شاهد ماذا قال عبدالله البردوني عن العيد وعن أحداث اليمن الذي وصفها بطريقة عجيبة جداً

Monday 30 November -1 12:00 am
شاهد ماذا قال عبدالله البردوني عن العيد وعن أحداث اليمن الذي وصفها بطريقة عجيبة جداً
- متابعات:
----------
أبيات شعرية قالها شاعر اليمن عبدالله البردوني سنة 1988م، بعنوان "في حضرة العيد" وصف فيها حال اليمن وكانه يعيش أحداثها، رغم وفاته قبل 20 عام.
 
 
 
 
في حضرة العيد
 
يقولون جئتَ فماذا جرى؟
وماذا تجلّى وماذا اعترى؟
أتدري لماذا تبول عليك
قصور الإذاعات والأوبرا؟
تراك الأغاني جديد الشروق
فأي جديد مفيدٍ تَرى؟
تزيد البيوت، السجون،
القبور فهل زاد شبراً أديمُ الثرى؟
وهذي البهارج هل بينها
وبين المسرّات أدنى العُرى؟
* * *
أليس المآسي بأظلافهنَّ
وسمنَ الأساطير والأشهرا؟
فتلك صبت يوم طوفان نوح
وذي أذبلَت في الصبا حمِيرا
وهذي شوت (كربلا)، بنتُها
على (الزنج) صبّت لظىً أغبرا
ومَن أصبحت (أورشليم)
ارتدت سواها وكان اسمها (خيبرا)
* * *
أشبن الدهور وماشبن، كيف
نضوج الوبال الذي أدهرا؟
رمين هنا وهنا بالغزاةِ
وجرّحن بالشُّرَّد المهجرا
تغايرن مثل فصول السنين
وأشبهن في الزرقة الأبحرا
* * *
فهذي دخانيةٌ، أختها
جليديَّةٌ تلبسُ الأسمرا
وتلك اسمها النفط، هذي الجفاف
وتيك اسمها السِّيخ والكُنترا
وأخرى بلا اسمٍ وأخرى بلا
صفاتٍ، وموصوفةٌ لاتُرى
* * *
فياعيد أين هلال الشعوب
لماذا انطفا قبل أن يُقمِرا؟
أخِلت زمان الغزاة انقضى؟
فهذا الهشيم الذي أثمرا
برغمي حسا الأطلسيُّ الخليج
ولصَّت عيون المها (بربرا)
* * *
وهذي القناديل هل تستبيك
أليس دجاها عليها افترى؟
أتسألُها عن سهاد الرصاص
ومِن أين يسري وكيف انبرى؟
ولا تدَّريه رعاة النجوم
لمأتاه مِن حيث لايُدَّرى
لقد كان (غارُ حرىً) مأمناً
فأمسى الردى ينبري مِن حُرى
وهذي الإضاءات لاتهتدي
وتَهدي المسدس والخنجرا
* * *
فياعيد مَن عبَّأ الضوء موتاً
ودسَّ بآباطه العسكرا؟
وعلَّمه أن يحيل المرور
ندىً أسوَداً وحصىً أحمرا
ولم يكنس القتل أضنى البيوت؟
أمِنها يسمِّنُ رمل العرا؟
* * *
أيفتيك هذا السنى كم رأى
يقين الضحايا وفيها امترى
أما تجتلي كل برقٍ يفرُّ
مِن الرعد مِن قبل أن يُمطرا؟
إذا لم تشاهد ظلام الضيا
زريّاً، فأيكما المُزدرا؟
* * *
هل الأرض غير التي زرت أمس؟
أطارت بحورٌ وماجت ذُرى؟
أتسمع أبواق هذا وذاك
تزفُّ على الريح قيء الهُرا؟
أما كان للريح كل الفضا
فمن ذا احتواها ومَن ذا اكترا؟
* * *
أنا ضيفك الآن ماذا دهاك
وأنسى محيّاك خصب القِرى؟
تريد أُهنِّي بك العالمَينْ
وأرجو لك السُّكْر والسُّكَّرا
وأحدوا إلى كل ملهىً خطاك
وأسترقص الليل والسمَّرا
وهل أنت تعرف ماذا حملت
فيدري المغني بما بَشَّرا؟
* * *
يرى السُّوقُ طالعَك (المشتري)
فكم باع لحماً وماذا اشترى؟
دعوا ذاك نجمي، ولكن متى
أمَن كان يدري طوى مادرى؟
* * *
وهل أنت غيرُك في كل عامٍ
أبدَّلْتَ في السير أو في السُّرى؟
ترى جئت أم عدت؟ قد أنتحي
أماماً وانتهج القهقرى
تُحنّي بماء الحديث القديمَ
وتَرقَعُ بالمقبل المُدبرا
* * *
لماذا تعود ولاينثني
إلى العُمْر أموات هذا الورى؟
فيرجع (أخيَلْ) يحث الخيول
إلى قلب (يافا) و(انكلترا)
* * *
أيغريك ياعيد ركض القصيد
وأن يتبع الشاعر الأشعرا؟
وهل تستجيد إذا غاب (قَسٌّ)
أتى (باقِلٌ) يركب المِنبرا؟
* * *
لماذا ترى وجه هذا الزمان
كما يقرأ الأعمش الدفترا؟
أيعييك عصرٌ يقولون أنت
مخضت لأيامه الأعصرا؟
* * *
ألا تحلم الليل كالكادحين
وتلقى ضحىً عكس رؤيا الكرى؟
سكتَّ لماذا، لسقم الكلام
أو ان السؤال عليك اجترا؟
لعلمي بأن الخطير المخيف
يحثُّ على نفسه الأخطرا
 
 
عبدالله صالح حسن الشحف البردوني (1929 - 30 أغسطس 1999) شاعر وناقد أدبي ومؤرخ ومدرس يمني تناولت مؤلفاته تاريخ الشعر القديم والحديث في اليمن، ومواضيع سياسية متعلقة ببلده أبرزها الصراع بين النظام الجمهوري والملكي الذي أطيح به في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 .
 
وغلب على قصائده الرومانسية القومية والميل إلى السخرية والرثاء وكان أسلوب ونمطية شعره تميل إلى الحداثة عكس الشعراء القبليين في اليمن.
 
*عبدالله البردوني – 1988م