الكوليرا نموذجا.. الحوثيون والمتاجرة بالحالة الانسانية

Thursday 18 April 2019 5:21 am
الكوليرا نموذجا.. الحوثيون والمتاجرة بالحالة الانسانية
----------


لا يخفى كيف تعمدت المليشيا الحوثية التصدي لحملات اللقاحات من خلال عدة وسائل لعل أخطرها الشائعات التي اطلقتها ازاء العلاجات التي توفرها منظمة الصحة العالمية في مواجهة الامراض والاوبئة الفتاكة والتي تفشت بشكل مرعب مع سيطرة مليشيا الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة والزج في البلاد باتون حرب اهلية لا تزال مستمرة الى اليوم منذ 4 سنوات.

 

 عقبة الشائعات

وشكلت الشائعات الحوثية عقبة كبيرة حالت دون نجاح حملات التحصين ضد الامراض والاوبئة في  مناطق سيطرتها، حيث اطلقت المليشيا شائعات بان العلاج المستخدم في اللقاحات اميركي الصنع وتتم صناعته بإشراف اسرائيلي وانه يحتوي على مادة خطيرة تسبب العقم وهشاشة العظام وان هناك استهداف خارجي لشعب اليمن عبر اللقاحات.

وتفيد طبيبة الاطفال في صنعاء "أماني س ل" بان مثل هذه الشائعات تسببت بضعف الاقبال على تعاطي اللقاحات واحرمت كثير من الاطفال من التطعيم بسبب عزوف الوالدين عن اللقاحات وامتناعهم عن الذهاب بأطفالهم الى المراكز الصحية او امتناعهم من اعطاء ابنائهم اللقاحات خلال الحملات التي تستهدف المنازل.

وتقول خلال حديثها لـ"يمن الغد" بان الاقبال على تعاطي اللقاحات ضد مرض الحصبة لم يصل نسبة 50 بالمائة بسبب الشائعات التي اطلقها الحوثيون وروجوا لها بشكل واسع منذ سيطرتهم على صنعاء في العام 2014م.

 

فيديو متاجرة المليشيات بالبشر

 

https://twitter.com/Yemengd/status/1117996453820022785

 

 

استثمار الاوبئة

يتساءل احد الموطنين في حديث دار على متن احدى الحافلات في صنعاء:  مامصلحة الحوثي من اطلاق الشائعات ضد اللقاحات وحملات التطعيم.. ليجيبه احد الركاب على الفور: المصلحة تكمن في استثمار الاوبئة والمتاجرة بارواح الناس، ولعل ذلك يشير الى ان المتاجرة الحوثية بالأوبئة والامراض لم تعد خافية حتى على العامة.

وتشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن مكتب الصحة في العاصمة صنعاء، والتي يتم تداولها بشكل سري، إلى أن حالات الاشتباه والإصابة بالكوليرا والتي تصل إلى المراكز الصحية والمستشفيات بالمئات يومياً في ظل استمرار وزارة الصحة المسيطر عليها من قبل المليشيا الحوثية في التعامل مع الوباء بشكل انتهازي وتحميل المنظمات الدولية ودول التحالف المسؤولية.

ونشرت وكالة الاشيوتيد برس الأمريكية تقريراً تضمن تأكيداً عن إعاقة مليشيا الحوثي دخول أدوية وعلاجات خاصة بمرض الكوليرا، واشترطت للسماح بدخولها الحصول على سيارات إسعاف من المنظمات الدولية وهو أحد أوجه الاستثمار والابتزاز الذي تمارسه مليشيات الحوثي فيما يخص الأمراض والأوبئة المنتشرة في العاصمة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

 

 المتاجرة بالحالة الإنسانية

ويستدل مراقبون بخلو المناطق الخاضعة للشرعية من الأوبئة المختلفة التي تظهر في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، وخاصة وبائي الكوليرا والسل، وهو ما يعني - بحسب المراقبين - وجود أياد حوثية صريحة تقف وراء تفشي الأوبئة لاستثمار ذلك في أروقة المجتمع الدولي وتحميل الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها المسؤولية عن ذلك.

وعاد وباء الكوليرا في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مجددا ليحصد أرواح العشرات من اليمنيين بعد أن كان انحسر العام الماضي إثر تدخل المنظمات الدولية والمجتمع الإقليمي، وسط اتهامات حكومية بتسبب المجاعة في عودة تفشي المرض للمتاجرة بالحالة الإنسانية في المحافل الدولية.

وكانت إحصاءات المنظمة الدولية أشارت العام الماضي إلى إصابة أكثر من مليون شخص في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية بالاسهالات المائية، قبل أن يؤدي التدخل الإنساني إلى انحسار الأوبئة.

 ويتهم مواطنون في صنعاء الجماعة الحوثية بأنها تغض الطرف عن عملية سقي الخضار والفواكه ونبتة القات شائعة الانتشار بالمياه الملوثة الناجمة عن شبكات الصرف الصحي والتي تصب في شمال العاصمة صنعاء، وهو ما يعني إصرار الجماعة على زيادة تفشي المرض.

