عيد الأم .. قصص وتجارب أمهات بين الألم والأمل

Monday 30 November -1 12:00 am
عيد الأم .. قصص وتجارب أمهات بين الألم والأمل
- متابعات:
----------
فاروق عبدالسلام
 
لا غرابة بالقول إن معاناة الأم في بلادنا باتت "لا تعد ولا تحصى"، وذلك في ظل الأوضاع الراهنة التي عصفت وما زالت تعصف بالبلاد التي تشهد منذ ثلاث سنوات حرباً أشعلت فتيلها ميليشيا جماعة الحوثي الانقلابية الإيرانية، ويأتي ذلك بالتزامن مع احتفال العالم العربي اليوم مناسبة "عيد الأم"، التي تُصادف الـ 21 من شهر مارس من كل عام.
 
كما تعيش الكثير من الأمهات وحيدات تحت ركام هائل من الهموم والآلام والحسرات وبحاجة لمن يستجيب لصرخاتهن ونداءات استغاثاتهن الممزوجة بالأنات، ويمد لهن يد العون والمساعدة لإنقاذهن من حياة الجحيم، وانتشالهن من وسط ذلك الركام الذي خلفته الأحداث المؤلمة وتخفيف معاناتهن وهول مأساتهن وتضميد جراحهن التي تسببت بها وفاقمتها الحرب، وأدت إلى فقدان شركاء حياتهن وفلذات أكبادهن والأمراض والأوبئة.
 
وهناك نماذج من الأمهات اللاتي منحهن الله عز وجل القدرة على التماسك والثبات والتحلي بالصلابة وعدم الانهيار أمام ما مر عليهن في شريط حياتهن من زمن غابر، بل ويتمتعن أولئك الأمهات بالقدرة على الصمود ومواجهة تلك الصعاب والتغلب عليها ومواصلة مشوار الحياة، متخذات من بين الأقوال المأثورة للسياسي والكاتب المصري البارز مصطفى كامل، مقولة "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس"، شعاراً وعنواناً ودافعاً معنوياً للانطلاق بمسيرة حياتهن كأمهات مكافحات يعملن في ظل ظروف صعبة كصخرة تحطمت أمام صلابتها التحديات، وذلك من أجل توفير الاحتياجات الأساسية وقوت الأسرة التي تعولها، لتستمر الحياة وتمضي الأم وأسرتها بخطوات ثابتة نحو تحقيق أهدافها ومستقبلها المنشود، بعيداً عن كل ما يعكر صفو الحياة والروح الانهزامية التي عادة ما تنحت بالاستسلام والانكواء بنيران الواقع بداية كل هزيمة في حياة المرء.
 
ويمكن القول إن القصص والتجارب الحية للأمهات العربيات، خلدت حكايات وروايات بين المعاناة واليأس في ذاكرة ووجدان الكثيرين من البشر، لا تمحوها تعاقب سنوات ومراحل الحياة وستظل عالقة في أذهانهم وتلازمهم في حلهم وترحالهم، وبمثابة مصدر لا ينضب يستنبطون منه العبر والمواعظ ويستمدون منه الإلهام والقوة لمجابهة وتجاوز العقبات، كما جعلت تلك القصص والتجارب الرائدة من الأمهات العربيات، بحور من المشاعر الفياضة بالإنسانية والرحمة والتعاضد والتكافل والإحسان، ومصادر فخر واعتزاز لمن صمدن وتحملن الشقاء لأجلهم كالشموع التي احترقت لتضيء طريقهم، وبالتالي يرسمن لوحات مصنوعة من الإرادة، وتحدي الواقع، وتجاوز الصعاب والمعاناة، والانتصار لحياتهن مهما كان الثمن.
 
وتوجد العديد من القصص الممزوجة بالألم والأمل، حيث تعيش "أم عاصم"، وسط معاناة وآلام، لعدم وجود من يعيلها وأسرتها، وتواجه الكثير من العقبات والصعاب البالغة في سبيل توفير أساسيات الحياة اليومية من مأكل ومشرب ودواء ومواجهة متطلبات الحياة، وهي بحاجة ماسة لوقوف ودعم ومساندة أصحاب الأيادي البيضاء والخير والعطاء إلى جانبها بسخاء، للمساهمة بالتخفيف من محنتهم التي باتت على الدوام تلازمهم وتلاحقهم في كل حد وصوب ولا تفارقهم كظلهم وقدر محتوم لا مفر منه، وكذا مساعدتهم لإيجاد مصدر رزق لهم لتعيش ومن معها من ورائه حياة كريمة ومستقرة تكفل لهم توفير المتطلبات الأساسية للعيش بين مختلف فئات وشرائح المجتمع بطمأنينة، بعيداً عن كدر العيش والحرمان من أبسط مقومات البقاء على قيد الحياة. 
 
وبالمقابل، قررت أرملة في سن الزهور ولديها ثلاثة أبناء، عقب وفاة زوجها استكمال دراستها المتوسطة والجامعية رغم ظروفها المادية والمعيشية الصعبة، وبالفعل استكملت دراستها ووجدت عمل على فترتين صباحية ومسائية، وتعيش حالياً مستورة ومرتاحة البال، فأولادها بدأوا يكبرون ويدرسون.
 
وتقول الأم: نعم مررت بظروف وأوضاع صعبة للغاية، ولكنني دخلت في تحد وإصرار لتجاوز كل الصعوبات والعقبات، وكلي ثقة بالله سبحانه وتعالى، وقدراتي، ولدي عزيمة قوية استمدها من الأهداف التي أحملها في أن أعيش أنا وأولادي حياة سعيدة وكريمة، ولله الحمد كسبت الرهان، ولم استسلم للعروض المقدمة لي من أسرتي وأقاربي، لتقديم العون والمساعدة لي، ورفضت لأنني لا أحب أن أعيش عالة على أحد، وأحب الاعتماد على ذاتي، وفعلاً خضت تجربة كانت بالنسبة لي مغامرة لن أنساها، وقطعت خلالها جزءاً كبيراً من مشوار حياتي وحققت الكثير من الأهداف التي أطمح إليها أنا وأولادي الذين أفتخر بهم كثيراً وهم أيضاً يفتخرون بي كثيراً، لكوني كنت بالنسبة إليهم الأم والأب ولم يشعروا بأي نقص في حياتهم.