عند انتقاد مظاهر الفلتان الأمني والفوضى المؤسسية في عدن تقف أمامنا ثنائية الاستقطاب السياسي الحاصل في الجنوب( مع وضد) ومايلحقها من توصيفات وتراشق لايبقي للموضوعية مجال ولا لمصلحة الوطن والمواطن أي اعتبار، فباتت حوادث الاغتيال أمر مألوف واعتداءات من يفترض بهم حماية المواطن شيء متكرر وصرنا نسمع بجرائم قتل واختطاف لم نكن نسمع عنها بتلك الطرق في عدن ..
لابد من التفريق بين منطلقات النقد وكونه منبثق عن توجه سياسي أم يريد حل المشكلة الأمنية فعلاً، وهذا لايمكن والحال هو التخندق خلف الأطراف السياسية وتبرير كل تصرفاتها ومهاجمة أي نقد ولو كان بقصد النصح، فهناك فرق بين أن تنطلق من نقدك لحالة أمنية ما من خلال حوادث وأخطاء وبين أن يكون المنطلق نقد للبناء الأمني والظروف المحيطة به والإمكانيات المتاحة ..
لانريد أن نكون مثاليين ونقفز على ظروف الحرب وانهيار مؤسسات الدولة والتأثير الخارجي لصراع المحاور الإقليمية والأطماع الخارجية، وهذا كله له تأثيره الواضح في جعل عدن ترزح في هذا الوضع الأمني المهلهل والضعيف، ولكننا نريد أن نقف على أبرز مشكلة موجودة والتي من خلالها غاب الأمن بل يستحيل إيجاده وهي مشكلة ذاتية بالدرجة الأولى ..
في بعض الحالات قد يكون البناء المؤسسي ضعيف أو بسيط ولكن إذا وجدت قوة أمنية موحدة ومتماسكة تحت قيادة لديها قرار فيمكن إيجاد حالة أمنية معقولة كخطوة للوصول للاستقرار الأمني التام، وهذا يمكن أن تلمسه في أي بلد أو منطقة تسيطر عليها قوات غير نظامية لكنها موحدة القيادة ولديها إمكانية اتخاذ القرار ..
إن مشكلة عدن الأساسية هي في تعدد الكيانات الأمنية وعدم امتلاك القرار لدى قياداتها المختلفة، فبات من المألوف والطبيعي في هذه الحال أن تجد قصص وحوادث كقصة صاحب الطقم ولن تنتهي هذه القصص الا بإيجاد قيادة أمنية واحدة وخروج ماعداها من مختلف التشكيلات المسلحة من المدينة، وهذا هو خلاصة مافهمناه من فكرة اتفاق الرياض الذي جاء لإنهاء هذه المشكلة القائمة منذ خمس سنوات..
.
.
علي سعيد الأحمدي
16 أكتوبر 2020م