بعد الحديث في حلقة سابقة عن المشاكل التي يمكن ان تعترض القلب خلال الاعمار الصغيرة (لغير المصابين بأمراض مزمنة او بتاريخ مرضي وراثي بالقلب)، نتابع حلقات التوعية الصحية –الرياضية مع الدكتورة كلود سمعان (*) الاخصائية في امراض القلب، ونتطرق في هذه الحلقة الى المشاكل التي قد تعترض القلب في عمر الشباب وما بعده.
وتقول الدكتورة سمعان انه عندما يبدأ المرء في عمر الاحساس بالاستقلالية اي خارج الاهتمام الصحي المباشر للاهل (وهي المرحلة الممتدة بالاجمال بين العشرينات والاربعينات)، تصبح الرياضة خطيرة عند مجموعة محددة من الاشخاص الذين ينضمون وفق المصطلح الطبي الى فئة المعرضين لعوامل خطيرة (Facteurs de risque) على غرار معدل "الكوليسترول" العالي، المدخنين، مرضى السكري والضغط، وبالتحديد من يمتنع عن تناول الادوية، التي تساعد على التخفيف من العوامل المرضية، تحت ذرائع واهية منها عدم الرغبة في الاعتياد على الدواء او التشكيك بفاعلية الادوية... لذلك، يجب تحديد انواع رياضية معينة لهؤلاء الاشخاص كي يمارسونها، واجراء فحص للقلب قبل السماح لهم بممارسة الرياضة.
لذلك، على الاشخاص الذين تتراوح اعمارهم بين الـ20 والـ40 التنبه واليقظة، ومتابعة كل مؤشر يعطيه الجسم والقلب ايضاً لمعرفة مدى خطورته او جديته.
وهناك دول متحضرة تمارس فيها الرياضة بشكل مكثف من قبل المواطنين، وتكون الدولة مسؤولة عن صحتهم، وتلزم كل من تخطى الـ35 عاماً اجراء امتحان اجهاد (Stress Test)، لانها تؤمن بأن الطب الوقائي افضل بكثير واقل كلفة حتى من معالجة المريض لدى اصابته.
مخاطر الرياضة المستجدة
وتشير الدكتورة سمعان الى ان من مارس الرياضة منذ صغره وتابعها، يكون اقل عرضة للاصابة بأمراض قلبية من شخص قرر ممارسة الرياضة بشكل فجائي اما لتحسين شكل الجسم، او تخفيفاً للوزن، او مواكبة لـ"الموضة"... لذلك، على من يرغب ممارسة الرياضة بشكل مستجد، ان يستشير طبيبه حتى ولو لم يكن مصاباً بأي مرض، لان اجراء فحص صغير من قبل الطبيب كفيل بايضاح الامور وبسرعة كبيرة دون الحاجة الى فحوصات معقدة او دخول مستشفى او دفع كلفة كبيرة غيره... وعندها يحدد الطبيب انواع الرياضة الممكن ممارستها.
ومن الامور المهم متابعتها ايضاً، بعض العوارض التي تحصل غالباً عند الشابات والنساء واهمها فقدان الوعي لفترة محدودة، اذ غالباً ما يعتبرها الكثيرون "مشكلة نفسية" وهو امر خاطىء لان المسألة ليست دائماً مرتبطة بالعامل النفسي. ويجب عندها تخفيف التحاليل والنظريات واستشارة طبيب، فهؤلاء يمنع عليهم ممارسة الرياضة قبل استشارة الطبيب.
وفي ما خص الرياضيين الذين تخطوا الـ45 عاماً، فمن المحبذ ان يخضعوا لفحص للقلب ولو كانوا من الرياضيين المحترفين، وذلك للوقوف عند قوة الشرايين وقدرتها لانها تتأثر ايضاً بالعمر. ويتم التشديد على نتائج الفحوصات لهؤلاء اكثر بكثير من غيرهم. فمثلاً من يملك من هؤلاء نسبة كولسترول تصل الى المعدل العالي، يثير القلق لان ذلك يعكس مشكلة ما في جسمه كونه يمارس الرياضة بصورة متواصلة وعلى الرغم من ذلك لم يستطع تخفيض نسبة الكولسترول في الدم، وبالتالي فإن خطر تضرر شرايين هذا الشخص الرياضي اكبر بكثير من اشخاص يعانون من الوزن الزائد او السمنة او لا يمارسون الرياضة، ويجب صب الاهتمام على معالجة نسبة الكولتسرول وحماية شرايين القلب، نظراً الى المجهود الذي يقوم به عند ممارسته الرياضة.
باختصار، فإن المعطيات التي يتوقف عندها طبيب القلب عند اي شخص يمارس الرياضة او يرغب في ممارسة الرياضة هي التالية:
1- العمر
2- اسلوب حياة الشخص من الناحية الرياضية
3- وجود عوامل خطر على القلب (وبالاخص الوراثة لجهة الشرايين او كهربة القلب)
4- هل يحمل الشخص مشاكل تعرض القلب للخطر؟
ولكل مريض بالقلب، ننصح بممارسة الرياضة انما يجب تحديد انواع الرياضة الواجب ممارستها وفق حالة كل شخص، والرياضة السليمة التي يمكن للجميع ممارستها هي: المشي، ركوب الدراجات الهوائية والسباحة.
(*) الطبيبة كلود سمعان اخصائية في امراض القلب وخريجة جامعة لوفان الكاثوليكية للطب - بلجيكا-، تعالج في العديد من المستشفيات اللبنانية ومنها مستشفى سيدة البحار- جبيل ومستشفى الكورة، وتملك عيادتان في الاشرفية.
كما انها اشرفت على معالجة المدرب الحالي لمنتخب لبنان لكرة القدم الالماني ثيو بوكير عام 1988 حين تعرض لنوبة قلبية مفاجئة خلال زيارته الى لبنان.