مع الإجراءات الاحترازية .. ولكن!

Saturday 28 March 2020 5:27 pm
----------
لا يمكن أن يختلف اثنان على حتمية تطبيق الإجراءات الاحترازية والتشديد عليها في ظل التهديدات التي يشكلها التفشي المحتمل لوباء كورونا القاتل،خصوصا ونحن نشهد ما يجري في دول العالم من تطورات تتعلق بسرعة انتشار هذا الوباء أو ما يخص المعالجات التي تتخذها تلك الدول للحد من انتشاره .
وعلى الرغم من توالي التطمينات من طرف جهات الاختصاص في بلادنا والتي تؤكد أن الشر مازال بعيدا عنا ، إلا أن الواجب والضرورة يقتضيان أخذ الأمور مأخذ الجد وعدم التهاون في الإحتراز بقدر ما يمكننا فعله من إجراءات، مع ضرورة مراعاة واقعنا المحلي ودراسة الانعكاسات المحتملة لتطبيق تلك الإجراءات على المواطن .
في موضوع الإجراءات الاحترازية، شهدت الساعات الماضية بداية تطبيق عدد من الخطوات المهمة والضرورية،  ومنها حظر التجوال لعدة ساعات في الفترة المسائية وحتى الصباح الباكر ، وبحسب معنيين فإن قرارات أخرى ستاتي لاحقا لتعزيز الحيطة تجاه هذا الوباء القاتل .
وفي ضوء ما تم إصداره من توجيهات وما نفذ من إجراءات احترازية مجتمعية يمكن القول أن الامور ما زالت في طور "التجريب"،  خصوصا في جزئية حظر التجمعات ومنع التجوال وإغلاق الأماكن العامة،التي بدت تفاصيلها غير واضحة لكثير من المواطنين حيث مازال أغلبهم يطالب بتوضيحات عن البدائل بالنسبة لايام الحجر المنزلي الذي يتوقع أن يشتد فيما إذا ما كشف عن وجود حالات مصابة بالفيروس لا سمح الله.
المواطن الذي لا نشك في أنه سيخضع للحجر المنزلي ولو مكرها في نهاية المطاف تحاصره اليوم استفسارات كثيرة عن البدائل ، وعمن سيوفر له قوت يومه خلال فترة قد تصل إلى شهر او اكثر من المكوث في المنزل،  ناهيك عن توفير طلبات أخرى يعاني الأمرين في توفيرها خلال الأيام الاعتيادية فما بالكم بمثل هذه الأيام العصيبة ، وما دبة الغاز والماء المقطوع ومنغصات الكهرباء إلا مجرد غيض من هذا الفيض!.
القصد ألا يتسرع المعنيون بالأمر في إصدار الأوامر والتعليمات من دون النظر إلى ما يليها وما قد ينتج عنها من انعكاسات واضرار على المواطن ، وما إذا كان المواطن سيجد العون للتغلب على تلك الانعكاسات وما الذي يمكن أن يقدم له من مساعدة .
في الدول الأخرى، على اختلاف قدراتها وإمكانياتها، عملت السلطات على المساعدة وتوفير أفضل الظروف لإبقاء المواطن في منزله، فما الذي نستطيع أن نقدمه نحن لتحقيق مثل هذه الغاية ؟.
ندرك ونعلم ونعي أن أوضاعنا غير أوضاع الآخرين وظروفنا مختلفة عن ظروفهم وإمكانياتنا لا تسمح بمجاراتهم فيما فعلوه، لكننا لا يمكن أن نطلب من الناس أن تترك مصدر رزقها وتلزم البيوت دون حل وبغياب البديل المعقول، كما أن التنبيه ضروري إلى أن هناك فوارق جوهرية بين شعب يعتمد أغلبه على توفير قوت يومه بأعمال خاصة في الغالب، وبين دول وحكومات  وفرت سبل العيش الكريم لمواطنيها بكل شرائحهم ، وإذا كان الموظف في بلادنا قد بدأ يضرب أخماسا في أسداس بشأن ما سيفعله في (مصاريف) أيام الحجر المنزلي، فما بالكم بسائق التاكسي والبائع المتجول و(حمال)  الدكة وغيرهم من عمال اليومية !.
فهل يدرك أولو الأمر أن أي قرار يتخذ ينبغي أن يراعي المواطن من كل النواحي ليسهل تطبيقه ، لا سيما في الأمور الحياتية المهمة، حتى لا نسمع غدا وبعد غد عن معارك جانبية لفرض تنفيذ أوامر الحظر وتوجيهاته، تشغلنا عن الأهم وهو مواجهة الوباء.