قبل عامين كان يجوب شوارع العاصمة صنعاء بعمر 15 سنة، وهو يتكسب الرزق حينما كان يعمل بائعاً متجولاً، بعد أن جاء من قريته في جبل "ظلملم"، أحد شواهق محافظة ريمة، كغيره من أطفال اليمن الذين كتب عليهم الكد والشقاء في السنوات الأولى من حياتهم، قبل أن يتقلّد بعدها بعام رتبة "ملازم ثاني" كأحد أبرز الجنود في صفوف الشرعية.
قبل يومين قتل الطفل "حميد العاتي الريمي " في الصفوف الأمامية بجبهة نهم، في معارك الجيش ضد الحوثيين، جراء إصابة قاتلة بشظايا قذيفة هاون، قطعت إحداها قصبته الهوائية فمات على الفور.
ويروي أحد أقاربه في حديث خاص لـ "المشهد اليمني " بالقول : كان أكبر من عمره بكثير.. في إحدى المرات وقعت غارة على جبل نقم ، وكان هناك. ارتمى على الأرض وأصيب شخص آخر كان بجانبه. هرب الناس من السوق، بعد سماع أصوات الانفجارات الهائلة نتيجة تفجر مخزن هائل للأسلحة من ضمنها صواريخ، لكنه قام وسحب الشخص الجريح بعيداً عن المكان. انتبه له الناس فعادوا اليه وأخذوه هو والجريح.
انتشرت قصته في تلك المنطقة بعد ذلك اليوم، فعاد اليه أفراد من المليشيا وطلبوا منه الانضمام الى صفوفهم، فرفض ذلك، فقاموا باحتجازه لفترة من الزمن، قبل أن يعودوا لإطلاق سراحه بعدها بفدية مالية دفعها أهله وقدرها (خمسمائة ألف ريال).
يتابع قريب الطفل روايته بالقول: قرر بعدها السفر الى مارب والالتحاق بصوف الشرعية، نتيجة ما تعرّض له من معاناة في سجن الحوثي، ولم تنجح محاولات أهله المتكررة بإقناعه على البقاء، فرحل الى مأرب وصار جندياً في صفوف الجيش.
ويضيف: فوجئ زملاؤه وقاداته بالشجاعة الفريدة التي يبديها هذا الطفل في المعارك ضد الحوثيين، فكلفوه ببعض المهام الخطيرة جداً، لعل أبرزها التسلل الى إحدى مناطق المليشيا، حيث استطاع سحب وإخراج جثة مرافق العميد أحمد البعداني، قائد اللواء 314.
واستطرد: في إحدى المرات، وأثناء تمركزه مع عدد من الأفراد في جبل "الشبكة" بمديرية نهم شن الحوثيون في المساء هجوماً عنيفاً على الموقع، قتل على إثره رفاقه، وظل وحيداً في المعركة، لكنه صمد منفرداً، وظل طيلة الليلة يطلق النيران بسلاحه وسلاح رفاقه، ما أوهم الحوثيين بأن الجنود لا يزالون متمركزين في التبة ولم ينسحبوا، حتى صباح اليوم التالي، حينما وصل المدد اليه من الجنود المرابطين في المنطقة
وقال: تلك الشجاعة النادرة تسببت في تكريم الشهيد اللواء عبدالرب الشدادي له، والذي قام بإعطائه رتبة "ملازم ثاني"، خاصة وأن الموقع الذي صمد فيه كان مطلاً على فرضة نهم وإن سيطر عليه الحوثيون فإن الفرضة ستكون تحت نيران مدافعه
وتابع: استمر الفتى في قتال الحوثيين وجرح في نهم عدة مرات، لكنه يعود الى الجبهة بمجرد تعافي جسده، وقبل يومين جاءنا نبأ استشهاده بقذيفة هاون، حيث كان في الصفوف الأمامية في "نهم" بعد أن نفذ هو ورفاقه عملية اختراف في صفوف الإنقلابيين.