ضاعفت تدهور الكرة اليمنية .. وجديد توم إلى سلة الإخفاقات
قراءة تحليلية: إبراهيم الحجاجي
كانت الجماهير اليمنية تتوقع أن يسهم انضمام اليمن إلى بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم في تطوير اللعبة في بلادنا .. كما كنا نأمل أن يشمل التطور العمل الإداري والفني في اتحاد كرة القدم من خلال الاحتكاك والاستفادة من خبرات وتجارب الجيران، إلا أن الواقع جاء غير ذلك.
تراجع في المستوى واستمرار النهج التقليدي العقيم، مع تساؤلات عديدة تطرح نفسها عن أسباب إخفاقات المنتخب اليمني في دورات كأس الخليج.
الأسباب كثيرة وطابور طويل من المتسببين، لعل السبب الرئيس أن إدارة الاتحاد لم تستغل انضمام اليمن إلى البطولة بشكل إيجابي ومواكبة تطور منتخبات الجوار، إدارياً وفنياً ولو بالإمكانيات المتوفرة لدينا وبخطط مدروسة وسليمة.
كانت فرصة للتغيير إلى الأفضل بدلاً من العشوائية والتعامل بطريقة "ما بدا بدينا عليه"، وبينما كنا نتطلع أن يُحدث إشراك اليمن في هذه البطولة نهضة حقيقية لكرة القدم اليمنية، وجدنا أنها زادت الوضع سوءاً ولم تضف إلا أموراً أكثر سلبية كنا في غنى عنها.. وكما يقال العلة في الشلة التي ركزت على الاهتمام في إعداد المنتخب للبطولة الخليجية أكثر من غيرها عطفاً على الطابع السياسي رغم أنها دورة ودية .. قابله ضعف وإهمال الإعداد للاستحقاقات القارية والدولية الرسمية والعجز في تطوير الأندية والمسابقات الداخلية، وهذا النهج العقيم انعكس على المستوى العام داخلياً وخارجياً.
وحتى الإعداد والاهتمام ببطولة الخليج نفسه لم يجن أي ثمار إلى الآن نتيجة عدم اكتمال جوانب التهيئة التي تسودها العشوائية دائماً، حيث أن استقدام المدربين لمنتخبنا دائماً ما يكون بشكل طارئ ليقود قائمة جاهزة لا تلبي قدراته الخططية والفنية .. بل حسب هوى ورغبة ومحسوبية اتحاد اللعبة والنافذين فيه .. وحتى لو فرضنا أن التشكيلة مقبولة وبإمكانها أن تغلب الأخضر والأزرق والأحمر وكل ألوان المنافسة .. يبقى قصور ومشاكل أخرى في جوانب عدة ، أهمها عدم منح المدرب الفرصة الكاملة لتنفيذ برنامج الإعداد.
جانب آخر من القصور وهو العامل النفسي .. والملاحظ أن لاعبي منتخبنا مصابون بداء الرهبة من الغير، فيظهرون دائماً بلا ثقة .. ولو ضربنا مثال بطولة خليجي 20 قبل عامين، وفرت للمنتخب كل الإمكانيات .. باستثناء هذا العامل ولم يعط اللاعبين جرعات من مختصين لكسب الثقة بالنفس وكيفية التعامل مع بطولة تقام على أرضك وبين جمهورك أمام منتخبات لها باع طويل ونظرة خاصة لهذه البطولة، وهي مشكلة دائمة يعاني منها اللاعب اليمني في مختلف المشاركات الخارجية.
الآن ونحن على أعتاب خليجي 21 في البحرين، لم نشاهد أي جديد يدعو للتفاؤل مع استمرار الإعداد الهش باستثناء تنبؤات ووعود المدرب (توم) الرنانة، ونحن معتادون على مثل هذه التصريحات والوعود المسبقة، قالها طابور طويل من قبل، لكنها في الأخير تذهب أدراج الرياح، وكم نتمنى أن تصبح حقيقة ونحن أصحاب تقييم خاطئ، لأن ذلك سيسعد كل اليمنيين وسيدخل التاريخ من أوسع الأبواب .. وقد ربما يدخل موسوعة غينيس .. على اعتبار أن وضع الكرة اليمنية حيّر الكثير من الخبراء والمدربين الذين جاءوا قبله.
لكننا نقرأ الواقع من التجارب السابقة والوضع المزري الذي تعيشه الكرة اليمنية، والمؤشرات الأولية من خلال متابعتنا للمستوى الباهت الذي ظهر به المنتخب في بطولة غرب آسيا والمباريات التجريبية التي خسر جميعها وبدون مستوى مقبول تدل على أن سنت فيت لم يضف ما يدعو للتفاؤل.
أضع أمامكم استفساراً: هل سينفع التكتيك الجديد الذي جاء به (توم) أمام منتخبات متطورة ومتخصصة في هذه البطولة وتعتبر بالنسبة لها أباها وأمها وبنتها في آن واحد؟.
بمعنى أوضح اللاعب الخليجي تتحدث قدماه ورأسه وكل حواسه بلهجة احترافية وعقلية مستمدة من بيئة متطورة .. سواءً من حيث دوريات المحترفين أو البنى التحتية والاحتكاك بالفرق والمنتخبات المتطورة عالمياً .. يتكيف مع كل أنواع طرق اللعب وتكتيكاتها وخططها الفنية .. ينسجم مع مناخ المكان والزمان على أرضه أو خارجها.. جمهور أو بدون جمهور .. بين الأمطار أو بالصحو .. بالليل أو بالنهار .. يلعب في الموسم الواحد أضعاف المباريات التي يلعبها نظيره اليمني.. فهل يملك اللاعب أو المنتخب اليمني كل هذه المقومات؟.
مع ذلك لا يوجد مستحيل في عالم كرة القدم رغم أني لا أؤمن بهذه النظرية .. إذا أراد المدرب الجديد أن يكون عند الوعد أو يقدم مستوى مقبولاً على الأقل، مطالب باختزال الإمكانيات المتوفرة للمنتخب مع الفترة الزمنية المتبقية ، بطريقة تتناسب مع المعطيات التي ذكرناها، وأخذ الاحتياطات اللازمة لمجاراة المنتخبات المنافسة .. مع خالص دعائنا بالتوفيق لمنتخبنا الوطني وبعدها لنا حديث.