أدت تداعيات الحرب الأهلية في اليمن التي أشعلت فتيلها ميليشيا الحوثي الانقلابية في سبتمبر 2014، إلى تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن وتدمير فرص الاستثمار للقطاع الخاص وطرد آلاف الموظفين من أعمالهم.
وخلقت الحرب المستمرة التي تسببت في "أسوأ أزمة إنسانية" على مستوى العالم وفق تصنيف الأمم المتحدة إلى خلق بيئة طاردة للشركات ورؤوس الأموال والمستثمرين وإغلاق آلاف المشاريع الاستثمارية وإهدار فرص التوظيف في أوساط الشباب الذين يتجاوز عددهم 6 ملايين وارتفاع معدلات البطالة إلى 13.42 في المائة في العام 2020 مقارنة مع 12.90 في المائة عام 2019.
ووفق أرقام صادرة عن الأمم المتحدة - اطلع عليها "المشهد الخليجي" - تراجع معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي في اليمن إلى مستوى قياسي في 2020 حيث بلغ -0.50 في المائة مقارنة مع 2.10 في المئة في العام 2019.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن عودة مجلس القيادة الرئاسي المعترف به دولياً ورئيس وأعضاء الحكومة واستقرارهم في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) سيسهم في تحسين الأوضاع في المحافظات المحررة وخاصة الاقتصادية والمعيشية.
ويؤكد المراقبون أن تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتحسن أسعار الصرف وقبل ذلك "استقرارها" عامل مهم في خلق بيئة مواتية لعودة الاستثمارات واستمرار شركات القطاع الخاص في ممارسة مهامها.
وشهدت العملة الوطنية (الريال) خلال الأيام الماضية تحسناً لافتاً واستعادت جزءاً من قيمتها حيث سجل سعر صرف الدولار الواحد 890 ريالاً بعد ان كان تجاوز السعر 1200 ريال في مارس الماضي، أرجعه مراقبون إلى اعلان السعودية والامارات عن دعم مالي لاقتصاد اليمن بقيمة 3 مليارات دولار منها ملياري دولار لدعم البنك المركزي اليمني.
استقرار الصرف
وأكد المحلل والخبير الاقتصادي عضو مشاورات الرياض، وحيد الفودعي، في حديث تلفزيوني إن على الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني العمل على تحسين أسعار الصرف وقبل ذلك "استقرارها".
وقال الفودعي: "يجب ان يستمر تحسن أسعار صرف العملة اليمنية، وقبل كل ذلك "استقرار" الصرف".
من جانبه يقول الخبير الاقتصادي، سيف العبسي، لـ"المشهد الخليجي" إنه "بعيداً عن "لغة السياسة" تبقى لغة الأرقام وتحسن الاقتصاد العامل الأساسي في تحسين بيئة الاستثمار وتحسن أداء شركات القطاع الخاص التي تشغل آلاف العمال الذين يعيلون الأسر".
وأوضحت البيانات الأممية أن قيمة الاستثمار الاجنبي المباشر في العام 2016 بلغت 561 مليون دولار مقارنة مع 1191 مليون دولار في العام 2015.
وأظهرت البيانات تراجعاً كبيراً في تدفقات رأس المال إلى مستوى قياسي في العام 2013 حيث بلغت 14 مليون دولار مقارنة مع 962 مليون دولار في العام 2012.
الانقسام المالي
وأكد العبسي أن أي إصلاحات اقتصادية أو تدفقات للمساعدات المالية من الخارج على شكل قروض أو ودائع مالية لدى البنك المركزي لن تسهم في حل مشكلة التدهور الاقتصادي المستمر وتحسن البيئة الطاردة للشركات والاستثمار الأجنبي.
وقال العبسي إن إنهاء الانقسام الاقتصادي الحاصل في مؤسسة البنك المركزي اليمني بين عدن وصنعاء عامل حيوي ومهم في تحسن الاقتصاد وخلق بيئة مستقرة للاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي.
وأشار العبسي إلى أن اليمنيين سيستمرون في دفع ضريبة "انقسام" المؤسسة المالية التي تسهم في خلق "اقتصاد موازي" يتحكم به "هوامير" شركات الصرافة الذين يضاعفون خسائر الريال اليمني وبدوره ينعكس على حياة المواطن.
وقال العبسي: "مالم يتم إعطاء مؤشرات إيجابية في ملف الاقتصاد ستتفاقم الأوضاع وتزداد سوءاً وستغلق الشركات والمصانع أبوابها وينضم الآلاف من الشبان إلى قائمة البطالة الذين ستستفيد منهم الميليشيا في إطالة أمد الحرب".
أولوية قصوى
وأكد المجلس الرئاسي في اجتماعه الأول، أمس السبت، أنّ "ملف الاستقرار الاقتصادي وتخفيف المعاناة الإنسانية للمواطنين، يعد أولوية وطنية قصوى ويأتي في سلم أولويات الفترة القادمة".
ويصنف اليمن وفقاً لتقرير التنمية البشرية العالمي 2016 ضمن قائمة الدول منخفضة التنمية ويحتل المرتبة 168 من أصل 188 دولة.
ويقول نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق، مطهر العباسي، في تصريح صحفي، إن الحلول يجب أن تركز على الجانب الاقتصادي كمدخل رئيسي لإيقاف الحرب وإحلال السلام في اليمن، بالنظر إلى ما خلفه الصراع من تركة ثقيلة في الاقتصاد المنهار والمجزأ بين طرفي الحرب.
وأعلنت الأمم المتحدة، السبت، وجود 17.4 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي؛ داعية إلى تقديم مزيد من الدعم لهم، متوقعة أن يتفاقم الوضع "بسبب الحرب في أوكرانيا".