( تحليل ) لماذا اعلن الحوثيين وصالح عن حكومتهم..؟ وهل هي ورقة ضغط على الشرعية للقبول بـ” خارطة ولد الشيخ”..؟

Monday 30 November -1 12:00 am
( تحليل ) لماذا اعلن الحوثيين وصالح عن حكومتهم..؟ وهل هي ورقة ضغط على الشرعية للقبول بـ” خارطة ولد الشيخ”..؟
- متابعات:
----------
اعلنت مليشيات الحوثيين والمخلوع علي عبدالله صالح، عن تشكيل حكومة في صنعاء، اسموها ” حكومة انقاذ وطني”، استباقا للبت النهائي في شأن خارطة ولد الشيخ، التي قدمها كحل لما يجري في اليمن، وايقاف الحرب.
 
وبهذا الاعلان من قبل المليشيات، تضيق مساحة التحركات نحو السلام في اليمن، مع تعزيز المليشيات، لانقلابها، بتشكيل حكومة خاصة بهم في صنعاء، فيما حكومة الشرعية تتخذ من العاصمة عدن مكانا لها، وخاصة بعد ان عجزت قوات الجيش الموالي للشرعية  في الشمال، من تحقيق اي تقدم ميداني، يضعف من شوكة الحوثيين والمخلوع، ويخلخل سطيرتهم على المحافظات الشمالية.
 
 
 
ورقة ضغط.. أم حسم وضع الشمال سياسيا..؟
 
رأى كثيرون، ان اعلان الحوثيين، قبل شهرين تقريبا، عن تكليف احد اتباعهم، بتشكيل حكومة في صنعاء، مجرد مساومة سياسية، وورقة ضغط، على الشرعية، للقبول بالأمر الواقع، والدخول في مفاوضات سياسية، تبقى الحوثيين والمخلوع مسيطرين على زمام الحكم في صنعاء، وصولا الى شرعنة انقلابهم، بدعم وتوجه خارجي وربما أممي، غير ان الامور اتضحت ان الحوثيين والمخلوع، يسعون للحسم السياسي فيما يخص شؤونهم، مستندين الى قوتهم الميدانية وسيطرتهم كأمر واقع.
 
وتنم تسمية الحوثيين والمخلوع لحكومتهم، بحكومة ” انقاذ وطني” أنها حكومة، رغم انها مؤقتة، الا انها تحمل خيار، الاستمرار في تسيير شؤون صنعاء والمحافظات الشمالية التي تسيطر عليها المليشيات، خاصة بعد عملية نقل البنك المركزي اليمني الى العاصمة عدن، ودخول المليشيات في حالة ضغوط اقتصادية كبيرة.
 
ورغم ان خطوة المليشيات، جاءت قبيل الحسم فيما يتعلق بخارطة ولد الشيخ، إلا  ان عدد غير قليل من السياسيين، يرون ان هذه الخطوة، تحمل كثير من التفسيرات، منها، ان تكون خطوة مجرد ضغط سياسي فعلياً، خاصة اذا ما كان الاعلان بضوء اخضر أممي، لجعل الشرعية امام الامر الواقع، وانتزاع تناولات منها، بالقبول بخارطة ولد الشيخ، بعد ان رفضتها الشرعية، واعتبرت انها خارطة طريق تشرعن للانقلاب، وتنقلب على الشرعية المدعومة بقرارات دولية واممية .
 
كما يرى اخرين، ان خطوة  مليشيات الحوثيين والمخلوع، تأتي كواقع باتت المليشيات تعمل من خلاله على تعزيز تواجدها في المحافظات الشمالية التي تقع تحت سيطرتها،مستغاة تراخي القوات التي تدعي وقوفها الى جانب الشرعية، خاصة في مأرب.
 
 
 
صنعاء دولة.. وعدن دولة ( رئيسان وحكومتان وبنكان):
 
افرزت مرحلة ما بعد عاصفة الحزم، واقعا جديدا في اليمن، بين شمال يسيطر عليه الجنوبيين المطالبين بالاستقلال ميدانيا، وتسيطر عليه سياسيا الشرعية التي تسعى لتطبيق فكرة ” ستة اقاليم”، فيما في الشمال تسيطر مليشيات الانقلاب وحليفهم صالح على غالبية جغرافية الشمال، سياسيا وميدانياً، في حين انحصرت سيطرة حزب الاصلاح المدعي موالاته للشرعية على جزء كبير من محافظة مأرب ميدانيا فقط، وبقي عاجزا عن توسيع سيطرته، جراء تخاذله في ذلك.
 
