"صالح" الراقص على رؤوس الثعابين.. هل لا يزال قادراً؟

Monday 30 November -1 12:00 am
"صالح" الراقص على رؤوس الثعابين.. هل لا يزال قادراً؟
----------
أدار علي عبدالله صالح البلاد على مدى ثلاثة قرون منتصرا في كل جولة صراع يواجهها على كل خصومه، وبدهاء منقطع النظير استطاع التغلب والالتفاف على كل العراقيل التي واجهتها سلطته والتي كان أخرها ثورة فبراير/ شباط 2011.
وصف صالح حكمه لليمن بأنه "رقص على رؤوس الثعابين"، فقد اعتمد في إدارة صراعه مع خصومه السياسين بمنطق دبلوماسي ممارسا إجادته مراقصة الثعابين التي شارك هو في تربيتها تارة وفي استخدامها ضد خصوم معينين تارة أخرى، غير آبه بأن ثمة ثعابين من بين تلك التي أنشأها قد تكبر أكثر مما يريد لتصبح قادرا على لسعه في أية لحظة.
في سبتمبر/ أيلول 2014 سيطر الحوثيون على صنعاء بدعم من علي صالح الرئيس التي اقتلعته ثورة شعبية التف عليها مبدئيا بتحويلها إلى نصف ثورة ثم محاولة سحقها بثعابين جدد هذه المرّة، مقدما لهم البلاد على طبق من مستخدما دولته العميقة وألويته العسكرية التي تدين له بالولاء والطاعة في كل أنحاء البلاد ولو لم يعد رئيسا للبلاد.
في خضم تلك الأحداث وبينما اكتفى صالح بمشاهدة الحوثيين ينكلون بخصومه ويسقطون المدينة تلو الأخرى ظنا منه باستخدامهم جسر عبور للعودة إلى الحكم مرة أخرى ثم الإطاحة بهم إن لزم الأمر، إلا أن أنظار الحوثيين اتجهت في وقت مبكر نحوه، لتعمل لاحقا على التفكير في اجتثاثه كعقبة أخيرة ستحول بينهم وبين تحقيق ما جاؤوا من أجله لا ما جاء بهم هو من أجله.
سيطرت جماعة الحوثي على مؤسسات الدولة في صنعاء وأجزاء كبيرة من البلاد كذلك سيطروا على أغلب المعسكرات وأسلحة الجيش في ظرف قياسي أهل الجماعة لتكون في الواجهة قبل علي صالح وحزبه، لتمكنهم من الظهور والاستحواذ على حسابه.
 
تصدر الحوثيين للمشهد..
في مارس/أذار 2015 أعلنت السعودية بدء عملية عسكرية في اليمن هدفها إعادة الشرعية ومواجهة المد الإيراني المهدد لأمن الخليج، ليعلن الحوثيين مواجهة التحالف وقوات الرئيس هادي في مختلف الجبهات وتعمد إعلامهم تقديم انفسم للرأي العام بأنهم وحدهم من يقاتل في الجبهات، ليعلنوا لاحقا بأن حليفهم في صنعاء لم يتفاعل مع الدور المسؤول والمطلوب لمواجهة العدوان كما جاء في احدى الخطابات الأخيرة لزعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي.
وكتأكيد لقوتهم ووجودهم على الأرض قامت جماعة الحوثي بالذهاب منفردة تحاور حينا وتقاتل آحيانا اخرى رافعة شعار الجماعة مع كل عملية عسكرية وفي كل الجبهات كدلالة صريحة كما يرى الكثير من المتابعين على أنها هي دون حليفها  في الانقالاب على هادي من يقاتل ومن له الحق في أي تفاوض قادم او قطف ثمرة أي انتصار.
 
من أشعل عود الثقاب الأول؟
في ابريل/نيسان 2016 أعلن الناطق الرسمي لجماعة الحوثي محمد عبدالسلام عن اتفاقيات ومفاوضات مع السعودية معتبرا بأن تلك الاتفاقيات خطوة مهمة في سبيل وقف شامل للحرب وتمهيد أساسي لحوار قادم.
على ذات السياق وكرد فعل شن المؤتمر الشعبي العام (الموالي لـ"صالح")على لسان أمينه المساعد عارف الزوكا هجوما شرسا على الحوثيين معتبرا ذهابهم إلى السعودية محاولة لشق الصف وضحكا على الدقون.
ذهب الحوثيون إلى ظهران الجنوب للحوار دون الرجوع إلى المؤتمر آثار حفيظة الأخير وشن حملة إعلامية شرسة على الحوثيين متهما لهم بالخيانة والاستفراد بالقرار، ليأت متأخرا رد الناطق الرسمي للحوثين بأن حوار ظهران الجنوب كان بتنسيق مع المؤتمر لكن الأخير تعمد طعنهم من الخلف وتشويههم وتصوير ذهابهم للحوار بأنه خيانة للبلد.
ما لبث الخلاف الأول أن ينطفئ حتى عمل الحوثيين كما يرى نشطاء المؤتمر على تأجيج الصراع أكثر وإقصاء المحسوبين على المؤتمر في كل الوزرات وتضييق الخناق على صالح، مذكرين للحوثيين في أحيان كثيرة بأن المؤتمر هو من أوصلكم إلى صنعاء ولولاه لما استطعتم الخروج من صعدة.
 
