في ظل الضغوط الكثيرة التي واجهتها الشرعية في اليمن، أعلنت الحكومة، الخميس، قبولها شكلا لخارطة الطريق التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ، ورفضها مضمونا؛ لتعارضها مع المرجعيات الثلاث، على رأسها قرار 2216. وقال رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر خلال لقائه السفير الأمريكي ماثيو تولر، "إن طريق السلام واضح ولا يمكن لأحد أن يستولي على السلطة بقوة السلاح ويمكنه الاحتفاظ بها"، مؤكدا على ضرورة أن تنتهي كل مظاهر الانقلاب، إضافة إلى الأسباب التي تدعو للقيام بأي انقلاب مستقبلا. يأتي حديث بن دغر مع وصول المبعوث الأممي إلى اليمن، الخميس، إلى العاصمة صنعاء، لعرض مبادرته على الحوثيين، ومناقشة تحفظاتهم، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين وفد الشرعية، والانقلابيين.
وخلال الساعات الماضية شهدت عديد من المحافظات اليمنية، منها حضرموت، وتعز، وعدن، مسيرات حاشدة لآلاف المواطنين، الرافضين للخارطة الأممية التي قفزت على المرجعيات، المتمثلة بمخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، وقرار 2216، والقرارات الأممية ذات الصلة. إلى ذلك أعلنت لندن شروعها في التشاور مع أعضاء مجلس الأمن الدولي، لطرح مشروع قرار لحل النزاع في اليمن خلال الأيام القليلة المقبلة. وبحسب صحيفة الشرق الأوسط، فإن مشروع القرار البريطاني يتضمن أربعة بنود، تتعلق بوقف الأعمال العدائية، ودعم خريطة السلام التي اقترحها المبعوث الأممي لليمن، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لكل المناطق في البلاد، والتحقيق في جميع المزاعم الخاصة بارتكاب أطراف الصراع انتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان.
حراك دبلوماسي يمني
وفي ظل التحركات التي تشهدها أروقة مجلس الأمن، تقوم الشرعية اليمنية بتحركات دبلوماسية على مستوى عالٍ، في محاولة لمنع صدور قرار بديل لقرار مجلس الأمن 2216، الذي رفض الانقلابيون الرضوخ له، بسبب تساهل المجتمع الدولي بشأن إلزام طرفي الأزمة اليمنية به. إذ التقى الرئيس عبدربه منصور هادي، أمس الأربعاء، سفيري الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ، وخاطبهما بالقول، كنا نعتقد أن المجتمع الدولي الذي شاركنا في خطوات العملية الانتقالية، أن يكون صوته واضحاً في تعرية الانقلابيين والمرتدين على إجماع الشعب اليمني". ويقول متابعون إن الدعم الغربي للحوثيين، يأتي في ظل وجود توجه لدعم محور الممانعة في المنطقة الذي تقوده إيران الداعمة للانقلابيين، وعليه يتوجب على الشرعية أن تقوم بتفعيل ورقة الدبلوماسية، وتعزيز وجودها على الأرض، في المناطق المحررة على وجه الخصوص.
فرص وتحديات
وفي هذا السياق يؤكد المحلل السياسي فيصل علي أن على الشرعية أن تواصل تقدمها في مختلف الجبهات، وتحديدا في صنعاء الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، ومحافظة تعز وأيضا في صعدة عاصمة الكهنوت. ويضيف لـ"مسند للأنباء" أن صدور أي قرار لا يرتكز على المرجعيات الثلاث، ولا يحترم إرادة الشعب، لن يكون ملزما بعد كل التضحيات التي قدمها، لافتا إلى عدم التزام الحوثيين بالقرارات الأممية السابقة، أبرزها 2216. ويعتقد" علي" أن انشغال بريطانيا، بما قضت به المحكمة العليا البريطانية، الخميس بوجوب تصويت البرلمان على قرار بدء إجراءات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قد تؤثر بشكل سلبي، على مساعي لندن السابقة لاستصدار قرار جديد بشأن اليمن. ويعني القرار بأن حكومة" تيريزا ماي" لا يمكنها اتخاذ خطوات تطبيق المادة 50 من معاهدة لشبونة، والتي تنص على بدء المحادثات الرسمية مع الاتحاد الأوروبي من دون الرجوع للبرلمان، بينما احتفظت الحكومة بحق الطعن على القرار. فيما يقول المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني، إن لجوء الشرعية إلى الشارع في الفعاليات الجماهيرية التي شهدتها أكثر من محافظة، يؤكد على وجود ضغوط قوية من جهات إقليمية ودولية، للقبول بالخارطة الأممية. ويؤكد لـ"مسند للأنباء" أن الحكومة الشرعية تعي جيدا أن الخارطة المقترحة، والتي أقرتها الرباعية" واشنطن، لندن، الرياض، أبوظبي" لا مناص من التعاطي معها، مع محاولة التغيير في جوهرها وتحسين بعض النقاط فيها.
رفض بقاء الحوثيين كقوة
وكان دبلوماسيون كشفوا لوكالة" رويترز"، عن دعم يشوبه الحذر من جانب السعودية لأفكار تضمنتها الخارطة الأممية التي عرضها ولد الشيخ على الشرعية والانقلابيين. وقال الدبلوماسيون إن هذا الموقف السعودي، يبعث الأمل في إمكانية أن تحرك الاقتراحات جهود إنهاء الصراع المستمر منذ 19 شهرا والأزمة الإنسانية الآخذة في التدهور. وأشار المصدر إلى أن" السعوديين قلقون من عدم وفاء الحوثيين بالتزاماتهم في حين يخشى الحوثيون تعرضهم للهجوم. وأبلغت عمان السعوديين بأنها ستستخدم نفوذها لدى الحوثيين لضمان الانسحاب وفقا لخطة الأمم المتحدة". بينما يستبعد مراقبون إمكانية، موافقة المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي الداعم للشرعية، على بقاء الحوثيين كطرف مسلح، يهدد أمن واستقرار الرياض والمنطقة برمتها، خاصة بعد توجيه إيران أكثر من مرة، تهديدات صريحة للمملكة تتعلق بأمنها. وكان المبعوث الأممي قدم خارطة مثيرة للجدل، ورفضتها الشرعية، فهي وفقا للرئيس عبدربه منصور هادي، تحمل بذور الحرب في اليمن إذا ما تم العمل بها وقبولها والتعاطي معها، معتبرا بأنها تكافئ الانقلابيين وتعاقب في الوقت نفسه الشعب اليمني وشرعيته.