في عام 1955 وفي مؤتمر باندونغ بإندونيسيا، أخرج الزعيم السوداني الراحل إسماعيل الأزهري، منديلا أبيضا من جيبه، كتب عليه باللغة الإنجليزية "السودان"، وقام بنصبه امام مقعده ليصبح ممثلا للسودان في ذلك المؤتمر المشهود.
وعند استقلال السودان في عام 1956، إزدان العلم السوداني الأول بالألوان الأزرق والأصفر والأخضر، الرامزة لثلاثية النيل والصحراء والسهول الخضراء.
ولم يخفق العلم السوداني الذي قامت بتصميمه السيدة السريرة مكي، سوى في 14 عاما، ففي العام 1970 وبعد انقلاب جعفر نميري، تم استبدال علم السودان ليصبح بشكله الحالي، ثلاثة مستطيلات: أحمر وأبيض وأسود، مع مثلث أخضر، وكان نصيب الفائز بالتصميم، عبدالرحمن الجعلي، 10 جنيهات سودانية.
وفي العام 2011، وإبان إعلان انفصال جنوب السودان عن شماله، ولحظة إنزال علم السودان من السارية ليحل محله علم دولة جنوب السودان، قام أحد قادة حركة جيش تحرير السودان بمحاولة قذف علم السودان بطريقة اعتبرت مهينة، ولم ينقذ العلم من الإهانة سوى تدخل ضابط برتبة عقيد يتبع للجيش السوداني، تلقف العلم وقبله، ومن ثم وضعه في الوضع اللائق.
غير أن ذات العلم لم يجد ما ينقذه في احتفالات القصر الجمهوري بعيد الاستقلال في العام 2018، وحينها ظهر الرئيس المعزول عمر البشير وهو يحمل علما بيده اليسرى قبل أن يقذف به غير مبال، مما دفع الناشطين لنشر وسم "البشير يهين العلم" على موقع تويتر.
وازدهرت تجارة العلم السوداني بعد قيام الحراك الشعبي الذي أطاح نظام البشير، حيث حرص الشبان السودانيون المتظاهرون على ارتداء العلم السوداني وحمله.
ويقول محمد البشير، وهو أحد تجار سوق أم درمان: "نستورد الأعلام من الصين وهي تدر علينا أرباحا كبيرة.. قبل ثورة ديسمبر لم يكن سوق الأعلام رائجا إذ كانت الحركة قليلة تتزامن مع أعياد الاستقلال".
ومع ثورة ديسمبر عاد علم السودان القديم خافقا بين الشباب، وعادت معه المطالب بعودته بديلا للعلم الحالي.
ويرى الأستاذ الجامعي، علي سعيد، أن تعلق الشباب بالعلم القديم يعود لارتباطه بالديمقراطية والحرية.
أما الكاتب محمد الحسن أحمد، فينظر لأمر عودة العلم القديم من منظور ثقافي، حيث يرى أن رمزية العلم القديم للنيل والصحراء والغابة، تجسيد حقيقي للهوية السودانية، ومن شانها إن طُبقت أن تزيل حالة الاصطفاف العرقي السوداني، وتضع المجتمع السوداني على جادة العدالة والمساواة.