إنه المرض الذي يودي بحياة ملايين الأشخاص حول العالم. ويقدّر البعض بأنه مسؤول عن 100 ألف حالة وفاة كل يوم. وقد يستغرق ظهور الأعراض عشرات السنين، كما أنه يهاجم الجسم بأكمله، دون أن يترك أي جزء بدون تخريب. فما هو هذا الطاعون القاتل؟ إنه الشيخوخة.

وتعتبر العملية الطبيعية للشيخوخة أمراً سوف يخضع له معظم الأشخاص في النهاية، لدرجة أن العلوم الطبية تصنّفه على أنه أمر لا مفر منه من الناحية الطبية. ويعتقد المزيد من العلماء والأطباء خلاف ذلك، حيث إن أحد الخبراء في مجال الطب كتب في مقال نُشر مؤخراً في مجلة ذا سيانتست (The Scientist) بأن من المنطقي اعتبار الشيخوخة كأحد الأمراض التي يمكن شفاؤها.

ويؤكد الدكتور معتز موسى - وهو استشاري الرعاية الصحية وطبيب في قسم طب الطوارئ في كلية ألبرت أينشتاين للطب / مركز مونتيفيوري الطبي - بأنه ينبغي علينا أن ننظر إلى الشيخوخة على أنها حالة غير طبيعية من الناحية الجسدية ويمكن علاجها. وبنفس الطريقة التي نعالج بها التراكم التدريجي للدهون والكوليسترول للوقاية من مشاكل القلب، يجب علينا أن نحاول علاج التلف الخفي الناجم عن الشيخوخة.

ويقول موسى بأننا في الواقع قد قمنا بذلك بطريقة ما. فعندما يقوم الأطباء بوصف الأنظمة الغذائية الصحية والتمارين الرياضية والأدوية لمنع أو علاج مشاكل القلب، فإنهم يحاولون بشكل أساسي مواجهة الشيخوخة بحدّ ذاتها، أو على الأقل تأخير ظهور أعراضها.

 حقوق الصورة: © STOCKILLUSTRATION/SHUTTERSTOCK.COM
حقوق الصورة: © STOCKILLUSTRATION/SHUTTERSTOCK.COM

مشهد متغيّر

ولا يعد موسى هو الوحيد في رأيه بأن الشيخوخة تعدّ مرضاً وينبغي علاجه. حيث يقتبس في مقالته من أوبري دي غراي، وهو عالم الكمبيوتر الذي تعلّم علم الأحياء وعلم الشيخوخة بنفسه، كما أطلق حملته لاعتبار الشيخوخة على أنها إحدى الحالات المرضية. وقد تصدرت إحدى الشركات الناشئة التي تم إطلاقها مؤخراً -وتدعى يونيتي بيوتكنولوجي- عناوين الصحف بعد حصولها على الملايين لتمويل أبحاث الأمراض الناجمة عن الشيخوخة. وعلى وجه الخصوص، فإنها تبحث عن سبل لإيقاف عملية شيخوخة الخلايا وإبطائها.

ويذكر بأن هذا الاهتمام المُضاف إلى الأمر الذي كان يعتبر حتمياً منذ فترة طويلة يعني بأن هناك اكتشافات جديدة مرتبطة بشكل مباشر بإيقاف أو إبطال الشيخوخة. وتستهدف بعض الدراسات الجديدة البروتينات الخاصة التي تلعب دوراً في شيخوخة الخلايا، في حين تشمل دراسات أخرى إعداد المركبات التي تعوّض عن فقدان الطاقة الطبيعية الناجمة عن الشيخوخة. وفي حال استمر هذا البحث والابتكار، فإن عيش حياة صحية وطويلة قد يعني شيئا مختلفاً جداً في المستقبل القريب.