أصيب اليمنيون بخيبات أمل كثيرة في الماضي حيث لم تصمد الكثير من اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة لفترة طويلة، ودائمًا ما كان المدنيون العالقون في مرمى النيران أول من يدفع الثمن.
وأوجدت الهدنة الأخيرة في اليمن الغارق في الحرب تفاؤلا حذرا لدى كثير من السكان، الذين يخشون أن يصابوا بخيبة أمل جديدة في حال انهيارها كسابقاتها بينما يكافحون للبقاء على قيد الحياة.
ومع دخول الهدنة الأخيرة التي توسطّت فيها الأمم المتحدة حيز التنفيذ السبت، وإمكانية تمديدها إلى ما بعد الشهرين، يشعر الكثيرون بتفاؤل حذر وسط تبادل الأطراف المتحاربة بالفعل الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.
وقال مجاهد صلاح (43 عاما) وهو من سكان العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون لوكالة فرانس برس "اعتقد أنّ هذه الهدنة، كسابقاتها، ستفشل، والخاسر الأول هو المواطن اليمني".
بالإضافة إلى وقف جميع العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية، نص الاتفاق على السماح برحلتين تجاريتين أسبوعياً من وإلى مطار صنعاء الدولي للمرة الأولى منذ 2016، ولـ18 سفينة وقود بدخول ميناء الحديدة (غرب) الذي يسيطر عليه الحوثيون.
لكن صلاح قال إنه إذا لم يتم التطرق إلى القضايا الأساسية في أي اتفاق، مثل العجز عن دفع رواتب الموظفين الحكوميين والتعامل مع التضخم، فعندئذ "ما اهمية" كل ذلك.
تسببت الحرب الأهلية في اليمن منذ 2014 في ما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع اعتماد نحو 80 في المئة من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات.
وبحسب طاهر علي وهو جندي سابق (53 عاما)، فإنّ الشعب اليمني "ليس المستفيد منها، بل ان المستفيد الأول هو الحوثي"، في إشارة إلى المتمردين الذين يسيطرون على موانئ واقتصاد وتجارة شمال البلاد.
وأوضح طاهر علي "فُتح مطار صنعاء لهم ولأنصارهم، وفُتح ميناء الحديدة لهم وللتجارة معهم".
كذلك، رأى علي أنّ "هذه الهدنة هي أيضا بمثابة استراحة محارب حتى يلتقط الحوثي أنفاسه. ستعود الحرب بعد الهدنة أو حتى قبل انتهائها وأقوى من السابق".
ولم يبلغ الحوثيون والتحالف الدعم للحكومة عن أي انتهاكات كبيرة منذ بدء الهدنة يوم السبت الساعة 15,00 بتوقيت صنعاء (1600 بتوقيت غرينتش)، لكنهم تبادلوا التهم الثلاثاء بارتكاب "خروقات".
وكتب وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك في تغريدة بالإنكليزية على تويتر "لقيت الهدنة ترحيبا كبيرا لكنّها مهددة بخروقات الحوثيين، ومن بينها الانتشار العسكري وحشد القوات والمركبات وهجمات بالمدفعية والطائرات المسيرة"، من دون تفاصيل إضافية حول أماكن هذه الهجمات.
لم يصدر تعليق فوري من المتمردين بهذا الشأن.
غير أنّ وسائل إعلام تابعة للحوثيين أفادت بأنّه "تم رصد خروقات" للهدنة يومي الأحد والإثنين، متهمين التحالف بقيادة السعودية والجيش اليمني بشن هجمات في شمال البلاد وغربها.
في مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر، والتي يمر عبر مينائها 70 في المئة من السلع المستوردة وكذلك المساعدات، ترى مها حميد أنّ الحرب "طالت بشكل لم يكن أحد يتوقّعه".
وقالت المعلّمة في مدرسة حكومية البالغة من العمر 44 عاما لوكالة فرانس برس "ستتحسن الأمور لكن ربما يكون ذلك بطيئا. ولو حدث وفشلت هذه الهدنة، فمعنى هذا أنّ آخر أمل لنا قد انتهى".
وتابعت "الوضع الانساني مخيف، واستمراره كارثي، وطرفا الحرب يدركان ذلك"، مشيرة إلى أنها لم تحصل على راتبها منذ خمس سنوات.
بالنسبة إلى الطالبة في قسم التصميم الداخلي صفاء محمد (21 عاما) في جامعة بمدينة الحديدة، لا يمكن الوثوق بأي من طرفي النزاع.
وقالت "حتى المتشائمين منا يتمنون لو يتحقق الأمر ويخيب تشاؤمهم. أنا لا اثق في أي طرف في الحرب، لكننا تعبنا ونتمنى لو أنّ ما نشعر به يصيبهم"، مضيفة "يبدو قرار الهدنة هشا، وصوت الانفجارات محبط للغاية"، في إشارة إلى سماعها دوي انفجارات الاثنين.