نكذب أن اعتقدنا بأن الصورة كلها مشرقة، فأحداث عدن الأخيرة كانت مؤلمة ،وإن سرت طرف فقد جرحت الأخر ،ولكي نبلغ نهاية النفق علينا مواجهة مواقفنا بشجاعة.
مخاض الجنوب لم ينتهي ،ومازلنا نعيش لحظاته الحرجة ،ولا يحق لأحد أن ينفش ريشه ،ويظن أنه يملك صكوك الغفران، ويقرر من يكون في لوحة الشرف ،ومن مكانه في القائمة السوداء،فكلنا ضحية.
انتهت المواجهة ،وفي ذرة النشوة وربما الفوضى نهبت منازل بعض قيادات الشرعية في صورة لم نتمنى مشاهدتها،وقد لا نشعر بالأسف على الشرعية أو نتعاطف مع قيادات السحت ،ولصوص الرواتب الذين فضحتهم الملايين التي كنزوها في مضاجعهم من عرق جنودهم ،ولكننا نقول لا شرف في شماتة، ومن المهم ألا نخسر أخلاقنا حتى لا نموت كأمة.
كانت بيوت الـ العيسي ضمن الأماكن التي تم مداهمتها بعد أن تركوها، ونهبوا سياراتهم الشخصية، وذهب حريمهم ، وأجهزت الكمبيوتر ،وايباداتهم الخاصة التي تحتوي صور عائلية ،والمتهم بعض قوات الحزام الأمني،واعتبروها مال الشعب!..لا ندري هل نضحك أو نبكي؟!..
قد نتفق أو نختلف على رجل الأعمال الشيخ أحمد العيسي،ولكن للبيوت حرمة لا يجوز استباحتها،ولا نعتقد أن أحداً يملك ذرة نخوة يرضها لنفسه، وأهله، وكان واجبهم حراستها ،وإذا كان لا مفر من تفتيشها، يكون ذلك بأشراف لجنة، وليس(هنجمة)،فنحن نبحث عن دولة ، والشعب لم يدفع دمه من أجل صناعة عصابة!..
عمر علاقتنا ببيت العيسي طويل ،ونعتز بهم ،ولا ندافع عنهم نخوة ،ووفاء شخصي فقط ،ولكنها العدالة أيضاً، وكرهنا للمزايدة على الوطنية،ونعتقد بأن مواقفهم لا يجحدها إلا مكابر أو حاقد ،ولهم في الجنوب حق كغيرهم،وعلى المجلس الانتقالي استعادة حقهم ،وحماية حياتهم، وممتلكاتهم، لكي لا تصبح بياناتهم مجرد مثالية فارغة ،وشعارات للاستهلاك الشعبي!..
نجهر بموقفنا من الشرعية ونلعن أحزابها، وفسادها، ولكن هذا لا يعني أن المجلس الانتقالي ملائكة، فبعض الوجوه لا يشرفنا تمثيلها،كما أن كثير من الأسماء التي أعلنت انضمامها للمجلس الانتقالي مؤخراً ،لو عادت عقاب الساعة للوراء قليلاً ، سنجدهم في طابور المنتظرين على بوابة الشيخ العيسي!..
اضربوا البلاطجة بلا رحمة ،ولكن لا تركبوا موجة عواطفنا لتصفوا حساباتكم، يكفينا تجارب ودروس، وعلينا أن نبني وعينا قبل دولتنا ،ونتعلم كيف نتنازل لبعضنا دون الشعور بالزهو أو الاحساس بالانكسار.
ياسـر الأعسـم/عدن 17/8/2019م.