ساعي البريد(البسطجي) هذا الرجل الطيب البسيط الذي كان يقوم بواجبه على أكمل وجه ويقدم خدمته للناس بكل حب وإخلاص دون كلل أو تضجر أو ملل والذي عنده خارطة المدينة مداخلها ومخارجها ويخزن في ذاكرته كل العناوين وأرقام المنازل والشوارع والبلوكات وحتى أسماء الناس وعلى دراجته الهوائية المميزة (السيكل بيدل) .
ساعي البريد كان يوزع الرسائل العادية والمستعجلة (الريجستر) المختلفة الحكومية منها والشخصية ومن إشعارات وإنذارات وغيرهاهذا الرجل الوحيد الذي يطرق جميع الأبواب أبواب المنازل والمحلات وغيرها دونما أن ينزعج منه أحد بل الكل يستقبله بحفاوة في إنتظار رسائلهم التي هم في بفارغ الصبر لوصولها واستلامها مهما كان نوعها سعيدة أو غير سعيدة ويعرف الكثير من القصص والحكايات والأسرار دون أن يبيح بسر أو معلومة إنها أمانة المهنة والضمير والأخلاق الذي كان يتميز بها ساعي البريد في مدينة عدن أيام زمان.
وفي صباح أحد الأيام طرق باب بيتنا ساعي البريد وبالصدفة فتحت أنا له الباب وهو يقول لي صباح الخير يابطل فين بابا قلت له في العمل وأمي موجودة قال لي من بايستلم الإشعار حق المدرسة فردت عليه أمي من خلف الستارة وشبك الباب سلمه لأحمد فستلمت الإشعار ووقعت عليه في الدفتر(السجل) الذي يحمله معه وكان هذا الإشعار هو اشعار قبولي في الصف الأول الإبتدائي في المدرسة الغربية والمحدد فيه اليوم والساعة والتاريخ للذهاب إلى إدارة المدرسة لبداية الدراسة في بداية العام الجديد عام سبعة وستين.