ومع اعلان المليشيات في صنعاء، عن حكومتهم الجديد، واتخاذهم احد انصارهم رئيساً، لما يسمى المجلس السياسي الاعلى، الذي انشأوه في فترة سابقة، تبقى الحكومة الشرعية في عدن، ذات رئيس شرعي مدعوم دوليا واممياً، وكذلك الحكومة.
 
وشكل المشهد، مع نقل البنك المركزي اليمين من صنعاء الى  العاصمة عدن، ضربة قاصمة للمليشيات في صنعاء،  إلا ان المليشيات بصنعاء، احتفظت على ما يبدو بكيانها البنكي، مما جعل هناك ( بنكين) احدهما  جنوبي في عدن كمركز رئيسي بقرار من الرئيس الشرعية والحكومة، وآخر بنكا شماليا في صنعاء، وهو فرعاً، إلا ان  المليشيات تعتبره رئيسياً. وهو ما يزيد من جعل الانقسام الاقتصادي في اليمن يبدو واضحاً، حيث تمتلك عدن بنكا، وصنعاء بنكاً آخر، وكذلك يوجد رئيسين وحكومتين، اضافة واقع ميداني، في الجنوب منفصلاً عن واقع الشمال، وبالتالي، تجسيد فكرة وجود شعبين، شعب في الجنوب وآخر في الشمال، كل له ثقافته وخصوصيته وحكومته، رغم التداخل في حكومة الشرعية بالجنوب من شماليين، وحكومة المليشيات في الشمال من جنوبيين لا يمثلون الا انفسهم، وتلك امور قد يتم ترتيبها مستقبلاً لتكون اكثر وضوحاً.
 
 
 
اليمن. يتجه ليكون دولتين جنوبية وشمالية:
 
مع تطورات الاحداث، سياسيا وميدانياً، يبدو ان فرصة ان يعود اليمن، الى دولتين، بات خط سير  اجباريا، كلما استمر المشهد شمالاً دون تغيير،  وبقيت مليشيات الحوثي والمخلوع مسيطرة على جغرافية الشمال، وتعززت قوة وسيطرتهم الجنوبيين جنوباً،.
 
وهذا الامر، يجعل فرص بقاء ما تسمى الوحدة اليمنية، ضئيلة، مع عزوف احزاب يمنية موالية للشرعية عن حسم الامور شمالاً، وبقاءها في جمود ميداني، لا سيما حزب الاصلاح الذي يصر على الوحدة اليمنية، ولم يقدم اي شيء لاجلها، وخاصة انه في  الوقت الذي  يتوجب عليه التحرك لتحرير الشمال، واستغلال دعم واسناد قوات التحالف، يتحول مجدداً لمهاجمة القيادات الجنوبية، وتقديم فرص آخرى لمليشيات الحوثيين والمخلوع صالح، في تعزيز مواقفها، والتمكين اكثر  في سيطرتهم على محافظات الشمال، والاستفراد بها.
 
من جانب آخر، يبقى واقع اليمن اليوم، امام خيارين، لا ثالث لهما، الاول ان يتم تحرير الشمال واسقاط الحوثيين والمخلوع صالح، وعودة الحكومة الشرعية الى صنعاء، وهو على ما يبدو بات مستحيلا في الوقت القريب، وإما ان يبقى واقع الشمال تحت سيطرة الحوثيين والمخلوع، ويبقى الجنوب بعيداً عن سلطتهم، وهي فرصة امام الجنوب لبناء وتشييد ركائز مؤسسية، لدولة جنوبية، مستقبلاً، خاصة امتلاك الجنوب اليوم، لقوة عسكرية مدربة، والوية منظمة، وتتسارع امامه فرصة ان يكون في حالة ” حكم ذاتي”، إن لم يكن استقلال، غير معلن رسمياً، حتى تحين فرصته عقب بناء ما دمرته سنوات نظام المخلوع واركان حكمه.
 
 
 
يافع نيوز – أديب السيد