د.محمد حسين النظاري
mnadhary@yahoo.com
أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
تُوصف مهنة الصحافة الرياضية والتي هي إحدى وسائل الإعلام عامة والرياضي على وجه الخصوص بأنها مهنة المتاعب والضغوط النفسية، وذلك بما تحتويه من مواعيد طباعة وفرز وتعاملات عديدة مع أحداث متنوعة على المستوى الميداني، وترتيبات تقنية لا تقبل الخطأ ولا التقصير معها، فبعض المباريات تجرى في وقت متأخر جداً من الليل ويجب أنْ تحتويها الصحف الصادرة في اليوم الموالي خصوصاً إذا كانت تلك المباراة على نهائي البطولة. كل هذه وغيرها من الظروف تُحتم على الكوادر الصحفية الوقوف أمام مسئولياتها المهنية، وهي في حالة من التوتر والقلق، مما يفرز ضغوطاً ومعاناة نفسية تتراكم عبر الكثير من القرارات التي تصدر عنها ويتعامل معها الإعلاميون.
ومن أولئك الذين يتعامل معهم هذا القطاع المهم حكام كرة القدم، والذين يرون في الإعلام عموماً والصحافة الرياضية على وجه الخصوص أحد أسباب الضغوط القائمة عليهم، والتي قد تكون مصدر معاناتهم، والمتمثلة في عدم تقديرها لحجم المسئولية ومقدار الصلاحيات التي تتطلبها مهنة التحكيم، وكذا الظروف الصعبة التي تحيط بهم منذ اللحظة الأُولى التي يتعيّنون فيها لإدارة المباراة إلى ما بعد انتهائها . كما أنَّ التضارب في التعليمات التي تُصدرها بعض الصحف، وتَوجه بعض الصحفيين لتشجيع أندية بذاتها، ربما يكون سبباً في مزيد من حالات المواقف الضاغطة التي يواجهها الحكام.
ويحاول الباحث التعريف بالإعلام الرياضي لأنه البوتقة التي تنطلق منها الصحافة الرياضية من حيث: مفهومه، وعناصره، وأنواعه، والأُطر المنظمة له. ويتضمن أيضاً تعريفاً شاملاً للصحافة العامة في اليمن، والصحفيون العاملون بها، والشروط الواجب توافرها فيهم، كما سيتطرق للصحافة الرياضية بشكل مفصل كونها الركيزة الرئيسية لهذه الدراسة وذلك من حيث: النشأة، والتطور، والمبادئ، والسمات، والأهداف، والوظائف.
كما أشتمل على النظريات الإعلامية المطبقة على الصحافة، وآثارها على الصحافة الرياضية في اليمن. وكان لتأثيراتها حيز واسع، كذلك للدوافع التي تجعل الصحف العامة تُدرج في طياتها ملاحق وصفحات رياضية. وشمل الخصائص والفنون والأساليب التي تتميز بها، ولأنواع الإصدارات الرياضية من مجلات وصحف وملاحق، ومن خلال محتوياته تتضح الأهمية الكبيرة التي تحتلها الصحافة الرياضية كونها جزء مما يسمى بالسلطة الرابعة، ولذا فهي تؤثر على كافة جوانب رياضة كرة القدم من لاعبين، ومدربين، وجماهير، ومسيرين، والانعكاس المباشر لذلك على الحكام، والمتمثل في الضغوط المسلطة عليهم عبر التغطية اللاحيادية لأنشطتهم وفعالياتهم المختلفة .
لكون الصحافة الرياضية جزء لا يتجزأ من المنظومة الصحفية التي بدورها لا تنفصل عن الإعلام الرياضي خاصة والإعلام بصفة عامة فهي: " أحد أشكال الاتصال الجماهيري أو الجمعي بحيث يكون هناك مصدراً واحداً يُخاطب الناس الذين يهتمون به، وهذه الأشكال كثيرة ومتنوعة منها المرئية ومنها المسموعة ومنها المقروءة ومهامها الاتصال الجماهيري أي عملية التفاعل بين الفرد والمجتمع ". (1: 30)
فيما ترتبط بكل ما هو مكتوب بطريقة الطباعة المعتمدة على التكنولوجيا، فهي: " التي تعتمد على التكنولوجية والطباعة، من خلال النص المكتوب الذي يقرأه الفرد في المكان الذي يُريده، والزمان والطريقة التي يُريدها ".(2:99)
ولعلاقتها بعملية نقل الأخبار فهي كذلك "عملية بث ونشر دوري ومستمر للأخبار، والأحداث، والموضوعات، والآراء العامة، والمنوعات، في المجالات المتعددة والبث: يتم عبر وسائل الصحافة الرياضية المسموعة والمرئية. والنشر: يتم عبر وسائل الصحافة الرياضية المقروءة ". (3: 330)(عبد القادر حاتم، 1989، 330) .
فهذه المهنة كما يراها الباحث تقوم على جمع وتحليل الأخبار المتعلقة بالشأن الرياضي والتحقق من مصداقيتها وتقديمها للجمهور في شتى الرياضات، وغالباً ما تكون هذه الأخبار متعلقة بمستجدات الأحداث على الساحة الرياضية، والتعليق عليها من قبل المتخصصين: كالحكام، والمدربين، واللاعبين، والإداريين، والخبراء الأكاديميين، من كافة جوانبها قصد إيصال الفائدة للجمهور الرياضي.
ولأنَّ النجوم في مختلف الرياضات لا يمكن معرفتهم إلا بواسطة وسائل الإعلام الرياضي ومنها الصحافة الرياضية، حتى غدت بوابة رئيسية للإطلاع على مشاهيرها، فأصبحوا نجوماً يُشار إليهم بالبنان بفضل تسليط الضوء عليهم من خلال كل ما يتعلق بهم، ولعل هذا هو ما جعلها جاذبة للقراء من الجماهير الرياضية.
" فلا توجد مبالغة إنْ قلنا أننا نعيش في عصر كرة القدم وأنَّ عناصرها من: لاعبين، مدربين، حكام - هم النجوم والقدوة الذين تفرضهم هذه الوسائل لاسيما عبر الصحف، والتي تُلِح على تأكيدهم حتى أصبح هؤلاء محور اهتمام الناس كبيرهم وصغيرهم. ولهذا فليس من الغريب أنْ تكون صفحات الرياضة من أكثر الصفحات جذباً لاهتمام القراء في مجتمعاتنا. وتأكيداً لذلك " ثبت من خلال الدراسة العلمية ميدانية أنَّ (65%) من قراء الصحف المصرية يهتمون بصفحة الرياضة، وأنَّ (26.5 %) منهم تأتي صفحة الرياضة لديهم في المرتبة الأُولى مقارنة بالصفحات الأُخرى في هذه الصحف". (4: 25)
نشأة وتطور الصحافة الرياضة العربية
إنَّ للعرب باعاً محترماً في مجال الصحافة الرياضية، وهو امتداد طبيعي كونهم عبر البابليين أول من خط بالقلم، كما ظهرت الكثير من النقوش والآثار في مختلف المناطق العربية الدالة عن التعبير، كون تلك الطريقة هي أُولى المقدمات لما يُعرف بالصحافة الحديثة.
" وتعد مصر أول دولة عربية عرفت الصحافة الرياضة عندما أصدرت صحيفة الرياضة عام (1888م)، ثم تلتها العراق في (1922) بصدور مجلة الرياضية، أما في لبنان فقد تم صدور صحيفة الحياة الرياضية في بيروت عام (1925)، وأصدرت السودان مجلة الرياضة والسينما في (1940)، وشهدت سوريا سنة (1955)