السياحة وحماية البيئة

Friday 22 February 2019 7:55 am
السياحة وحماية البيئة

أوس عبدالله فاضل

----------
في اليوم العالمي لحماية البيئة الذي ترعاه منظمة الامم المتحدة نتطرق لمدى ارتباط نظافة البيئة بالسياحة، حيث يرتبط مفهوم السياحة المستدامة الآمنة بالبرامج السياحية التي تأخذ في الاعتبار احتياجات البيئة ودرجة الوعي المحلي بهدف استدامة المشروعات السياحية في الجانب الاقتصادي، والحفاظ على البيئة من التلوث جراء بعض النشاطات السياحية في مسعى جاد ومستدام لتكامل المتعة السياحية والحفاظ على البيئة في آن واحد.
ونذكر هنا ان الأنشطة والمنشآت السياحية وما يرافقها من ممارسات وفعاليات سياحية تقليدية بحكم تقاليد الشعوب في التعبير عن لها أثر بالغ على جودة البيئة حسب مستوى التنوع البيئي، وفي بعض الاحيان والاماكن يصعب تفاديه الا بشق الأنفس، وبعضه دائم لا يمكن معالجته أو إصلاحه، لذلك وفي البلدان ذات القدرات المالية والبشرية الكبيرة ومستوى الوعي البيئي يتم اللجوء إلى التخطيط بعناية وانسجام ودقة لإحداث أقل الضرر.
وهناك اثار مباشرة للصناعة السياحية على البيئة:
فزيادة معدل الطلب على مياه الشرب والإسراف في استهلاك المياه نتيجة لتدني الوعي البيئي لدى السائحين والمصطافين والمرتادين 
كما ان الزيادة في أعداد السكان وكذلك لطبيعة البرامج السياحية وظروف السائح ووعيه البيئي ينتج عنه تجاوز كمية المخلفات المنتجة لسعة النظام فتتراكم المخلفات ويتدنى مستوى خدمات النظافة.
ولعل من المهم الحديث بعجالة عن الازدحام اثاء المواسم الصيفية السياحية، فقد يحيل نزهة السائح إلى تجربة قاسية يخشى تكرارها؛ فزيادة عدد السيارات على الطرقات خاصة في وضع الانتظار، ينتج عنها كميات كبيرة من الغازات الخانقة مثل أكسيد الكبريت واكسيد النيتروجين وأول وثاني أكسيد الكربون، وبعض المركبات التي لم تصل إلى نهاية الاحتراق، كل هذه تعمل على ارتفاع مستوى تلوث للهواء، وتتسبب في ارتفاع معدل الضجيج حتى نصل إلى مستويات عالية مما يمكن تسميته التلوث الضوضائي.
ولا نسى ازدياد تلوث الشواطئ والمخلفات التي يتركها السائح وراءه، وهناك المنتجعات وتسرب بعض المخلفات السائلة او الصلبة في بعض الاحيان من الفنادق الى البحر، وما يتسرب من القوارب والمركبات البحرية من وقود وزيوت قد تمنع أو تعيق وصول الأكسجين إلى مياه البحر، وتؤثر سلباً على الكائنات والمجتمعات البحريةالتي هي جزء من المفردات السياحية المتنوعة في البر والبحر، ناهيك إلى الضوضاء التي تصدر عن المحركات وما تسببه من إزعاج يدفع ببعض الكائنات الحية كالاسماك والطيور إلى الهجرة.
ومن ناحية اخرى فإن عناصر البيئة الطبيعية ليست فقط المعنية بالتلوث، فللسياحة آثار على ثقافة المجتمعات المحلية وسلوكيات الفرد، فلا يمكن التخلي عن النشاطات السياحية واهميتها في در الأموال ودعم الاقتصاد وتحفيز البرامج التنموية الأخرى.
