سلطة ضد سلطة.. المعارضة في البلاد العربية (اليمن نموذجًا)

Monday 30 November -1 12:00 am
سلطة ضد سلطة.. المعارضة في البلاد العربية (اليمن نموذجًا)
----------
"أريد أن أقول بكلمات واضحة مباشرة، إنّ المعارضة في البلدان العربية هي في حقيقتها سلطة ضد السلطة أو سلطة مضادة تسعى للسيطرة على الحكم دون أن تقدم مشروعاً مغايراً لمشروع الحكم المسيطر".
 
 
 
هذا ما قاله في الماضي، المستعرب الياباني نوبوأكي نوتوهارا، فسّر بها واقع الإنسان العربي، في بلاد يُقال إنّها تعيش مناخًا سياسيًا مترعًا بثقافة الأنا وبُغض الآخر.
 
 
 
وبتركيز النظر على الحالة اليمنية، فيمكن توزيع المعارضة في المشهد السياسي إلى معارضة داخلية وأخرى خارجية.
 
 
 
"الداخلية" تتوزع على أحزاب اللقاء المشترك، وهي معارضة سياسية منبثقة من العملية الديمقراطية وفي الإطار الدستوري، والحوثيين، وهم حركة مسلحة ذات طابع مذهبي غير ممثلة في حزب سياسي، بل كانت منضوية في الحزب الحاكم وجزءًا من قواه الاجتماعية، والحراك الجنوبي، وهو حراك شعبي سلمي يطالب بفك الارتباط "الانفصال" أو في أحسن أحواله بتصحيح مسار الوحدة.
 
 
 
أما المعارضة "الخارجية"، فهي تمثل خط مشروع الانفصال الذي دحر عام 1994عقب حرب عسكرية شرسة.
 
 
 
مركز البحوث والدراسات (يمني)، أصدر ورقة بحثية عن المعارضة في البلاد، أوضح فيها أنّ أحزاب اللقاء المشترك تتوزع بين قوى إسلامية "الإصلاح" وهو ممثل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، و"حزب الحق" ذو التوجه المذهبي، و"اتحاد القوى الشعبية" ذو التوجه المذهبي المنفتح، وبين قوى قومية ويسارية كأحزاب البعث والناصري والاشتراكي.
 
 
 
هذه الأحزاب وإن اختلفت مذاهبها الفكرية ومرجعيتها الثقافية وأجندتها السياسية إلا أنّ الجامع بينها هو إقصاء الرئيس الراحل علي عبد الله صالح لها جميعًا من الساحة السياسية.
 
 
 
لذلك، فإنّ موقف اللقاء المشترك من الحراك الشعبي الثائر نابه شيء من الغموض والتردد نظرًا لطبيعة حسابات الأطراف المكون منها، ففي حين يتخوف الإصلاح من انفلات الأوضاع في حال سقوط النظام بكافة هياكله بشكل فجائي وخروج مناطق كصعدة عن السيطرة وانفصال الجنوب، ومعه قوى أخرى توافقه المخاوف، ترى أطرافًا أخرى بأنّ هناك فرصة تاريخية قد لا تعوض في إزالة النظام القائم كمرحلة نحو تحقيق مشروعات خاصة.
 
 
 
في تحيليله لـ"وجهة المعارضة"، يقول الكاتب الصحفي اليمني عبد الكريم علي سلطان: "العقل العربي يمكن النظر إليه بأنّه نرجسي ومتسلط وذاتي ومتغطرس، وذلك من خلال تجربة فريدة لواقع الإنسان العربي ظلّت أربعين عامًا تنقل فيها بين الريف والبدو والحضر".
 
 
 
ويضيف في حديثه لـ"مصر العربية": "المعارضة في بلادنا تعيش مناخًا سياسيًا مترعًا بثقافة الأنا وبغض الآخر، ولا هدف لها سوى الاعتلاء على سدة الحكم بطرق مكيافيلية تضمن لها سطوة العرش وممارسة القمع، تحت مسمى النضال المفرقع والثورة الممنهجة".
 
 
 
"من يخرج الشعوب من ربقة الاستبداد والديكتاتورية إذن؟".. يوضح سلطان: "هذا السؤال ينتاب كل حر عربي يحمل على عاتقه هموم الملايين التي تهتف باسم الحرية والكرامة والحق الإنساني، والبطون الخاوية التي تبحث عن سبيل لردم فجوة الجوع المارق، والشباب الذين يبحوث عن آفاق مستقبل يليق بآمالهم وتطلعاتهم."
 
 
 
ويرى أنّ هناك مفارقات غريبة في حياة المعارضة العربية، ويقول: "كثير ما يردّد المعارضون كلمة الديمقراطية، وفي الوقت نفسه يألهون قاداتهم ويقدسون أحزابهم، وحين تتاح لهم الفرصة يمارسون أبشع الأعمال الخارجة عن نطاق العدل والديمقراطية، وفي السياق ذاته لا يقبلون النقد أو مخالفة أي نظام يندرج تحت سياساتهم المتبعة".
 
 
 
تبدو مسألة التوريث والمحسوبية - يذكر سلطان - أكثر ما كان يُغضب المعارضين طوال ثلاثة عقود مضت، واحتلت هذه الإشكالية مركز الصدارة بين عناوين صحفهم وأخبارهم، لكنّهم عندما تقلدوا مناصب الحكم لم يطئ أذهانهم ما كانوا يكتبونه على صحفهم أو يتفوهون به على الأبواق، بل مارسوا أردأ أساليب التوريث وأنكأها، حسب تعبيره.
 
 
 
يركز سلطان حديثه عن الحالة اليمنية، فيقول: "في اليمن، أصبحت الوزارات بمثابة ممالك عائلية، فكل وزير يوزّع أبناءه وأفراد أسرته على كل قطاعات ومسالك الوزارة، وهلم جرًا، ومثل هذه الأفعال تبرهن أنّ المعارضة لم تقم بعمل شيء من أجل الوطن قط، إنما الأمر متعلق بشيفونية النظرة والتعامل مع الآخرين، ومتعلق أيضًا بمبدأ "هذه فرصة يلزم استغلاها".
 
 
 
ويضيف: "لم يكن الشباب بالنسبة للمعارضين سوى جسرًا مروا عليه للوصول لبغيتهم، فقد مارسوا في حقهم أساليب المداهنة والخدع، فين حين كان معظم الشباب يرون فيهم المنقذ والمخلص الموعود من سياسات وأنظمة لم يتفقوا معها، وكثير منهم انقادوا وراءهم وتأدلجوا بسياساتهم، أسوة بجماعات لم يدركوا حقيقتها، وحينما أشرقت الشمس عليها رأت في ذلك الفرصة السانحة لإظهار نواياها المتجمدة منذ ثلاثة عقود؛ لتستمر قصة الحطاب والأفعى في مسيرتها".
 
مصر العربية