تاريخ الرياضة السعودية وفرصة كبيرة لرفع التنافسية بين الأندية وتطويرها وتحقيق الاستدامة المالية لها، كما يعزز المشروع العلاقة بين القطاع الرياضي والقطاع التنموي والخاص، مما سينعكس على زيادة مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي وفق مستهدفات رؤية 2030.
وكانت البداية مع أندية الهلال والنصر والاتحاد والأهلي التي تحولت ملكيتها إلى صندوق الاستثمارات العامة، قبل أن تتحصل شركات عملاقة على أندية أخرى، مثل «أرامكو» على نادي القادسية، وشركة «نيوم» على نادي الصقور، وهيئة العلا على نادي العلا، وهيئة تطوير الدرعية على نادي الدرعية.«استقطابات تلوي الأعناق»تحولت بوصلة الأنظار صوب السعودية بعد أشهر قليلة من إعلان النوايا لأن يصبح دوريها ضمن قائمة أفضل 10 دوريات في العالم، إذ تم إطلاق مشروع استقطابات اللاعبين وتحويل وجهات نجوم اللعبة في مختلف دوريات العالم نحو اللعب بالدوري السعودي.
كان حضور البرتغالي كريستيانو رونالدو في أواخر عام 2022، تحديداً يوم 31 ديسمبر، نواة لمشروع كبير، بدأ بتوقيع الأسطورة البرتغالي في صفوف نادي النصر، قبل أن ينطلق برنامج الاستقطابات الذي جلب البرازيلي نيمار والفرنسي كريم بنزيمة ومواطنه نغولو كانتي، والجزائري رياض محرز والبرازيلي روبرتو فيرمينيو، إضافة إلى الإنجليزي جوردان هندرسون.
بعيداً عن الأسماء والخوض في تفاصيلها، إلا أن مشروع استقطاب النجوم كان نجم عام 2023 بلا منازع على صعيد منافسات كرة القدم، وكان محط حديث كثير من مدربي فرق الدوري الإنجليزي والإسباني والإيطالي، بعدما دخل البرنامج سوق انتقالات اللاعبين بقوة.
وكان حضور اللاعبين إلى الفرق السعودية عاملاً مساهماً وكبيراً في رفع مستوى الجودة والتنافس بين الأندية وللمسابقة بشكل عام في إطار خطوات الصعود بالدوري نحو سماء العالمية وجلب أنظار المتابعين حوله ليصبح ضمن قائمة أفضل 10 دوريات بالعالم خلال سنوات مقبلة.اهتمام متجدد بالرياضات الإلكترونيةفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إطلاق بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، الحدث الأكبر من نوعه على مستوى العالم، الذي تنظمه المملكة في الرياض سنوياً ابتداءً من صيف عام 2024م.
وستشكل البطولة منصة مهمة تسهم في الارتقاء بقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، الذي يشهد نمواً مزداداً، وسترسخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة لأبرز المنافسات الرياضية والعالمية.
كما أعلن ولي العهد إنشاء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وهي مؤسسة غير ربحية ستتولى تنظيم البطولة، وستكون المحرك الذي سينقل هذا القطاع إلى مرحلة جديدة من التعاون بين جميع الشركاء والجهات المعنية بمنظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية للاستفادة من إمكاناتها الحقيقية وتعزيز نمو واستدامة القطاع.
تأتي هذه الخطوات لتؤكد إيمان السعودية الراسخ بمستقبل الرياضات الإلكترونية وخطواتها الدائمة حول دعم الرياضات الإلكترونية.
وأعلن مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت في 19 ديسمبر، إنشاء هيئة باسم «الهيئة السعودية للألعاب والرياضات الإلكترونية». نجمة آسيوية للدوسري بعد عام مضى سجلت فيه السعودية نتيجة خالدة أمام منتخب الأرجنتين في كأس العالم 2022، وكسب الأخضر السعودي، الأرجنتين، المنتخب الذي توج لاحقاً ببطولة كأس العالم، في واحدة من كبرى مفاجآت المونديال عبر تاريخه، نجح فريق الهلال السعودي ببلوغ نهائي كأس العالم للأندية في فبراير الماضي، بنسخة 2022 التي استضافتها المغرب، ليواجه ريال مدريد الإسباني كأول فريق سعودي يبلغ هذا الدور ويتوج بالميدالية الفضية عقب خسارته في المباراة بنتيجة 5 - 3.
وفي أكتوبر الماضي، توج سالم الدوسري نجم كرة القدم السعودية وفريق الهلال بجائزة أفضل لاعب في قارة آسيا عن عام 2022، ليصبح سادس لاعب سعودي يظفر بالجائزة عقب سعيد العويران 1994، ونواف التمياط 2000، وحمد المنتشري 2005، وياسر القحطاني 2007، وناصر الشمراني 2014.
الألعاب السعودية تجدد إثارتها
كانت دورة الألعاب السعودية نواة لمشروع ضخم يردف استراتيجية دعم الألعاب المختلفة التي أقرتها وزارة الرياضة منذ عدة سنوات، حيث انطلقت النسخة الأولى من البطولة في 2022، قبل أن تستمر في العام الجديد تحت شعار «بيننا أبطال».
وشهدت النسخة الجديدة من دورة الألعاب السعودية استحداث فئة الشباب تحت 18 عاماً بجوائز أقل من الجوائز العامة والتي تقدر بمليون ريال لصاحب الميدالية الذهبية.
حيث يتحصل حامل الميدالية الذهبية لفئة الشباب على مائة ألف ريال.