شفيع العبد
"سمعت أبين على الأمواج تتنهد"، هكذا شدا الرائع "احمد بن احمد قاسم" فنان الزمن الجميل في رائعته "صدفة التقينا"، وانا استمع إليها في ليل الخميس الفائت تيقنت فعلاً أن أبين مازالت تتنهد حتى اللحظة، وأن الحزن قد بنا له على أرضها وفي قلوب البسطاء من أبناءها "معبد".
كما ورد ايضاً في الأثر الشعبي أن أبين "ارض الظلم الشديد"، وليس المقصود منه بحسب اعتقادي أنها ظالمه بذاتها وبأهلها بقدر ما ستكون عرضة للظلم من قبل الآخرين. والمتابع لأوضاع أبين الاقتصادية سيجد أنها من أكثر المحافظات فقراً رغم ما تمتلكه من ارض زراعية خصبة وميناء وساحل. غير ذلك فإنها تمتلك ثروة ستعود بالفائدة على أصحابها وستنعكس بطبيعة الحال على الوضع العام للمحافظة، وستسهم في تحسين مستوى دخل الأسر فيها، لتخرجها من دائرة الفقر التي تكاد تقتلها، مع يقيني بأن الفقر لو كان "رجلاً" لكان في مقدور أهل أبين مبارزته والقضاء عليه، والانتقال إلى رغد العيش، إلا أن ذلك أضغاث أحلام سرعان ما تغادر مخيلاتنا لنترنح بعدها في عمق واقعنا المرير، الباحث عن "مخلّص" عجزنا أن نصنعه بأيدينا لننتظر محملين بخيباتنا وحسراتنا و"وجعنا" على رصيف الأيام في انتظار "لحظة" تعيد لنا "الحياة" التي سرقوها من بين أعمارنا.
ثروة أبين التي يمكن أن تكون "ثورة" على الفقر، تتمثل في المواهب الرياضية التي تختزنها هذه المحافظة "الولّادة" للنجوم، فكما أنها ولّادة للرؤساء والشخصيات السياسية صاحبة الرصيد النضالي الناصع، هي كذلك مع النجومية في سماء كرة القدم تحديداً، فالناظر لخارطة كرة القدم اليمنية لن تخطئ عينيه أحقية أبين في ذلك، بما تقدمه من نجوم تفوّقت على واقعها الاجتماعي لتجاور الشمس في سماء النجومية، وقد قدم لنا "الصمصوم" شكري حسين العدد الفائت رصداً متواضعاً لنجوم أبينية تتلألأ في تشكيلات غالبية أندية الدرجة الأولى دون الثانية صاحبة النصيب الأوفر من نجوم أبين.
محافظة حباها الله بهذا المخزون الكروي الهائل، لكنها غير ممثلة الدرجة الأولى بين أندية النخبة، الأمر الذي يضع المسئولين على إدارة شئون المحافظة عامة ورياضتها تحديداً في دائرة المساءلة المباشرة جماهيرياً وأخلاقياً، وهم المتورطون ايضاً في مشاركة فريقي "حسان وخنفر" في دوري الدرجة الثانية دون استعداد بسبب "النزوح الإجباري" الذي يعيشه سكان مدينتي زنجبار وجعار معقلا الناديين منذ عاماً ونيّف، بينما هؤلاء المسئولين لم يتجرعوا مرارة النزوح ولم يعيشوا معاناتها، وسمحوا بكل "غباء" لفريقيهما بالمشاركة، كمن يلقي بأبنائه في البحر للسباحة دون أن يعلمهم ابسط مهاراتها، وقبل تجهيزهم بأدواتها، وحين يغرقوا يبرر غباءه بـ"قضاء وقدر"!.
قرار رفض المشاركة لو أتخذ في وقته لحظي بإحترام الجميع نظراً للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها المحافظة، لكن "شخطة" وجه شيخ مشائخ الكرة اليمنية و"سطوته" كان لهما مفعول السحر، ويعلم الجميع أن القائمين على الشأن الرياضي في أبين " مكتب الشباب واتحاد الكرة" لا يقويان على قول "لا" لرغبة الشيخ التي تطاع بصورة عمياء.
هاهي المحصلة النهائية لدور الذهاب تكشف عن "رسوب" الفريقين، وتمسكهما بذيل الترتيب في المجموعتين بدرجات متدنية جداً، فخنفر في المجموعة الأولى "تجمع صنعاء" لم يحقق أي فوز او تعادل مقابل خسائر 9، ولم يحرز مهاجموه سوى هدفين، في مقابل 22 ولجت مرماه. بينما تعادل حسان مرتين وخسر 5 وله مباراتان مؤجلتان، واحزز 6 أهداف مقابل 17 مرة اهتزت فيها شباكه.
وفق المحصلة النهائية تلك فإن الفريقين هابطين، فهل ترى يستشعر أهل الشأن الخطر ويعملون على تفادي ذلك في مرحلة الإياب، أم أنهم سينتظرون وفاء "الشيخ" بشخطة وجهه ليحافظوا على ما تبقى من ماء وجوههم المهدور رياضياً على الأقل أمام جماهير المحافظة؟