 فالسياحة صناعة تتكامل مع القطاعات الاقتصادية والتنموية والبرامج الثقافية الأخرى. لذا يجب أن نلجأ إلى مفهوم السياحة الخضراء ولا يقصد بها ما يرتبط بالمتنزهات والحدائق فقط بل المعنى المجازي لها وهو السياحة الآمنة، للتخفيف من حدة تلك الآثار السلبية على البيئة والمجتمع.
ونرى ان برنامج الأمم المتحدة للبيئة يعرف السياحة المستدامة بأنها "الاستغلال الأمثل للمواقع السياحية من بدخول السياح بأعداد متوازنة للمواقع السياحية على أن يكونوا على علم مسبق ومعرفة بأهمية المناطق السياحية والتعامل معها بشكل صحي ودي، وذلك للحيلولة دون وقوع الأضرار على الطرفين".
إذن؛ فالسياحة الخضراء التي نصر على تسميتها بالآمنة تعتمد في مقام متقدم على وعي السائح وعلى الإرشادات والبرامج السياحية المعدة مسبقا و بعناية، ولأن الوعي البيئي في مجتمعنا لم يرتق بعد إلى مستوى يمكن الاعتماد عليه في التعامل مع البيئة والحفاظ عليها، فإنه يتوجب  ما يلي؛
* مضاعفة الجهد والتركيز على المقومات الأخرى للسياحة المستدامة. 
* إعداد خطة مرورية تكفل تدفق السير بيسر وهو أمر ضروري، ويتوجب فيه تظافر جهود عدة جهات حكومية امنية ومرورية.
* تخصيص طرقات معينة للاستخدام في اوقات ذروة اليوم السياحي على مدار الموسم السياحي،
* منع دخول السيارات التي لا تقل أكثر من راكبين لاشغالها مساحات كبيرة في الطرقات دون فائدة ترجى من العدد الضئيل.
* بناء مواقف بعيدة وتسيير حافلات نقل عام مريحة ولو لموسم الاصطياف السياحي.
* تخصيص أماكن للاستمتاع بعناصر الطبيعة، لا تدخلها السيارات ولا يصل إليها الضجيج كالمحميات الطبيعية والمتنزهات المفتوحة. 
* تكثيف أعمال النظافة والصيانة الدورية للمناطق السياحية، لتشجيع السائح على أن يلقي بفضلاته في المكان المخصص ونشر وعي صحي بهذا الشأن. 
ويمكن حل أزمة المياه من خلال الترشيد الاجباري أو الطوعي للمنشآت السياحية، والاستفادة من تجارب الدول الاخرى وكذا الاستفادة من برامج الامم المتحدة التوعوية الارشادية.
وبحسب اختلافا امكانات الدول المادية ومستوى الوعي السياحي - البيئي، فقد بدأت بعض المنشئات العاملة في المجال السياحي عن طريق استحداث.اساليب سياحية جديدة مثل: 
* بناء فنادق ومنتجعات صديقة للمناخ في أماكن مختلفة من العالم تهتم الإدارة فيها بالاستخدام الرشيد للطاقة والماء، حيث يتم تجهيز كامل البناء بأجهزة منخفضة الاستهلاك للطاقة، مع استبدال أجهزة التدفئة القديمة بمحطات التدفئة الحديثة.
* التركيز على استخدام بعض وسائل الانتقال الصديقة للبيئة إلى الأماكن السياحية المقصودة، حيث يمكن استخدام القطارات المركبات التي تعمل بالكهرباء، والدراجات وغيرها من الوسائل غير المضرة بالبيئة.
* إعطاء صورة طبيعية جديدة للمكان الذي يعتبر قطباً سياحياً يساهم في ترقية السياحة البيئية وإنعاشها.
وأخيراً؛ فإن تطبيق مفهوم السياحة المستدامة الآمنة وإدراج البعد البيئي في العمل السياحي يعني وجود سياحة نظيفة رفيقة بالبيئة وصديقة للمجتمع وذات جدوى اقتصادية عالية.