----------
تعيشُ تعزُ هذه الأيام أجواء جميلة ، زخات المطر تغسل بيوتها ، فتبدو كأنها عروس تتزين لعريسها.
- في الصباح كما في المساء تحتضنها السحاب كأم رؤوم ، تحرس أبنائها من القادم المجهول ، أسواق تعز الشعبية تزدحم بالناس .. قلعتها الشامخة ( القاهرة ) تعانق جبل صبر الأشم ، وكأن القلعة والجبل هما إحدى عجائب الدنيا ، جامعي الجند والمظفر العتيقين ومسجدي الأشرفية والمعتبية ومدرستيهما العلميتين ، وشجرة الغريب ومنتزه السكون وغيرها ، معالم تأريخية وسياحية تجسد بحقٍ قوتها الناعمة.
اللهجة التعزية لحنٌ جميل تشدو به حارات تعز فيتردد صداه في كل حارات اليمن.
تعز هي الفعل ورد الفعل ، هي المبتدأ وهي المنتهى ، وهي أيقونة التجارة والمهن الحرة والثقافة والعلم والسياسة.
فتحت تعز ابوابها للجميع وانفتحت على الآخر ففتحت أمامها ابواب المدن اليمنية لاستيعاب أبنائها.
تعز بوابة التغيير وأنشودة الوطن التي يرددها كل اليمنين.
تعجبك تعز حين تعرف مالذي تريده، وتشعر بصفاء ونقاء قلوب ابناءها عندما يلتقون حول الوطن.
اتخذها الامام احمد عاصمةً لفترة من حكمه ، وعاش فيها الرئيس صالح اكثر من عقد ، واعتبرها الرئيس الحمدي منطلقاً لمشروعه التغييري ، ومنها صدح صوت عبدالناصر طالباً من الاستعمار البريطاني في عدن أن يأخذ عصاه ويرحل ، استقبلت الشيخ زائد مرحبةً عبر صوت ايوب وكلمات شاعر اليمن الكبير ، الفضول ( يا مرحبا بالضيف مضياف الضيوف ) وسافر مرتحلاً منها الى عدن عبدالفتاح إسماعيل ليقود مسيرة سياسية هامة من تاريخ اليمن، وقدم إليها الأديب عمر الجاوي موقداً مشعل الأفكار الأدبية الخلاقة ، واحتضنت العالم الجليل البيحاني ، وعاش فيها الأنسي والسمة اللذان قدما اجمل وأروع أغانيهما منطلقين من تعز عاصمة الثقافة اليمنية.
أسر كريمة من صنعاء و مارب وحضرموت والحديدة والبيضاء والضالع وإب وذمار ويافع وغيرها من المدن اليمنية سكنت تعز لعقود ، وكذلك فعل سالم ربيع وصالح مصلح وغيرهم من ثوار الجنوب حيث كانت ملهمتهم وملتقى تجمعهم.
وفي تعز برزت اسرة آل سعيد أنعم الذين بنوا المصانع والشركات والجامعات والمدارس والمعاهد الفنية ، ووصل خيرهم الى كل أرجاء اليمن ، كما برزت بيوت تجارية اخرى توزع نشاطها في كل جزء من جغرافية الو طن.
تعز هي قوس قزح اليمن ، وموقعها الجيو سياسي المهم يتقاطع مع عديد من المحافظات ، وهو شديد التأثير في المشهد السياسي والاقتصادي.
إن جفا النوم تعز ، فذاك لأنها أُرهقت كثيراً وطالها الإهمال لفترات زمنية ليست بالقليلة، على الرغم من ديناميكيتها وحيوية أبنائها الذين يتطلعون دائماً الى ألأفضل.
تعز تستحق إهتمام أكبر ، وابناؤها بحاجة إلى الرعاية والاهتمام من الجميع ، واهم شيء تحتاجه تعز لفتة من ابنائها المتواجدين في جميع المحافظات اليمنية وخارج الوطن.
تعز تحتاج الى توحيد كلمتها ، بالقدر نفسه الذي تحتاج فيه إلى إعادة الإعتبار لقوتها الناعمة.