اليمن : هشاشة سياسية في صنعاء وارتباك أمني في عدن

Monday 30 November -1 12:00 am
اليمن : هشاشة سياسية في صنعاء وارتباك أمني في عدن
----------

- صالح البيضاني:

في ظلّ هشاشة الوضع السياسي في صنعاء بعد تعثر التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، طرأ تطور أمني بالغ الخطورة في عدن. وتمثل هذا التطور، الذي عكس الهشاشة الأمنية في عاصمة الجنوب اليمني، في تفجير استهدف حاجزا لقوات تتولى حماية القصر الذي يقيم فيه الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في منطقة المعاشيق.

وجاء الانفجار أثناء وجود الرئيس الانتقالي ونائبه خالد البحاح، الذي هو أيضا رئيس الوزراء في عدن وذلك في وقت يسعى فيه الرجلان إلى “تأمين المدينة” على حد تعبير أحد الوزراء اليمنيين.

وقالت مصادر سياسية إن ما يحول دون التوصل إلى اتفاق بين علي عبدالله صالح و”أنصار الله” هو غياب الموقف الموحد بين الحوثيين، من الرئيس السابق. فهناك مجموعة حوثية تثق به على رأسها عبدالملك الحوثي زعيم التنظيم المقيم في صعدة، فيما يعتبر معظم القياديين الحوثيين الموجودين في صنعاء أن لديهم حسابا طويلا يريدون تصفيته مع الرجل “الذي لا يمكن الوثوق به بأي شكل”.

وقالت مصادر مطلعة من صنعاء لـ”العرب” إن اتفاقا بين الحوثيين والرئيس السابق كان من المزمع الإعلان عنه يوم الأربعاء الماضي تعثر بسبب رفض الجناح العقائدي في الحركة الحوثية الموافقة عليه.

وقالت المصادر إن الاتفاق الذي تبنته قيادات عليا في الحركة الحوثية مقربة من الرئيس السابق كان يقضي بتراجع الحوثيين عن الإعلان الدستوري الذي تم بموجبه حل مجلس النواب الذي يسيطر عليه صالح والبدء بتشكيل حكومة مشتركة من الحوثيين وحزب صالح (المؤتمر الشعبي) وبعض الأحزاب التي مازالت تدين بالولاء لهما.

ووفقا للمصادر، فقد جاءت المبادرة التي تبناها التيار السياسي والقبلي في الحركة الحوثية في محاولة لاحتواء بوادر الصراع التي ظهرت في الفترة الأخيرة نتيجة استبدال العديد من عناصر حزب المؤتمر الشعبي العام العاملين في مؤسسات الدولة بعناصر حوثية إضافة إلى تصاعد الحملة التي تبناها إعلاميون وسياسيون حوثيون واستهدفوا من خلالها صالح وحزبه.

وكشفت مصادر “العرب” أن محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا التي شكلها الانقلابيون عقب السيطرة على صنعاء بغرض إدارة مؤسسات الدولة والذي يعد من أبرز القيادات الحوثية الرافضة للتقارب مع الرئيس السابق تمكن من إجهاض الاتفاق بالإيعاز إلى مقربين منه لاستئناف الحملة على صالح.

وتشهد الجماعة الحوثية تباينا حادا حول الموقف من الرئيس السابق. فبينما يرى جناح في الحركة أنه يجب طي صفحة الماضي والتعامل مع صالح وفقا للمعطيات الجديدة التي تتطلب الوقوف صفا واحدا في مواجهة التحالف العربي والحكومة الشرعية، لا يبدي التيار الراديكالي في الجماعة أي تسامح مع صالح الذي خاض ست حروب وقتل في إحداها مؤسس الجماعة إضافة إلى تخوف البعض من عودة الرئيس السابق إلى لعب دور بارز قد يتسبب في الحد من نفوذ الحوثيين في المنطقة الزيدية التي مازال صالح يحظى فيها بشعبية نسبية.

ويرى العديد من المراقبين أن الرئيس السابق قد خسر معظم أوراقه على الأرض بعد أن سيطر الحوثيون على مختلف مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش والأمن وأن التخلص منه بات مسألة وقت فقط.

واعتبر المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أن صالح ليس في حاجة إلى أن يفاوض الحوثيين من أجل إلغاء الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة مشتركة، إلا إذا كان هذا جزءا من تكتيك يتبعه حلف الانقلاب لكسر حالة الجمود في المشاورات السياسية.

وأضاف التميمي في معرض حديثه لـ”العرب” أن المعادلة في صنعاء حساسة للغاية، فإذا كان صالح في وضع عسكري صعب فلن يستطيع الحصول على شيء من الحوثيين وإذا كان لا يزال يفرض سيطرته على الوحدات العسكرية فإنه الوحيد الذي يستطيع إنهاء نفوذ المتمردين وهذا لن يتم إلا في إطار صفقة سياسية تقبل بها الأطراف المعنية في الداخل والخارج، وتضمن له مخرجا آمنا من الأزمة.

وذهب المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل إلى أن الرئيس السابق لم يعد يمتلك الكثير من الأوراق لفرض أي نوع من الشروط على الحوثيين.

ويرى إسماعيل أن مرد ذلك يعود إلى أن الحوثيين بدأوا مبكرا في تقليم أظافر صالح والتحكم أكثر في سير التحالف الذي تم بينهما منذ وقت مبكر.

وأشار إسماعيل في تصريحه لـ”العرب” إلى أن تصور صالح لاستمرار استخدام الحوثيين في مرحلة ما بعد سقوط صنعاء كان خاطئا لأنه لم يدرك أنه يتعامل مع جماعة وضعت في تكتيكاتها استخدامه هو لتنفيذ مشروعها الذي يختلف كليا عن مشروعه، مضيفا أنه وفي الوقت الذي انحصرت أهدافه من التحالف مع المتمردين في الانتقام السياسي والعودة إلى المشهد، كانت الجماعة تستخدمه كجسر لاختطاف البلد والتفرد بالقرار السياسي والعسكري .

وعن مصير التحالف القائم بين الحوثيين وصالح أكد إسماعيل قائلا “نحن توقعنا من البداية أن هذا التحالف مصيره التفكك وأن الحوثيين لا يرون في صالح إلا عدوا مزمنا وورقة. وبالتالي فكل التسريبات عن انقلاب صالح الأبيض على الحوثيين يناقض كل الحقائق على الأرض والهوان الذي يعيشه الرئيس السابق وجناحه في المؤتمر الشعبي ولولا ظروف المعركة التي مازالت تفرض عليه وعلى الحوثيين التماسك لرأينا علي عبدالله صالح في سجون الحوثيين”.