المتطرف شخص تقف وراءه دائماً حقيقة مختلفة ..
يشرح ذلك قائد عسكري فيقول : "لم يتبق لكتيبتي سوى قليل من الطعام بعد أن تقطعت بنا السبل ، وكان لدينا عدد كبير من الأسرى ، وكنا مهددين بالموت جوعاً إذا استمرينا في اطعامهم ، فجمعت جنودي للتشاور ، الجميع أشاروا بضرورة اقتسام ما تبقى من طعام معهم ، واتخاذ تدابير شديدة التقشف لمواجهة المشكلة ، إلا واحد كان يتحدث بحماس ويقاطع الجميع ويطالب باحراق الاسرى أو قتلهم حفاظاً على ما تبقى من جنود الكتيبة ، وأخذ يبرر ذلك بصورة لفتت انتباهي ، قلت له ، وقد أضمرت شيئاً ، نعم الرأي ما قلت أيها الجندي الشجاع ، ثم أمرت أركان الكتيبة بوضعه تحت الرقابة المشددة ، وما هي إلا يومين حتى ضبط متلبساً بالتخابر مع العدو وكان آخر ما نقله للعدو هو أن آمر الكتيبة ١٣٦ قد أمر بإحراق الأسرى .."
التطرف ، والخصومة المتسمة بالانفلات ، والتصرفات الطائشة التي لا تحكمها أي ضوابط أخلاقية أو سياسية أو مجتمعية تسببت ولا زالت تتسبب في تأجيج الصراعات واشعال الكوارث والحرائق ، والهزائم ، وفوق هذا الاساءة إلى القضايا التي ينتسب إليها هؤلاء المتطرفون من كل الإتجاهات .
يوفر المتطرفون والمزايدون الفرص لهزيمة قضاياهم في مواجهات عبثية لا مسئولة ، كما أنهم يوفرون الفرص لإختراقات داخلية تقود إلى استنزاف الجهد في معارك داخلية يستفيد منها العدو الرئيسي في الصراع الذي تسبب في الحرب والمأساة .
لو أن القوى التي يتحدث هؤلاء المتطرفون جميعاً بإسمها ، ويمارسون الأخطاء باسمها ، التقطوا الموقف في اللحظة التي تبدأ فيها الانهيارات الاخلاقية تعبث بوجاهة القضايا التي تحملها لاستطاعت أن تنتزع فتيل المشكلة بتوضيح الموقف عبر رسائل سياسية وإعلامية وخطوات مسئولة تقارع التطرف الصادر عن كل من ينتسب إليها .
إن ترك الخطاب السياسي والاعلامي وجانب مؤثر من التصرفات الطائشة للمتطرفين والمؤججين للصراع من كل الأطراف إنما يعكس تراجع وجاهة المحتوى السياسي للقضايا التي يدعي هؤلاء جميعاً أنهم يعملون من أجلها .
فوق ما نحن فيه من كارثة ، فإن الأشد إيلاماً هو أن نتجه بالوجع الصادر عن هول الكارثة الى المكان الخطأ لنفرغ فيه الغضب والانين على نحو لا ندري معه أننا إنما نشعل النار في أجسادنا ، ولا غير ذلك .
إن أول مهمة للقوى التي تحمل أي قضية سياسية وجيهة هي أن تتصدى للتطرف إذا أرادت أت تسير بقضيتها إلى النهاية بنجاح . التطرف يهزم القضايا الكبيرة ، وهو صناعة الخصم الذي يخترق به كيانك بدرجة تمكنه من مواجهتك بإطمئنان .