،،
هل يدفع فينيسيوس ثمن طموحه؟
بعد موسم مخيب للآمال، يجد فينيسيوس جونيور، نفسه في مفترق طرق حاسم مع ريال مدريد، حيث فشل الفريق في حصد الألقاب الكبرى، وتتصاعد التوترات الآن بين اللاعب وفلورنتينو بيريز، رئيس النادي الذي لا يتهاون مع من يتحدى رؤيته.
وتضع مطالب فينيسيوس براتب يتجاوز راتب كيليان مبابي، إلى جانب صراع الأنا والتحديات التكتيكية التي تواجه المدرب الجديد تشابي ألونسو، مستقبل النجم البرازيلي تحت المجهر.
وتتفرق أبعاد أزمة فينيسيوس، بين الصراعات الشخصية والمعضلات الفنية، ولكن في خلفية تلك الصراعات تحوم شخصية بيريز الحاسمة التي أطاحت بأساطير النادي في الماضي.
…….
Getty Images
تحول فينيسيوس جونيور، الذي انضم إلى ريال مدريد في 2018 وهو في الثامنة عشرة من عمره، إلى أحد أفضل الأجنحة في العالم.
وسجل البرازيلي أكثر من 100 هدف في أكثر من 300 مباراة، وساهم في إحراز 3 ألقاب في الدوري الإسباني وبطولتين في دوري أبطال أوروبا.
لكن، مع وصول كيليان مبابي في صيف 2024، بدأت ديناميكيات الفريق تتغير، ومعها طموحات فينيسيوس، ووفقًا لتقارير إسبانية عديدة، يطالب فينيسيوس ووكلاؤه بأن يكون اللاعب الأعلى أجرًا في الفريق، متجاوزًا راتب مبابي الذي يُقدر بحوالي 20-25 مليون يورو سنويًا.
هذا الطلب أثار استياء بيريز، الذي يرى فيه محاولة لفرض شروط من خلال "الضغط"، خاصة في ظل توقف مفاوضات تجديد العقد الذي ينتهي في 2027.
كما يمكن أن يرى الجمهور والإعلام، وحتى اللاعبون أنفسهم، أن هذه الشروط تأتي في سياق الغرور وصراع الأنا، وكأن فينيسيوس يريد فرض نجوميته بالقوة على الوافد الجديد كيليان مبابي، الذي سحب البساط من تحت قدميه في الموسم المنصرم.
وتشير بعض المصادر إلى شعور بيريز باحتمالية الخيانة من جانب البرازيلي، وأنه يفكر في استكمال عقده والرحيل مجانًا في 2027، ما أثار غضب الرئيس الذي يرفض أن يخسر نجمًا دون تعويض مالي.
وتُعرف شخصية فلورنتينو بيريز بحزمها، فهو الرئيس الحاسم الذي أطاح في الماضي، بنجوم كبار مثل كريستيانو رونالدو (الذي رحل إلى يوفنتوس في 2018)، وسيرجيو راموس (الذي غادر في 2021 بعد فشل مفاوضات التجديد)، وكاسيميرو، وفاران، وآخرين.
ولا يتردد بيريز في اتخاذ قرارات صعبة إذا شعر أن اللاعب يهدد هيكلية النادي أو يتحدى سلطته.
ووفقًا لبعض التقارير الإسبانية، إذا لم يوقع فينيسيوس على عقد جديد بحلول ديسمبر/ كانون أول 2025، فقد يتم طرحه للبيع، لتجنب خسارته مجانًا.
،،،،،
Getty Images
من ناحية أخرى، يواجه تشابي ألونسو، الذي تولى تدريب ريال مدريد في يونيو/ حزيران 2025، تحديًا تكتيكيًا معقدًا.
يضم الفريق 3 نجوم يفضلون اللعب في مركز الجناح الأيسر، وهم فينيسيوس جونيور، وكيليان مبابي، ورودريجو جويس.
هذا الازدحام يخلق "أزمة غريبة"، لكنه يضع ألونسو أمام معضلة تكتيكية قد تؤثر على تماسك الفريق، حيث يعتبر فينيسيوس الجناح الأيسر الأساسي، الذي يعتمد على سرعته ومهاراته في المراوغة لاختراق الدفاعات.
لكنه عانى من تراجع في الأداء في موسم 2024/2025، حيث سجل 22 هدفًا وصنع 19 تمريرة حاسمة في 58 مباراة، والأهم أنه فقد بريقه في المباريات الكبرى.
