نامت بدون طعام وعجزت عن توفير 3 الف ريال ...

أم اصيل قصة مسنة تعاني قسوة الواقع وضيق الحال في عدن

Friday 24 January 2020 4:38 pm
أم اصيل قصة مسنة تعاني قسوة الواقع وضيق الحال في عدن
----------
كانت مئات السيارات تقف امامي حين مررت بصعوبة من جولة كالتكس، اجواء كانت شاعرية والنَّاس بعد الجولة واقفون في انتظار باصات الأجرة و اخرون يمشون ابتهاجا بجمال السماء و روعة الارض، عبدالله احد طلاب كلية الطب كان يقف وفوقه حقيبة سوداء بانتظار وسيلة مواصلات لكي ينتقل إلى خور مكسر اشرت اليه لكي يركب معي فقال ما اشتيش انجيز وانا قلت له ما اشتيش فلوس فقط اشتي اتجمل معك لانك طالب جامعي وكلنا مررنا بنفس السبيل الذي انت فيه اليوم، مشيت قرابة 50 متر وشاهدت عجوز قصيرة يظهر عليها ملامح التعب فكانت توقف تارة على أرجلها و اخرى مستندة على عكازها، وبجانبها شاب طويل و نحيف، اشرت نحوي لكي أوقف لها، وحين وقفت سألتها ؛ فين رايحة يأمه ... ردت الى جولة فندق عدن، اوك اطلعي .
طلعت وبينما اتحدث مع عبدالله سمعتها تدعي وترفع يديها الى السماء جزاك الله خير يا ولدي لنا اكثر من ساعتين واقفين، الباصات كانت توقف جانبنا ولمن أقلهم مافيش معي فلوس يمشوا من فوقنا، الدنيا بخير وربنا يسهل طريقكم، شلي هذه مواصلات لك، فرحت ودعت بكل كلمات الدعاء و الفرج، قالت لي بان اسمها  أم امجد، وأنها تمر بمشاكل مع مالك المنزل تنهدت وقالت اهانحنا يا ولدي نقصت عليا 3 الف ريال، امس كلمته وقلت له يصبر علينا وفهمته بأننا ما لقينا حتى ما نأكل، تنهدت بعد ان ذرفت دموعها يا ولدي صاح وعايب عليا وقال عادك تشتي اجيب لك كمان اكل، شعرت بالذل و المهانة من كلامه بس الحمد لله ويش نسوي !!؟؟
انصدمت انا و عبدالله من ماساة المسكينة، لم نتوقع بان كل هذه المآسي تسكن روح امرأة يفترض بان كل شيء يصل الى بين يديها ، قلت لها طيب دام قد وضعكم هكذا ليش عادك خرجتي من بيتك ومافيش معك حتى فلوس المواصلات؛ ردت بعد ان وارت وجهها عنا ونظرت باتجاه الطريق سمعت ان في تاجر بالسيلة فيبه رحمة، قلت بروح له يساعدني قبل ما انطرد من البيت، واسكن انا و بناتي بالشارع ، اضافة هذاك ساعدني لمن رحت له برمضان و عطاني خمسة الف ريال، ثم نظرت نحو عبدالله بانكسار وأكملت لكن ما حصَّلته بالمحل قالوا لي اروح له إلى بيته وإني لا اعرف البيت ولا املك اجرة المواصلات رجعت روحت ووحده الله من يعلم حالنا .
شعرت بالصدمة و تسمرت في مكاني مش مستوعب ان في ناس يمرون بهكذا ضروف، اسر محترمة في عدن تاكل الحزن و الحسرة و تشرب الهموم و الوجع، منحتها ما استطعت لكي تغلق قيمة الايجار ومنحتني الكثير من الدعوات، سالت أم أمجد عن قيمة الايجار قالت بأنها تسكن في بيت شعبي بإيجار 30 الف ريال شهريا، لكنها اضافت بأنها احيانا تعجز عن توفير المبلغ وتتعرض للاهانة من قبل المالك و شتم و تهديد بالطرد، رغم توسلها الدائم له لكنه لا يرحمها، وأقسمت بأنها تمر ايّام لا ياكلون سوى وجبة واحدة ومعظم الليل ينامون والجوع تمزق أمعائعهم جميعا ولَم تجد من يعينها على قسوة الحياة ومرارة الواقع، واختتمت حديثها والله يا ولدي اننى من امس ما نملك في منزلنا قرص روتي  .
 اوجعتني جدا هذه القصة وأيقنت بان التعاون مع هذه الاسرة واجب انساني و اخلاقي وديني و الوقوف معها فيه خير الدنيا  و الآخرة، احببت لكل من يحب الخير يشاركنا الأجر، لانها أم مسكينة و معدمه و لديها بنات وابن يبان عليه بانه ليس طبيعي كادت ان تخبرني قصته إلا ان الطريق كملت ووصلنا خور مكسر، طمئنتها قبل أن نفترق بأننا سنعينها ما استطعنا، وحين طلبت رقم جوالها فرحت واشارت الى هاتف قديم لونه اسود ابو زرارات في حقيبتها أعطتني الرقم و قالت اتصل وتاكد هل الرقم صحيح، وحفظت رقم جوالها لكل من يريد أن يعينها و يساعدها فلا نعلم باي عمل ندخل الجنة، وتذكر دائما بأننا لا نستطيع اخذ اموالنا إلى المقابر لكننا نستطيع ان نجعلها تسبقنا اليها .
#عادل_حمران