 

 الري بالمياه الملوثة

وقال مصدر طبي لـ"يمن الغد" أن مشرفين في المليشيا الحوثية يقومون ببيع العلاجات والمستلزمات الطبية  على مستشفيات خاصة مثلما يتاجرون بالسلال الغذائية المقدمة من برنامج الغذاء العالمي ويبيعونها على المواطنين المحتاجين وكما يتاجرون بأكياس الغذاء الخاصة بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

ولعل أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة تفشي وباء الكوليرا بشكل غير مسبوق بصنعاء، توقيف مليشيات الحوثي لمحطة معالجة الصرف الصحي في منطقة بني الحارث وهو الأمر الذي اضطر المزارعين لري الخضار بالمياه الملوثة.

مصادر طبية بصنعاء افادت أن المليشيا الحوثية تعمل على استثمار انتشار الوباء سياسياً ومادياً، من خلال استغلال الكوليرا وتفشي الأوبئة في الجانب الإنساني، والضغط على الأمم المتحدة وعلى المجتمع الدولي لتحقيق مصالح سياسية خاصة بها. وفي الجانب الآخر فإنها تستثمر موضوع انتشار الكوليرا في الضغط على المنظمات الدولية للحصول على مزيد من المساعدات التي تقوم بنهبها.

وقالت مصادر في وزارة الصحة بصنعاء، إن مليشيا الحوثي التي تسيطر على الوزارة استخدمت صلاحياتها في الحصول على أموال كبيرة من المنظمات الدولية بحجة مواجهة وباء الكوليرا ولم تسلم منها للمستشفيات والمراكز الصحية أي شيء.

 

 

ارتفاع الإصابة بالكوليرا

واتهم سكان في مناطق سيطرة الجماعة باستغلال الحوثيين معاناة السكان وإرغامهم على دفع فواتير المياه التي مولتها وأنشأتها المنظمات الدولية مثل اليونسيف في أكثر من مكان عبر استخدام تقنية الطاقة الشمسية في ضخ المياه، غير أن الجماعة تحرص على استثمار هذه المشاريع لتشكل لها عائدا ماديا تستخدمه في المجهود الحربي ولإثراء قادتها المحليين.

وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن تزداد الأحوال سوءا في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية مع حلول موسم الأمطار، وهو ما يعني توفير بيئة مناسبة لتلوث مياه الشرب وارتفاع نسبة الإصابة بوباء الكوليرا.

 

 اتهامات حكومية

واتهم وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية عزي شريم الجماعة الحوثية في صنعاء بإيقاف شبكات الصرف الصحي في العاصمة صنعاء، وقال إن المحطة الرئيسية توقفت عن العمل. واستغرب الوزير شريم من إقدام الجماعة الحوثية الموالية لإيران على مثل هذه الخطوة الخطيرة التي من شأنها المساهمة الكبيرة في تفشي وباء الكوليرا، إضافة إلى تساهل الجماعة في عملية الإشراف على آبار مياه الشرب ومحطات التعبئة وتعمدها تدمير شبكات الصرف الصحي في أحياء العاصمة.

وأوضح شريم أن كل ما يخص المساعدات الدولية المقدمة لقطاع المياه والبيئة في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية واضح ويخضع لعمليات الرصد والتتبع والمراقبة، بخلاف ما هو عليه الوضع في مناطق سيطرة الميليشيات سواء في صنعاء أو في غيرها من المناطق. ولأن المنظمات الدولية، وبخاصة التابعة للأمم المتحدة، تنفذ مشاريعها الداعمة للإصحاح البيئي ومياه الشرب في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين بالتنسيق المباشر مع قادة الميليشيات الحوثية دون إطلاع الحكومة الشرعية على تفاصيل هذه المشاريع لإقرارها، لم يستبعد الوزير اليمني ذهاب أغلب هذا الدعم إلى جيوب مشرفي الميليشيات الحوثية، مثله مثل بقية جوانب المساعدات الإنسانية الأخرى التي يلتهمها فساد الحوثيين. بحسب قوله.

وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة التي يمارسها قادة الجماعة الحوثية على المنظمات الدولية بسبب وجود المكاتب الرئيسية لهذه المنظمات في صنعاء، فإن ذلك بحسب الوزير شريم لا يعفي المنظمات من تحمل مسؤوليتها في هذا الشأن وبخاصة ضرورة التنسيق مع الحكومة الشرعية ووزارة المياه والبيئة عند إعداد خطط المشاريع المقترح تنفيذها والاتفاق على آليات مناسبة من أجل الرقابة عليها.

وأكد الوزير  أنه جرى كثير من اللقاءات والنقاشات مع المجتمع الدولي بشأن هذه التفاصيل، أملا في أن تتحسن الأمور في الفترة المقبلة، بما يضمن تحقيق المشاريع لأهدافها التي تخدم السكان بعيدا عن عبث الجماعة الحوثية وسعيها إلى الاستثمار في الحالة الإنسانية لاستدرار عطف المنظمات الدولية وتسخير المنح المقدمة لتمويل المجهود الحربي. وكانت تقارير أممية تحدثت قبل أيام عن عودة قوية لوباء الكوليرا في صنعاء، مشيرة إلى تسجيل نحو 110 آلاف حالة إصابة منذ بداية السنة بالإسهالات المائية في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مع تأكيد وفاة 100 شخص على الأقل بالوباء خلال الفترة نفسها.