أبطال محترمون في الركن المنسي من الحياة!

Monday 30 November -1 12:00 am
----------
 
 
 
قابلته قبل أسابيع، و كان كعادته بشوشاً مثلما هي عادته مع الآخرين.
 و لكن بعد ان تبادلنا تلك الأسئلة المعتادة عن حالنا ، تغير الحال الى أخر .
بدت - تالياً -  ملامح صورة حزينة تطل من عينيه الجميلتين ، رغم ان ملامح وجهه ظلت كما هي: متماسكة ؛ قوية ، و رصينة أيضاً.
 
صاحبي هذا ، الأستاذ ، تجاوز الستين من عمره ، و يمتلك رصيداً محترماً من العلم و الثقافة و الأدب ، و لكن كل هذا الرصيد الكبير في الحياة ، لم يشفع له ليتم الالتفات إليه ، و تقديره التقدير اللائق وفق رصيده المحترم في الحياة.
 
مثل هذا الأستاذ ،  في مدينتي عدن ؛ مدينة الحب و السلام ، كثيرون . نعم مثله كثيرون في مدينتي . المدينة التي يتصدر مشهدها الآن الكثير من أشباه المواهب و عديمي الضمير ، و المتسلقين ، والبلطجية و مجموعة أطفال تحت يافطة مناضلين و رعاع. 
 
 بدا لسان حال الأستاذ يصرخ حد الوجع و هو الصامت بشجاعة الأبطال الحقيقيين . هكذا هم الأبطال الحقيقيون في الحياة صمتهم بطولي و موجع في آن.
 
لكن على أحدنا أن يكتب عن حال هؤلاء الناس ، الناس الذين يجعلوننا نشعر ان الحياة هي مجموعة من السلوكيات الحسنة . 
على أحد ما أن يكتب عن هؤلاء الناس الذين يحترمون أنفسهم في زمن لم يعد يلتفت الا الى غير المحترمين.
 
من غير المعقول،  بعد كل هذه السنوات التي قضاها هؤلاء الناس ثابتين على مواقفهم ، تتواصل معهم سياسة الإقصاء و التهميش ، في موازاة ذلك،  يحصل آخرون، أقل منهم خبرة و كفاءة وحتى أقل في مستوى الشهادات،  بل و أصغر منهم سناً بكثير ،  على قرارات جمهورية،  و لأكثر من مرة ،  و في أماكن مختلفة، و لفترات زمنية بسيطة جداً ، و هم ليسو قليلي العدد ،  في حين يظل، كثيرون، مثل هؤلاء المحترمين ،  قاعدين في الركن المنسي من الحياة و كأنهم ليسو مواطنين كغيرهم ،  يستحقون أن يترقوا في المناصب الحكومية كحق من حقوقهم ،  أسوة بغيرهم ،  و هم الأفضل.