تضييق الخناق على صالح في صنعاء..
أخذت الحرب الكلامية حيزا كبيرا بين الطرفين ونفوذا صامتا للحوثيين في الوزارات وعلى الأرض أيضا على حساب علي صالح وحزبه، الأمر الذي عقد المشهد أكثر وأصبح تحالف الضرورة بين صالح والحوثي آيلا للانهيار أكثر من أي وقت مضى.
في وقت لاحق أعلن الحوثيين ملاحقتهم لمن أسموهم الطابور الخامس، الأمر الذي جعل المؤتمريين يشعرون بأن تصفيتهم من الوزارات وملاحقتهم هي الهدف من وراء هذه الحملة التي.
سيطر الحوثيين عن طريق مشرفيهم على الوزارات وأقسام الشرطة وكل المرافق الحكومية في صنعاء كما يقول كثير من قادة المؤتمر وكذلك ما قاله زعيمهم في خطاب أخير له رد به على خطاب لسيد الحوثيين اتهم فيه ضمنيا حزب صالح بالفساد وبأن انصار الله لا يسيطرون على 1% من مناصب الدولة.
بالمقابل لم يكن بيد صالح غير عقد اجتماعات مع اللجنة الدائمة للمؤتمر والاكتفاء بتصريحات من هنا وهناك لا تشكل خطرا على الحوثيين بقدر ما تمنحهم المبررات لاتخاذ خطوات تحدّ من قوة صالح أكثر وتجعله تحت رحمة الحوثيين.
 
صالح يمتلك خيارات
ويرى نجيب غلاب رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات في تصريح خاص ليمن مونيتور بأن صالح رهينة لمسألتين للحوثية التي تحتاجه اكثر من حاجته لها ولدوره المستقبلي الذي اصبح اكثر غموضا وربما صار لديه قناعة أنَّ رحيله من العمل السياسي اصبح خيار محسوم مستقبلا ولا يمكن إعادة إنتاجه كشخص وربما هذه القناعة لديه اكثر من قناعة خصومه بذلك.
مضيفا: من ناحية واقعية مازال المؤتمر الذي يتزعمه صالح يمتلك أدوات كثيرة وفاعلة بإمكانها أن تضرب المشروع الحوثي في مقتل ولكنه لا يفعلها لأنه محاصر كليا من الخارج والداخل والحوثية تقدم له ضمانات حماية بعض مصالحهم ولو بالحد الأدنى طالما هو ملتزم بالتبعية لمشروع ما يسموه ثورة ٢١ سبتمبر بمعنى ان أرباح مؤتمر صالح عمليا اليوم مازالت مع الحوثية ويدير المؤتمر صراع استمرار التوازن داخل الانقلاب الذي اصبح مختلا لصالح الحوثية.
 
لن يستمر تحالف الطرفين
من جهته يرى الصحفي والمحلل السياسي ياسين التميمي في تصريح ليمن مونيتور بأن عجلة الصراع الوجودي بين شريكي الانقلاب قد تحركت ولن تتوقف إلا بنتائج تسفر عن إزاحة احد الشريكين من الساحة.
مؤكدا بأن صالح أصبح ضعيفا من الناحية العسكرية، لكن لا زال بوسعه استثمار شعبيته التي باتت مجردة من السلاح.
مضيفا: الحوثيون لم يقرروا بعد تصفية صالح لحاجتهم الى استمرار الشراكة الهشة في مواجهة ما يعتبرونه عدوانا، لأنهم يحسبون إمكانية تصدع الجبهة الانقلابية وانقسامها ما قد يشجع الحكومة والتحالف على التحرك. واستثمار هذه التصدعات. اللقاء الذي عقد الْيَوْمَ يأتي في هذا.
وفيما يتعلق بالاتفاق الأخير بين طرفي الانقلاب قال التميمي: اللقاء الذي عقد الْيَوْمَ يأتي فِي إطار الاستعداد لمواجهة الترتيبات العسكرية الجديدة للحكومة والتحالف، لكنه لا يشكل ضمانا لمصالحة طويلة الأمد بين الشريكين.
 
تأجيل جديد للصراع.. هل ينتهي الى حيث انتهى سابقيه؟
وهذا الأسبوع كُشف عن اتصال جمع بين صالح وزعيم انصار الله عبدالملك الحوثي في سعي من الطرفين لازالة اسباب التوتر المتصاعد بينهما، نتج عن ذاك الإتصال خروج الطرفين باتفاق مؤكدين فيه على وحدة الجبهة الداخلية وتماسكها.
على الصعيد ذاته وفي اول رد فعل لاتفاق طرفي الانقلاب نشر علي البخيتي القبادي المنشق عن جماعة الحوثي تغريدة في تويتر قال فيها مخاطبا صالح: مهما وعدك عبدالملك الحوثي في حديثكما لا تثق في كلامه؛ فسرعان ما يجد ذريعة للتنصل من وعوده بتقرير واحد من احد المشرفين.
بالمقابل عقد صالح الصماد رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى في لقاء له بالقصر الجمهوري بصنعاء وبحضور قادة من حزب المؤتمر أعلن فيه بأنه سيتم التعامل تنظيميا وقانونيا مع كل الوسائل الإعلامية التي تستهدف الجبهة الداخلية.
الجدير بالذكر دعوة عبد الملك الحوثي أنصاره، في خطاب القاه الخميس، للتفاعل والحشد للاحتفال بالذكرى الثالثة لما أسماها ثورة 21 سبتمبر/أيلول (اجتياح الحوثيين صنعاء عام2014) الأمر الذي قد يعيد التوتر بين طرفي الانقلاب الى الواجهة كما يرى مراقبين خصوصا ان تم ما أعلن عنه سابقا أحد قيادي الجماعة بأن احياء فعالية 21 سبتمبر ستكون في السبعين، المكان القريب من صالح الخاص بفعاليات حزبه.