ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺮﻳﻘﺔ ﻏﺮﺏ
ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻋﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﻛﺰ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ
ﺍﻟﻬﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺟﺤﻴﻢ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻭﻓﻲ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻘﻴﻦ، ﺗﻘﺎﺳﻤﺖ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻷﺳﺮ ﻗﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻛﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﻨﻮﻡ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻛﺮﺍﺳﻲ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻛﺄﻧﻬﺎ
ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻢ.
ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻡ ﻣﺤﻤﺪ - ﻭﻫﻲ ﻧﺎﺯﺣﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺘﻮﺍﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﻳﺴﻴﻄﺮﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻮﻥ - ﺇﻥ " ﺍﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﺃﺻﺒﺤﺖ
ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ، ﻭﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻫﻨﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﻣﺄﺳﺎﺓ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺃﻭ
ﺗﺨﻴﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﺎ ."
ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺤﺪﺙ ﻣﻨﻰ - ﻭﻫﻲ ﺃﻡ ﻟﺜﻼﺙ ﺑﻨﺎﺕ- ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ
ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻀﻄﺮﺓ
ﻟﻠﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﺰﻥ ﺻﻐﻴﺮ ﻟﻠﻜﺘﺐ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﻴﺔ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺃﺻﺒﺢ
ﻓﺎﺭﻏﺎ, ﻭﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﺃﻛﻴﺎﺳﺎ ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻴﺔ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﺍﻟﻤﺼﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺷﺒﻚ ﺣﺪﻳﺪﻱ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺎﺗﺮﺍ
ﻻﻣﺮﺃﺓ ﻭﺑﻨﺎﺗﻬﺎ .
ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﺳﻴﺪﺓ ﻋﺠﻮﺯ ﻗﺎﻟﺖ -
ﻭﻫﻲ ﺗﺆﺷﺮ ﺑﻴﺪﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﺎﺏ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ
ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺳﺮﻭﺍﻻ ﻗﺼﻴﺮﺍ ﻓﻘﻂ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺟﺴﺪﻩ ﺍﻟﻌﻠﻮﻱ ﻋﺎﺭ - ﺇﻥ
" ﻫﺬﺍ ﺍﺑﻨﻲ، ﺇﻧﻪ ﻣﻌﺎﻕ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ .. ﻧﺘﻤﻨﻰ ﻓﻘﻂ
ﺃﻥ ﻧﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻔﺎﻇﺎﺕ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻬﺎ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺒﻮﻝ ﻋﻠﻰ
ﻧﻔﺴﻪ " ، ﺛﻢ ﺍﻧﻔﺠﺮﺕ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ، ﻭﺧﻠﻒ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﺑﻨﺘﻬﺎ
ﺗﻘﻒ ﻏﺎﺿﺒﺔ ﻭﺗﻘﻮﻝ " ﻻ ﺗﺼﻮﺭﻧﺎ.. ﻻ ﺗﻔﻀﺤﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ."
ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺣﻮﺵ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺎﺗﺎﻥ ﺗﺠﻠﺴﺎﻥ ﻗﺮﺏ
ﺇﻧﺎﺀ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻛﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻄﺎﻃﺎ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﻄﺐ، ﻓﺎﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻓﺮ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﺦ
ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ ﻫﻨﺎ . ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺇﺣﺪﺍﻫﻤﺎ ﺗﻀﻊ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﺗﻮﺍﺻﻞ ﺍﺷﺘﻌﺎﻟﻬﺎ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﻮﺍﺻﻞ
ﺗﻘﻠﻴﺐ ﺍﻟﺒﻄﺎﻃﺎ.
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻏﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻏﺮﻑ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﻟﻠﻨﺰﻭﺡ ﺍﻷﻟﻴﻢ،
ﻭﺍﻷﺳﻮﺃ ﻣﻨﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺎﺭﺳﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﺣﺴﺐ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺯﺡ ﺃﻧﻴﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺙ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ
ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻣﻨﺼﻮﺭ ﻫﺎﺩﻱ "ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺤﺴﻢ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺃﻭ
ﺃﻧﻨﺎ ﺳﻨﺨﺮﺝ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ ﻣﻊ ﻧﺴﺎﺋﻨﺎ .. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻲ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﻭﻳﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﺗﻨﻌﻢ ﺑﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺮﻓﺎﻫﻴﺔ ."
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻳﺮ ﺃﻣﻮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ
ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﻴﻦ ﺇﺛﺮ
ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ ﻭﻗﻮﺍﺕ ﺻﺎﻟﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ ﻣﺎﺭﺱ /
ﺁﺫﺍﺭ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻓﻬﻮ ﻭﻛﻴﻞ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﺪﻥ ﻧﺎﻳﻒ ﺍﻟﺒﻜﺮﻱ
ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ "ﻧﻘﺪﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ
ﺗﻜﻔﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺣﺼﺎﺭ ﺗﻔﺮﺿﻪ ﻣﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻮﺛﻲ ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﻴﻊ ﻣﻨﺎﻓﺬ ﻋﺪﻥ، ﻭﻧﺪﻋﻮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺽ
ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺇﻏﺎﺛﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻇﺮﻭﻓﺎ ﻣﻌﻘﺪﺓ ."
ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺗﻮﻓﺮ ﻭﺟﺒﺔ ﻳﻮﻣﻴﺔ ﻟﻺﻓﻄﺎﺭ
ﻟﻠﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ﺗﺤﻮﻱ ﻛﻤﻴﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺯ
ﺍﻷﺑﻴﺾ ﻓﻘﻂ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺇﻧﻬﻢ
ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺩﺭﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻛﻞ ﻧﻈﺮﺍ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ
ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻼﺯﻡ.
ﻭﺑﺎﺗﺖ ﻋﺪﻥ ﻣﻨﻘﺴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ، ﻓﺎﻟﺤﻮﺛﻴﻮﻥ ﻭﻗﻮﺍﺕ
ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺴﻴﻄﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺗﺴﺒﺐ
ﻓﻲ ﻣﻮﺟﺔ ﻧﺰﻭﺡ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ.
ﻭﺗﻔﺮﺽ ﻣﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﻮﺛﻲ ﻭﻗﻮﺍﺕ ﺻﺎﻟﺢ ﺣﺼﺎﺭﺍ ﻣﻨﺬ
ﺃﺳﺎﺑﻴﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺗﻤﻨﻊ ﺩﺧﻮﻝ ﺃﻱ ﻣﻮﺍﺩ ﻏﺬﺍﺋﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺨﺎﺿﻌﺔ ﻟﻠﻤﻘﺎﻭﻣﺔ، ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻛﺎﺭﺛﺔ
ﺇﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ. ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻳﺴﺄﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻓﻲ ﻋﺪﻥ " ﻣﺘﻰ ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﺤﺮﺏ؟ ﻓﻘﺪ ﻣﻠﻠﻨﺎﻫﺎ ﻭﻧﺮﻳﺪ
ﺣﻴﺎﺓ ﺁﻣﻨﺔ ﻭﻣﺴﺘﻘﺮﺓ "
ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻧﺖ