رحلة العودة إلى خيار الاقليمين

Monday 30 November -1 12:00 am
رحلة العودة إلى خيار الاقليمين
----------

تقرير: وسام محمد:


قدمت الحرب في مشوارها المؤلم والمكلف خلال قرابة عام، تأكيدات جديدة على وجاهة رؤى وطنية سبق وأن تم طرحها غير انها لم تحظى بالاستجابة الكافية والتعامل الجدي.
عندما طرح خيار الاقليمين، كمحدد لشكل الدولة الاتحادية الجديدة التي توافقت عليها جميع القوى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، فإن الحزب الاشتراكي لم ينطلق من فراغ، بل كان الغوص في جذر المشكلة وتشخيصها الدقيق هو الاساس الذي استندت اليه رؤيته.

وبنفس القدر الذي حرص فيه الاشتراكي على تقديم حلول حقيقية للقضية الجنوبية التي خلفتها حرب صيف 94 وما تبع ذلك من ابتلاع دولة وتهميش شعب بكامله، فإن رؤية الحل تلك لم تخلو من معالجة لمجمل القضية الوطنية مع الحرص على بقاء الكيان اليمني وتفهم الحساسيات الجيوسياسية شمالا وجنوبا.
اذا كان مصير تلك الرؤية هو التجاهل من قبل اطراف الحوار التي يحرص بعضها على الانطلاق من المصالح الذاتية، فيما يفتقر بعضها الاخر للخبرة الكافية في التعامل مع القضايا الكبيرة، فإن الحرب الحالية وفرت للجميع من حيث لم تقصد، مجالا للرؤية يصبح من الصعب تجاهله اذا ما اردوا حقا العودة لاختيار مسارا صحيحا وفعالا.

ان تجاهل المعطيات التي قدمتها وتقدمها الحرب لكفيل بضرب مواعيد جديدة مع الخراب، كما ان التعامل باستخفاف مرة اخرى مع القضايا الكبرى، لن يجعل البلد بمنأى عن العواصف والتقلبات الكارثية.

بات من المعروف اليوم أنه الى جانب الحوافز الكثيرة التي حملت تحالف الحوثي وصالح على اشعال الحرب الواسعة، كان ثمة مخاوف يستشعرها مواطني محافظات شمال الشمال، ونجح ذلك التحالف في استثمارها كوقود في جحيمه.

احدى تلك المخاوف مبعثها حشر تكتل سكاني ضخم في اقليم قليل الموارد، عوضا عن احتضان هذا الاقليم المفترض “أزال” لأوهام ثقافية متعددة تتعلق بالاحقية في السلطة، وما يتبع ذلك من تغذية دائمة من قبل مراكز قوى ظلت لسنوات طويلة تعتاش من تطفلها على كل الثروة الوطنية.

ولأن القبول بحقيقة ان جزء كبير من السلطة قد تسرب خارج اقليم “أزال” لم يخلو من مرارة، فإن هندسة الاقاليم بذلك الشكل، كان قد وفر للطامحين بالسلطة واستعادتها حقل ألغام جاهز للتفجر وهو ما حدث في نهاية المطاف.
لقد حشد تحالف الحوثي وصالح مواطني محافظات شمال الشمال ليزجوا بهم في حرب اكتسبت في الاثناء عناوين ودوافع متجددة.
ان خيار الاقليمين الذي طرحه الحزب الاشتراكي في رؤيته للدولة الاتحادية ومعالجة القضية الجنوبية، يبقى الخيار الافضل، ليس لأنه كان سيحرم الحرب واحد من اهم الدوافع، ولكن لأنه قادر على كبح جماحها، وكفيل باسدال ستار حقيقي وفعال على مشهد العبث.
بالمقابل فإن مراوحة المقاومة الشعبية والجيش الوطني في الحدود الشطرية السابقة، وعدم التقدم لاستكمال تحرير باقي الاراضي اليمنية، مؤشر خطير ويستحثنا للبحث عن مصطلح آخر غير الفشل ويكون اقرب الى معنى عدم الارادة.

بات الجنوبيون اليوم يعتقدون ان الشروط التي ستترجم طموحاتهم وتضحياتهم الطويلة في واقع ملموس أصبحت متوفرة أكثر من أي وقت مضى.
وما ينذر ان الوضع قد يتخذ منحى تفكيكي هو محاولة تحالف الحوثي وصالح جعل مسألة الانفصال أمرا واقعا وذلك من خلال احتشاد قواتهم على الجهة الاخرى من الحدود الشطرية كأقل ما يمكنهم الفوز به.
وقبل ان يصبح التفكك ماثلا، لا يزال بالامكان افساد كل العوامل المعززة والعودة لبحث خيار الاقليمين والاستجابة الواعية لمتطلبات الواقع والتاريخ.

ان شروع هادي في تقريب الفصيل الجنوبي الذي بادله الحقد والتجاهل منذ تسلمه مقاليد البلاد مطلع العام 2012، يعني فيما يعنيه ان الرجل بدأ يتبنى طريقة جديدة في النظر الى تعقيدات الملف الجنوبي.

جاء تعين الزبيدي محافظا لعدن وهو احد المتطرفين لفك الارتباط، وتعيين شائع مديرا للأمن، كمؤشر كنا نبحث عنه لكي يحق لنا الحديث عن تخلق طريقة جديدة فرضتها وقائع الحرب الاخيرة.

مثل هذه الخطوة كفيلة ايضا لاعتبار ان هادي بدأ يستوعب قضية الجنوب كما هي لا كما تتراءى له، وعدم الانجراف خلف ردة الفعل يعني انه يستوعب القضية الوطنية بمجملها وهذا مدخل جيد للعودة الى خيار الاقليمين.