ومع وصوله، أصبح مبابي النجم الأبرز في الفريق، وهو أيضا يفضل اللعب على الجهة اليسرى، لكنه قادر على اللعب كمهاجم صريح.
ويوجه ألونسو تحدي دمج مبابي دون التضحية بفينيسيوس أو إرباك خط الهجوم، الذي يضم أيضا رودريجو، لكنه رغم تألقه، غالبًا ما يجد نفسه خارج التشكيلة الأساسية أو يُنقل إلى الجناح الأيمن، وهو مركز أقل فعالية بالنسبة له.
وكشفت مباراة ريال مدريد ضد باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية (التي انتهت بخسارة 4-0) عن هذه المشكلة بوضوح، وافتقر الفريق إلى التوازن، مع تداخل أدوار فينيسيوس ومبابي، وغياب هيكلية واضحة في الضغط والهجوم.
وبات ألونسو في حاجة إلى نظام يسمح له باستغلال الثنائي فينيسيوس ومبابي، في ظل الرحيل الوشيك للطرف الثالث رودريجو، ربما من خلال وضع الفرنسي كمهاجم صريح، وإبقاء فينيسيوس على الجهة اليسرى، مع إيجاد دور واضح للموهوب الجديد جونزالو جارسيا، لكن هذا يتطلب تضحيات تكتيكية قد لا ترضي الجميع.
Getty Images
تضيف العروض السعودية طبقة أخرى من التعقيد، في أزمة فينيسيوس، حيث تشير تقارير عديدة إلى أن نادي الأهلي السعودي، بطل دوري أبطال آسيا، يستعد لتقديم عرض بقيمة 400 مليون دولار لريال مدريد، مع راتب سنوي يصل إلى 200 مليون دولار لفينيسيوس على مدى 5 سنوات.
هذا العرض، إذا تحقق، سيحطم الرقم القياسي لانتقال نيمار (222 مليون يورو)، بالإضافة إلى ذلك، يُقال إن السعودية تعرض دورًا كسفير لكأس العالم 2034، مما يجعل الصفقة مغرية ليس فقط من الناحية المالية بل أيضًا من حيث الإرث.
ومع ذلك، فإن مغادرة ريال مدريد في سن الـ25 تعني التخلي عن فرصة الفوز بدوري أبطال أوروبا مرة أخرى، وربما خسارة فرصة الفوز بالكرة الذهبية.
وأكد فينيسيوس نفسه في تصريحات سابقة رغبته في البقاء وصناعة التاريخ مع ريال مدريد، لكنه أثار الجدل بتعليقات وتصريحات مثل "أحتاج إلى التحدث مع الرئيس"، مما يُفسر كتكتيك تفاوضي.
،،،
Getty Images
رحيل فينيسيوس قد يمنح ريال مدريد ميزانية ضخمة لإعادة البناء، فعرض بقيمة 350-400 مليون يورو سيسمح للنادي بتعزيز مراكز أخرى، مثل لاعب وسط محوري لخلافة توني كروس ولوكا مودريتش، وربما نجم آخر في خط الهجوم إلى جانب مبابي.
لكن خسارة فينيسيوس، أحد أفضل المراوغين في العالم، ستكون ضربة قوية للهوية الهجومية للفريق.
وقد لا تتمكن بدائل مثل رودريجو "في حالة البقاء" وإندريك وجونزالو جارسيا، من ملء الفراغ على الفور، وقد يحتاج الأمر إلى وقت أكثر حتى يجد ألونسو التوليفة الهجومية المناسبة.
ويتوقف مستقبل فينيسيوس جونيور في ريال مدريد على عدة عوامل، أبرزها قدرته على التوفيق بين طموحه الشخصي وهيكلية النادي، وموقف فلورنتينو بيريز الذي لا يقبل "الابتزاز"، ونجاح تشابي ألونسو في إيجاد التوازن التكتيكي.
في الوقت الحالي، يبدو أن بقاء فينيسيوس هو السيناريو الأرجح، لكن استمرار التوترات في مفاوضات التجديد قد يفتح الباب لعرض سعودي يغير قواعد اللعبة.
ومع تاريخ بيريز في اتخاذ قرارات صعبة، وتحديات ألونسو التكتيكية، يبقى السؤال: هل سيظل فينيسيوس رمزًا لريال مدريد، أم سيصبح ضحية جديدة لسياسة بيريز الحديدية؟ الأشهر القادمة ستحمل الإجابة.