شفيع العبد
في حي ابن سينا بمنطقة "فوّه" بمدينة المكلا الساحلية، بدأ مزاولة لعبة كرة القدم بمعية زملاءه وأصدقاءه من سكان الحي الذي نشأ وترعرع بينهم، وعاش معهم لحظات مازال يتذكرها كأجمل ما مضى من عمره الذي يرتبط بأواخر ستينيات القرن الماضي، ويتجاوز اليوم عقده الرابع.
لم يكتف معهم باللعب في شوارع الحي، بل حجزوا مكاناً على شط بحر العرب الذي شغفهم حباً وولعاً، وجعلوا منه مساحة يتبارون فيها على إظهار مدى التزامهم بأخلاقيات اللعبة قبل فنونها.
كان يستمع جيداً للفنان الكبير " ابوبكر سالم بلفقية" - الذي نسأل الله له الشفاء وان يتجاوز محنته الصحية ليعود لمحبيه – وهو يشدو برائعة "المحضار": "لا تعذبني وإلا سرت وتركت المكلا لك إذا ما فيك معروف". يستمع إليها، يحفظها ويدندن بها، دون أن يخطر على باله أنها ستسقط نفسها عليه ذات يوم.
ترك المكلا، وغادرها قبل أن يكمل العشرين من عمره.. ليس لخلاف مع "الحبيب"، وإنما بحثاً عن فرصة عمل تغنيه شظف العيش.
وجهته القادمة كانت مدينة "عتق" عاصمة شبوه، هناك حط الرحال، وتعرّف على أسرة "آل با جمال" احد أعرق وأشهر وأطيب وأكرم الأسر في محافظة شبوه، التي عاملته كأحد أبناءها ولم يشعر بالغربة وقسوة ابتعاده عن أسرته.
في عتق وجد ضالته في وظيفة حكومية، أعادت له شيء من الاستقرار النفسي، ليتدرج بعدها في السلم الوظيفي حيث يشغل منصب مدير إدارة في صندوق الرعاية الاجتماعية بالمحافظة.
ولعه بكرة القدم وضعه في مهمة البحث عن مكان ليمارسها، فألتحق بفريق "القادسية" احد الفرق الشعبية التابعة لنادي التضامن ومنه وصل للفريق الأول للنادي الذي لعب له ولم يدم ذلك طويلاً، ليبتعد مفضلاً العمل الإداري.
تم تعيينه إدارياً للفريق الأول لكرة القدم لنادي التضامن منذ موسم 96-97م، ومازال يمارس عمله حتى الآن، حيث يرافق الفريق الأول المتواجد في صنعاء لخوض غمار دوي الدرجة الثانية. ليس هذا فحسب بل تولى مناصب إدارية مختلفة في الهيئات الإدارية التي تعاقبت على النادي.
بالتأكيد انه الكابتن "فرج سالم بحاره" الأب لبنتان وأبن، الذي يحظى باحترام وتقدير اللاعبين والأجهزة الفنية والإدارية التي عمل معها طوال سنوات خلت، لما يمتاز به من دماثة خلق، وحسن تواضع، وقدرته على نسج علاقات حبية مع الجميع.
يتذكر "فرج" موسم 2005-2006م، كأجمل وأفضل وأكمل موسم كروي للتضامن، لما حمله من انتصار تمثل في الصعود للأضواء لأول مرة في تاريخه. ويتذكر ايضاً إدارة "احمد لقور" وإدارة "مهدي باطويل" الأولى، كأفضل من "حكم" النادي، لما لمسه الجميع من استقرار إداري وفني ومالي يفتقر إليه النادي اليوم وتحديداً فريقه الأول لكرة القدم.
"فرج بحاره" مثالاً للإداري الناجح الذي يعمل بصمت بعيداً عن ضجيج الأضواء الذي لا تحدثه إلا "البراميل الفارغة"، يواصل عطاؤه ووفاءه للنادي الذي أحبه وارتبط اسمه به. فهل آن الأوان لمنحه "قليلاً" من التكريم إعترافاً بـ"كثيراً" من الوفاء والعطاء الذي قدمه ومازال.